ما المتوقع من البرلمان؟!

من حيث الهيكل، لا تختلف موازنة العام 2021 عن الموازنات السابقة، مازال العجز يتفاقم والمديونية في مستويات قياسية، إن كان بالقيمة المطلقة أم بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، بغض الطرف عن استثناء بند هنا أو بند هناك، وما يتبعها من أعباء خدمة الدين.اضافة اعلان
ما تم تخصيصه لخدمة الدين، من أقساط وفوائد، في العام الحالي 2021 حوالي 1.5 مليار دينار، وهذا يعادل 70.7 بالمائة من مقدار عجز الموازنة؛ الدين مرتفع وخدمته في ازدياد وهو ما يرهق الموازنة وهذا الخلل الهيكلي ما زال رفيق الموازنات.
اللجنة المالية في مجلس النواب أوصت في تقريرها الذي صدر منذ يومين بتخفيض النفقات في الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية بمبلغ 148 مليون دينار، وبواقع 85 مليون دينار من الموازنة العامة و62 مليون دينار من موازنة الوحدات الحكومية. وتركز التخفيض في بند النفقات الرأسمالية وبقيمة 66 مليون دينار مما أضعف من مساهمة الاتفاق الحكومي في احداث نمو اقتصادي، المملكة في أمس الحاجة اليه.
كنا نتوقع من اللجنة المالية في مجلس النواب خطوات جدية في سبيل تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة العام 2015. فإلى جانب مسؤوليتهم الدستورية، يملك البرلمانيون فرصة في لعب دور مهم في دعم ورصد تنفيذ أهداف التنمية المستدامة. فقد أقر إعلان خطة التنمية المستدامة للعام 2030 واقع الدور الأساسي للبرلمانات الوطنية في سنهم للتشريعات والمُصادقة على الموازنات، وكذلك دورهم في ضمان المساءلة من أجل التنفيذ الفعال لالتزامات الدول في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. فأعضاء البرلمان هم في موقع منفرد ليكونوا بمثابة حلقة الربط بين الشعب ومؤسسات الدولة، وتعزيز وتبني سياسات وتشريعات محورها الناس، بحيث لا يهمش فيها أحد.
كنا نتوقع من اللجنة المالية في مجلس النواب اتخاذ خطوات متقدمة في ظل هذه الظروف الصعبة لتعزيز شبكة الأمن الاجتماعي وذلك بتحويل مبلغ 148 مليون دينار الى الفئات المستحقة للدعم بدلا من تخفيضه من النفقات، وخصوصا أن البيانات المتوفرة عن رصيد حساب صندوق همة وطن تشير الى انخفاضه من 94.4 مليون دينار ليصل اليوم الى 1.2 مليون دينار فقط. فلا بد أن تساهم خزينة الدولة في دعم الفئات الفقيرة وأن يتأكد أن الدعم مستمر للفئات الأكثر استحقاقا.
ارتفاع فاتورة الرواتب والأجور والتقاعد يعنى أن الدولة ما تزال هي المشغل الرئيس والمولد لفرص العمل، فأين دور القطاع الخاص. المطلوب إعادة إطلاق يد القطاع الخاص ليكون شريكا فاعلا في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإيجاد فرص عمل جديدة. نأمل من البرلمان ايجاد الآليات المناسبة لتفعيل دور القطاع الخاص في مختلف محافظات المملكة وقطاعاتها الاقتصادية. وهنا يأتي دوره في تفحص الخلل الذي يعتري النافذة الاستثمارية التي فتحت ولكنها لم تُحدث نقلة نوعية في آلية عمل البيروقراطية التي تضع سياسات الاستثمار وتنفيذها.
نحتاج إلى إعادة صياغة لبنود الموازنة، ونحتاج إلى توحيد موازنة الحكومة المركزية مع موازنات الوحدات الحكومية، فيتم تقديم موازنة مجمعة من حيث الإيرادات والنفقات والعجز حتى لا نبقى نتكلم عن عجز في الموازنة العامة بعيدا عن العجز المجمع الذي يضاف له عجز الوحدات الحكومية.
الموازنة خطة مالية مستقبلية، نحتاج إلى منهجية من المحاسبة والمراقبة على تنفيذ بنود هذه الخطة المالية من البرلمان، تتوافق مع المعايير المحاسبية، أو على الأقل عمل مراجعة دورية لأداء الاقتصاد الوطني ضمن معايير إنجاز ومؤشرات أداء متفق عليها مسبقا.