ما بعد النتائج!

الآن وبعد أن أعلنت نتائج امتحان الثانوية العامة (التوجيهي)، يبدأ الناجحون وأسرهم بعد فرحهم، بالبحث عن التخصصات الجامعية المناسبة لهم والتي بالضرورة تناسب العلامات التي نالوها في الامتحان.اضافة اعلان
ومن المؤكد، أن المتفوقين، وهم كثر في هذه الدورة لـ"التوجيهي"، أن يتوجهوا إلى التخصصات التي تعتبر مهمة ومرغوبة، ونقصد بها الطب وطب الأسنان والصيدلة والهندسة بأنواعها المختلفة. وطبعا، هذا مشروع ومعروف في الوقت ذاته، فهذه التخصصات براقة ولها وضعها المميز في المجتمع، ويعتقد الأهل والطلاب أن من يدرسها سيجد العمل سريعا، والدخل المالي الكبير من ورائها.
وبالرغم من كل المناشدات والتوضيحات التي تقوم بها جهات حكومية ومنظمات مجتمع مدني ونقابات مهنية بضرورة اختيار التخصصات غير المشبعة وغير الراكدة ، والابتعاد عن المشبعة والراكدة ومنها بعض التخصصات البراقة كالهندسة وطب الأسنان والصيدلة، وحتى الطب، فإن الكثير من المتفوقين يتجهون باتجاهها، ولايبالون بكل التحذيرات مع أنها منطقية ومبنية على حقائق وأرقام وإحصائيات من سوق العمل.
اعتقد أن مسؤولية اختيار التخصص المناسب لا تقع فقط على الأهل والطلاب، فهم يرغبون بأفضل التخصصات، وانما تقع أيضا على الحكومة ومؤسسات التعليم العالي. فالحكومة ومؤسساتها للتعليم العالي، لايجب أن يقتصر دورها على النصح والمشورة، فهي قادرة على اغلاق أو تحديد عدد الطلاب الذين سيقبلون سنويا في التخصصات الجامعية الراكدة والمشبعة.
لا يجب تبديد الفرحة بالنجاح والحصول على معدل عال، باختيار تخصص مشبع وراكد في سوق العمل، بحيث يدفع الطالب مبالغ كبيرة من أجل هذا التخصص، ويعاني لاحقا من الحصول على فرصة عمل بالمستقبل، وقد لا يحصل عليها، ويضطر للعمل في غير تخصصه.
وطبعا، في كل سنة، وبعد إعلان النتائج يقال مثل هذا الكلام الذي يتضمن دعوات ومناشدات وتحذيرات، ولكننا نقع في المحذور، وينضم سنويا آلاف الخريجين للعاطلين عن العمل، مع أنه كان بامكانهم تجنب ذلك، وكان بامكان الحكومة تجنب ذلك.
نحتاج فعلا لسياسة حكومية مختلفة فيما يتعلق بالتخصصات الجامعية، يكفينا التنظير السنوي بضرورة ربط مخرجات التعليم بسوق العمل، يجب العمل فعلا دون المزيد من الكلام والتصريحات والتنظير، بربط مخرجات التعليم بسوق العمل، فأي تاخير يضر بالطلبة وأسرهم والمجتمع والدولة.
وإلى حين تحدث هذه "المعجزة"، فإن الطلبة وأسرهم بمراعاة مصلحتهم، والاستماع إلى النصائح وتجارب الآخرين، فسوق العمل بهذا العصر مختلف كليا، وهناك تخصصات كانت غير معروفة ، ومنها كانت غير مرغوبة سابقا، يعمل خريجوها ويجنون الدخول المالية المناسبة التي تؤمن حياة مستقرة لهم. وهي بالمناسبة مفيدة جدا للمجتمع وتطوره وتقدمه.
بعد النتائج، المطلوب من الطلاب وأسرهم التروي والتأني قبل اختيار التخصص، والابتعاد عن التخصصات البراقة فهي لا تفيد في هذا الوقت، وايجاد التخصصات التي تناسب تطلعاتهم وأيضا لها نصيب في سوق العمل.