ما بعد وليد الكردي

غادر وليد الكردي المملكة، وهو اليوم مقيم في بريطانيا، ولم يمثل أمام لجان التحقيق سواء تلك التابعة لهيئة مكافحة الفساد، ولا لجنة التحقيق النيابية.
ذهب الكردي وملف التحقيق ما يزال مفتوحا أمام الهيئة، والرأي العام بانتظار نتائج التحقيق، التي لا أدري كم ستكون دقيقة في ظل استمرار غياب الرجل الأول في شركة الفوسفات عن جلسات التحقيق.اضافة اعلان
السؤال الأهم، ما مصير الشركة بعد رحيل الكردي الذي سيطر عليها لسنوات طويلة؟ وهل كل ما يتعلق بسياسة الإدارة وأسلوبها تغير أم أن التغيير سطحي وشكلي فقط، فيما الأمور في الواقع على حالها المرير.
تدارك الخطأ الفادح لم يتم إلى الآن، والأمور بداخل الشركة لم يطلها أية تغييرات، فخروج الكردي من الشركة لا يعني أبدا أن كل الأخطاء تبخرت برحيله.
الأنباء القادمة من دهاليز الشركة تؤكد أن الأمور ليست على ما يرام، والتعيينات التي لحقت بمجلس إدارة الشركة لم تغير من الحال شيئا، وموقع رئيس المجلس ما يزال شاغرا بانتظار قرار من حكومة بروناي.
للأسف، فإن حالة من الفوضى تعم الشركة والتفاصيل اليومية لعملها ما تزال تمثل انعكاسا لما تم في الماضي، إذ يقال مثلا إن البعض ما يزال يستفيد بالملايين مقابل عمولات قيمتها 25 قرشا عن كل طن يحصل عليها من الهند، وهذه الانباء بحاجة للرد عليها.
سياسة الإنفاق داخل الشركة على حالها واقتناء السيارات الفارهة مستمر، واستعمال البطاقات الائتمانية التي تصل قيمتها 100 ألف دينار ما تزال بحوزة العاملين.
ثمة أحاديث تدور حول حفلات زفاف تمت على حساب الشركة، وعقود الرواتب الخيالية على حالها ومنها على سبيل المثال لا الحصر مهندس عمره 32 عاما ويتقاضى راتبا قدره 6000 دينار شهريا.
كما أن محاولات تدمير أداء الشركة المالي من بعض العاملين فيها قائمة؛ إذ يحدث مثلا أن يتخذ قرار بتجميد إنتاج وبيع الفوسفات من قبل الإدارة، وحفظ كميات من الفوسفات تصل قيمتها نحو 55 مليون دينار في المخازن، رغم أن تخزينها لفترات زمنية طويلة يؤدي إلى تحللها وفقدان قيمتها، وكأن الهدف تعظيم الخسائر لايصال رسالة مفادها أن الشركة بدأت تتكبد الخسائر بعد فتح ملفات الفساد.
لولا تدخل هيئة مكافحة الفساد التي ضغطت لإتمام عملية البيع وإجبار الشركة على بيع الكميات المخزنة قبل فوات الأوان لوقعت هذه الخسائر بالفعل.
أحوال شركة الفوسفات كانت أكثر ما أثار حنق الأردنيين الذين رفعوا شعار محاربة الفساد، لشعورهم بأن مقدرات بلدهم من الفوسفات ضاعت بدون أن تنعكس على حياتهم ولم تستفد منها الأجيال الحالية ولا القادمة إن بقي نهج الإدارة على حاله.
أموال الفوسفات التي ضاعت وتلك التي تضيع اليوم لن يسكت عنها، والفساد الذي طال صفقات الشركة وملف العمولات ما يزال مطلبا شعبيا وجب البت فيه سريعا، خصوصا أن تلك الممارسات أضاعت مئات الملايين على الخزينة والبلد.
استعادة الحقوق المنهوبة والمهدورة، ومعالجة التفريط في حقوق البلد، مسألة حساسة ومستعجلة، يلزم التعجيل بحسمها، من خلال إعادة تشكيل مجلس الإدارة بالكامل، فالمشكلة ليست مرتبطة بشخص بل بفريق كان يعمل بمعية الكردي، وإصلاح الحال يتطلب مراجعة كل تفاصيل الشركة.
إن استعجال إنهاء التحقيق في ملفات الشركة لدى الهيئة وإعلانها للرأي العام، سيسرع عملية معالجة الاختلالات في الشركة، حتى يتم فعلا الحفاظ على أموال الشركة، إضافة إلى أهمية مراجعة الاتفاقية وتعديل نوعية الضرائب المفروضة على قطاع التعدين بحيث يكون أكثر إنصافا للبلد.
وفق المعلومات السابقة يرتفع منسوب القلق على مصير الشركة، وتدارك تفاقم المشكلة يحتاج الى معالجة حقيقية لأوضاع الشركة.

[email protected]