ما تفهمه إدارة ترامب خطأ بشأن الاحتجاجات في إيران

جيسون رضيان – (الواشنطن بوست) 26/11/2019
ترجمة: علاء الدين أبو زينة

الاحتجاجات في إيران تتواصل، وهو ما لا ينبغي أن يكون مفاجأة لأحد. فلهذه الاحتجاجات عميقة الجذور وطويلة الأمد -وهو السبب في أنها ستثور مرة أخرى حتى لو تمكن النظام من إخمادها هذه المرة أيضاً.
ومع ذلك، تشكل الاحتجاجات في هذه الأثناء تحدياً صعباً لصانعي السياسة في الولايات المتحدة. ينبغي لنا أن ندعم الإيرانيين الذين يريدون حكماً أكثر تمثيلاً وخضوعاً للمساءلة. ومع ذلك، يجب أن نفعل ذلك بطرق لا تتسبب في إحباط جهودهم. وقول هذا أسهل كثيراً من فعله.
يشكل الإلماح إلى رغبتنا في المساعدة أمراً بالغ الأهمية، ولكن، يجب أيضاً تجنب أي خطوة قد تؤدي إلى رد فعل من النظام، والذي قد يكون أكثر وحشية من الاستجابة الدموية التي رأيناها مسبقاً. وسوف يتطلب الأمر لمسة رقيقة. ولكن، أياً يكن ما تفكر فيه بخلاف ذلك، فلن يتم تذكُّر إدارة ترامب على رقتها.
تشكل إيران قضية جيوسياسية واستراتيجية هائلة. وكان هذا صحيحاً حتى قبل ثورة 1979 التي أطاحت بالشاه، عندما كانت طهران حليفاً وثيقاً للولايات المتحدة. أما اليوم، فإن حقيقة أن ذلك البلد هو العدو الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط تساعد في تعقيد وتعميق المخاوف الأمنية العديدة في المنطقة. وإذن ليست الكيفية التي نتعامل بها مع إيران –ومع تطلعات شعبها- قضية متعلقة بواحد من الحزبين.
حتى الآن، كانت رسائل ترامب ومتابعة إدارته بشأن إيران غير منسجمة على الإطلاق. وهذا مؤسف حقاً. فالوضع الحالي يمنح الولايات المتحدة فرصة لعمل بعض الخير الحقيقي؛ وحتى الآن، لم تنجح في الاستفادة منها.
في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، في منتدى هاليفاكس للأمن الدولي في نوفا سكوتيا، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، مورغان أورغتوس، أنها التقت بخبراء إيرانيين هناك وسمعت أفكاراً حول الوضع الإيراني، والتي من شأنها "تشكيل وصقل الطرق التي نتواصل بها مع المحتجين هناك".
على وجه التحديد، قالت أورغتوس أن وزارة الخارجية كانت تحاول "جمع المعلومات" حول الاحتجاجات، "لمعرفة ما يجري، وتسليط ضوء على انتهاكات حقوق الإنسان". وهذه خطوة مرحب بها، لكن على المسؤولين الأميركيين أن يكونوا يقظين إزاء ماهية المعلومات التي يشاركونها وكيفية مشاركتها.
يتم بالفعل فرز الإيرانيين -فردياً وبشكل جماعي- للتعاون مع الولايات المتحدة وغيرها من الجهات الأجنبية خلال الاحتجاجات. وينبغي على واشنطن أن تتجنب أي خطوة يمكن أن يُساء فهمها بحيث تشير إلى تنسيق مع المحتجين. ومع ذلك، لا يبدو أن الإدارة تدرك هذا.
على سبيل المثال: تم اعتقال محمد مساعد، الصحفي المحلي الذي كان يعمل في صحيفة الشرق، أبرز الصحف المؤيدة للإصلاح في إيران، بعد فترة وجيزة من تبادل مسؤولي وزارة الخارجية وآخرين إحدى تغريداته حول إغلاق الإنترنت. وتم تعليق حساب مساعد على "تويتر".
يطرح قرار الحكومة الإيرانية بمنع البلد بأكمله من الوصول إلى الإنترنت قضية شائكة أخرى. وقال مبعوث وزارة الخارجية الإيرانية، براين هوك، أنه طلب من عمالقة وسائل الإعلام الاجتماعي، بما في ذلك "تويتر" و"إنستغرام"، حجب حسابات كبار المسؤولين الإيرانيين. لكن هذه مشكلة ثانوية نسبياً وخطابية في هذا السياق.
وفي الحقيقة، سوف يكون من شأن التراجع عن السياسات التي منعت الإيرانيين في السنوات الأخيرة من استخدام المنتجات الأساسية التي تسوق عبر الإنترنت، مثل "خدمات أمازون على الإنترنت"، و"مخزن تطبيقات أبل"، و"حلول غوغل للأعمال"، أن يُحدثَ فرقاً أكبر بكثير من إبعاد الزعيم الإيراني الأعلى عن "تويتر".
مع ذلك، كانت أكبر استجابة سياسية لإغلاق الإنترنت هي التحرك لمعاقبة محمد جواد آذري جهرمي، وزير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إيران. وعلى الرغم من أن هذا الإجراء مُستحق تماماً، فإن من غير المحتمل أن يكون له تأثير كبير. إنه لن يحرر الصحفيين أو غيرهم ممن سجنوا أثناء الاحتجاجات، ولن يكون من المحتمل أن يقلل قدرة جهرمي على القيام بعمله.
تُظهر هذه الإجراءات محدودية نفوذ الحكومة الأميركية في لحظة من الاضطراب في بلد ليس لها علاقة رسمية به. وفي هذه الحالة بالذات، قد يكون مجتمع منظمات حقوق الإنسان المستقلة أكثر ملاءمة لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في طهران ومعالجتها.
يمكن أن يكون فضح النفاق بمثابة الترياق القوي للإعلانات المعادية لأميركا من النوع الذي يطلقه المستبدون البعيدون. لكنه سيكون أقل فعالية بكثير عندما يُنظر إلى الضربة المضادة على أنها منافقة أو انتهازية بنفس المقدار. في الوقت الحالي، تخنق العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الاقتصاد الإيراني وتعرقل استيراد المواد الغذائية والأدوية، بينما يمنع الحظر المفروض على السفر أي إيراني تقريباً من دخول الولايات المتحدة.
باختصار، أنا أقترح أن نبدأ في تخفيف بعض التدابير العقابية ضد إيران، والتي يحد الكثير منها من قدرة شعبها على الكفاح من أجل التغيير.
يجب علينا الآن تطوير طرق لتمكين وتشجيع المجتمع المدني الإيراني. وحتى هذا الوقت، لم نفعل سوى التسبب له بالألم. لا يمكن لأحد أن يشير إلى أدلة تشير إلى خلاف ذلك. وإذا كنت لا توافقني الرأي، قدم بياناتك.
لقد تعلمنا الكثير عن إيران خلال الأسبوعين الأخيرين، لكننا ما نزال نتعثر ونراوح في المكان. هل نمتلك الموارد والقدرة على تحريض الغضب؟ بكل تأكيد. ولكن هل يمكننا تسهيل حدوث التغيير الإيجابي؟ ما يزال هذا غير واضح على الإطلاق.

اضافة اعلان

*نشر هذا المقال تحت عنوان:
What the Trump administration is getting wrong about the protests in Iran