ما قلته لجاريد كوشنر عن خطته للسلام في الشرق الأوسط

صهر الرئيس الأميركي ومبعوثه للسلام في الشرق الأوسط، جاريد كوشنر – (أرشيفية)
صهر الرئيس الأميركي ومبعوثه للسلام في الشرق الأوسط، جاريد كوشنر – (أرشيفية)
ترجمة: علاء الدين أبو زينة آرون ديفيد ميلر - (كومينتاري) 7/2/2020 بينما كان جاريد كوشنر يجري أبحاثه ويقوم بمشاوراته حول خطته للسلام في الشرق الأوسط، استشار أحد كبار زملاء معهد كارنيغي، آرون ديفيد ميلر، من بين آخرين. * * * مباشرة بعد إطلاق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المنتظرة منذ وقت طويل، "من السلام إلى الازدهار"، قال جاريد كوشنر للصحفية كريستيان أمانبور (من محطة سي. إن. إن) إن بعض الانتقادات التي توجهت إلى جهوده جاءت من وسطاء سلام سابقين، حاولوا -وفشلوا- في حل النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. وبما أنني كنتُ قد عملت على هذه المشكلة التي لا تنتهي لجزء لا بأس به من عقدين من الزمن في ظل كل من الإدارات الجمهورية والديموقراطية في الولايات المتحدة، وبعد أن انتقدت بشدة وبلا هوادة ما اعتبرته خطة سلام غير مناسبة ولا ترقى إلى المستوى، لا شك في أنني كنت واحداً من الناس الذين كانوا في باله لدى إجراء مشاوراته. ومع ذلك، مما يُحسب لكوشنر أنه التمس نصيحتي، من بين آخرين، منذ أن تولى دوره بصفته مبعوث صهره للسلام، بكل لطف واحترام. فيما يلي أهم أربعة دروس نقلتها إليه. أما أنه لم يأخذ بنصيحتي، فلم يكن ذلك مفاجئاً. فبعد كل شيء، كنت صانع سلام فاشلاً، وقد أوضح لي كوشنر بلا مواربة في لقائنا الأول أنه مصمم على فعل الأشياء بطريقة مختلفة تماماً. وهذا عادل بما يكفي. كانت لدينا فرصتنا في ظل الرؤساء الجمهوريين والديمقراطيين السابقين. والآن جاء دوره هو. لكنني أعتقد أن رسالتي الرئيسية لم تصله. كان الذي شكل ملاحظاتي هو الفشل، وقدمتها في محاولة لمنع تكرار الأخطاء. ولست معجباً بهذا الرئيس، لكنني أخبرت كوشنر بأنه إذا نجح، فإنني سأكون من أول يفتح زجاجة شمبانيا. وإذا فشل في تقديم شيء ذي مصداقية، فيمكنه الاعتماد على أنني سأقول ذلك. كان هذا ما قلته له: 1. مهمة مستحيلة في المرة الأولى التي التقيت فيها بكوشنر، قلت له بلهجة نصف مازحة إنني أتمنى لو كان والد زوجتي يثق بي بقدر ما يثق به صهره، لأنه أعطي وظيفة مستحيلة. وبالنظر إلى الفجوات بين جانبي الصراع بشأن جميع القضايا الأساسية، وخاصة القدس وحدودها، وعمق انعدام الثقة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والسياسة المثيرة للانقسام على كلا الجانبين، فإن احتمالات نجاح خطة كبيرة كانت من ضئيلة إلى لا شيء. قال إن صهره يريد خطة سلام كبيرة. قلت لا بأس. ولكن كن حذِراً جداً. إنه إذا لم يحترم القضايا وفضل بشكل صارخ جانباً واحداً على الآخر، فقد ينتهي به الأمر إلى جعل الموقف السيئ أسوأ بكثير. 2. لا تتجاهل الماضي اقتبست من فولكنر في "قداس راهبة" قوله: "الماضي لا يموت أبداً. بل إنه ليس ماضياً". وأوضحت له كيف أن هذا ينطبق بشكل هائل على النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وإذا كان ثمة مشكلة كان الماضي مقدمتها، فهذه هي. وبدلاً من تجاهل ما حدث في السابق بشكل تعسفي، لا سيما فيما يتعلق بالمكان الذي يتواجد فيه الطرفان، فقد نصحته بدراسة ما حدث للبحث عن طرق لتشكيل نوع مختلف من المستقبل، مع أخذ دروسه بعين الاعتبار. ليس عليه أن أن يكون عالقاً في الماضي بالضرورة؛ لكنه لا يستطيع أن يتجاهله. قلت له إنك إذا لم تكن تعرف أين كنتَ، فإن فرص معرفة أين يمكنك أن تذهب ستكون ضئيلة للغاية. لا ينبغي أن يكون الماضي سجناً. ولكن لا يمكنك أن تبدأ من الصفر، أو التظاهر بطريقة ما بأن الماضي غير موجود. وبدا لي عازماً على القيام بذلك على وجه التحديد، والقيام بذلك بطريقته الخاصة -مثل نوع من فرانك سيناترا لعملية السلام. 3. لا تكن محامي إسرائيل أخبرته بأنني استرجعت هذه العبارة من مذكرات هنري كيسنجر والتي قالها لوزير الخارجية السابق جيمس بيكر، الذي أحب بدوره هذه الكلمات واعتنقها عندما حضر مؤتمر مدريد للسلام في العام 1991. ولم يعنِ هذا أن الولايات المتحدة لم تكن أقرب حليف لإسرائيل؛ لقد أقام بيكر علاقة جيدة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، إسحق شامير، على الرغم من التوترات. أوضحت أن زبون كوشنر ليس إسرائيل أو الفلسطينيين، وإنما هو اتفاق. إنك تحتاج إلى تدافع عن كلا الجانبين، وإلا فلن تتمكن غالباً من النجاح. وقال كوشنر إنه سيجعل من المستحيل على نتنياهو أن يقول لا لترامب، من خلال إيضاح شيء بشكل لا لبس فيه، وهو أن الولايات المتحدة تقف في وراء إسرائيل وتدعمها. هذا جيد، أجبته. ولكن إذا كان كل شيء عسلاً لإسرائيل وخلاً فقط بالنسبة للفلسطينيين، فلن تكون هناك أي فرصة لأن ينجح هذا المسعى. 4. ما هو النجاح؟ أخيراً، سألني جاريد كوشنر كيف يمكن أن أحكم على النجاح. قلت له إنني سأشعر بالإعجاب إذا قال الإسرائيليون، والفلسطينيون، والعرب والأوروبيون -وفي الحقيقة المجتمع الدولي بأسره- في اليوم التالي للإعلان عن الخطة بشكل أساسي: "أتعلمون، هناك أشياء هنا لا نحبها. لكننا يجب أن نسند إلى إدارة ترامب الفضل، لأنهم ناضلوا حقاً بنزاهة وصدق مع القضايا وأنتجوا إطاراً لمفاوضات يمكن أن تؤدي إلى اتفاق". إذا كان هذا هو رد الفعل، سيكون قد حقق نصراً كبيراً. ومع ذلك، فإن آخر شيء تحتاجه الولايات المتحدة هو طرح خطة سلام فاشلة أخرى. لكن هذا، للأسف، هو ما لدينا بشكل شبه مؤكد الآن. وسيكون الأسوأ من الفشل نفسه إذا أعطت الولايات المتحدة الضوء الأخضر للضم الإسرائيلي لغور الأردن أو الغالبية العظمى من مستوطنات الضفة الغربية. ولكن، حتى لو لم تتصرف حكومة نتنياهو الحالية بهذه الطريقة، فإن شروط هذه الصفقة تضع وزناً خارقاً في صف الاحتياجات والمتطلبات الإسرائيلية وضد المصالح الفلسطينية في قضايا إقامة الدولة والقدس، بحيث لا تشكل الخطة ببساطة أساساً لمفاوضات جدية، ناهيك عن إمكانية أن تسفر عن اتفاق. لكن من الممكن تماماً عندئذٍ -بل وربما من المرجح- أن حسابات كوشنر ستتحول في مرحلة ما، بعد أن تم تكليفه بمسؤولية إصلاح مشكلة كان يعرف أنه لا يستطيع حلها، إلى مقاييس أخرى للنجاح. أولاً، سوف يتشجع بديمومة نتنياهو السياسة بحيث أنه ربما يكون ما يزال موجوداً في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020 لكي يتم استخدامه لدعم حملة ترامب لإعادة انتخابه، وبطبيعة الحال لتأمين دعم قاعدة ترامب الإنجيلية والمحافظة. ثانياً، طرح رؤية، بدلاً من خطة تشغيلية، والتي تعيد صياغة سياسة الولايات المتحدة تجاه حل الدولتين والتي تتبع وتراعي عن كثب الآراء والمشاعر القوية المؤيدة لإسرائيل لدى مهندسي الخطة. ولا يمكن إلقاء اللوم على إدارة ترامب لفشلها في المساعدة على إيجاد حل الدولتين؛ الآن، لا تستطيع أي إدارة أن تفعل. لكن من المحتمل كثيراً أن تساعد تصرفات ترامب على دفن إمكانية لتحقيق هذا الحل في عهده. *نشر هذا المقال تحت عنوان: What I Told Jared Kushner About His Middle East Peace Planاضافة اعلان