ما لم تفعله عشر سنوات

إسرائيل هيوم

حاييم زيسر

 -22/4/2020

ما لم تفعله عشر سنوات من الحصار والضغط العسكري المتواصل، فعله في غضون أقل من شهر وباء الكورونا. تبدي حماس التي تظهر كمضغوطة ومهددة اكثر من اي وقت مضى، وهذه المرة من عدو غير مرئي، علائم الضائقة، تحرص للحفاظ على هدوء تام على طول الحدود، وتبث استعدادا غير مسبوق للوصول الى تسوية بعيدة الاثر مع اسرائيل.
جاء من القطاع في هذه الاثناء انباء عن 12 مريض كورونا مؤكدين فقط. وظاهرا يبدو أن وضع انتشار المرض تحت السيطرة. غير أنه من الصعب الثقة بالمعطيات بل واكثر من ذلك بالجهاز الصحي. فمع أن فحوصات الكورونا تجرى في اسرائيل، الا ان المسؤولية عن صحة السكان في غزة ما تزال في يد حماس، التي اتخذت سلسلة خطوات كاقامة منشآت حجر أو فرض القيود على الحركة في الشوارع.
ان الخوف من تفشي الكورونا في غزة يقلق جدا اسرائيل، التي ترى نفسها، بل ويراها العالم، كمن ما تزال تتحمل المسؤولية عن غزة؛ تذكير لكل من ظن أو سعى للتصديق في العام 2005 باننا بالفعل فكينا الارتباط عن غزة. ولكن التخوف من الفيروس يقلق حماس اكثر من غيرها وهي التي يخيف زعماؤها جدا آثار الوباء على مكانتها بين سكان القطاع.
ان الازمة الاقتصادية التي نشبت في اعقاب الوباء فاقمت فقط الضائقة في غزة، مثابة القشة الاخيرة. فالانتقاد والاحتجاج على الارتفاع في معدلات البطالة، غلاء المعيشة، النقص في الغذاء وغيره، يوجهان نحو الحاكم، منظمة حماس. ما اكتشفه عرب اسرائيل، وفي اعقابهم ايضا الفلسطينيون في يهودا والسامرة، يكتشفه الآن ايضا سكان غزة بمن فيهم ايضا زعماء حماس – اذا لم تكن اسرائيل لي – فمن لي.
والنتيجة هي تخفيف حدة النبرة وانزال الاعلام، وفي واقع الامر تلويح متردد بالعلم الابيض. قبل بضعة اسابيع فقط، قبل نشوب الازمة، هدد زعيم حماس في غزة، يحيى النوار، بوقاحة مميزة ومثيرة للحفيظة، بانه "سيمنع 6 ملايين اسرائيلي من القدرة على التنفس"، وهكذا سيجبر اسرائيل على أن تزوده بمعدات التنفس وغيرها من المساعدات الطبية التي تحتاجها حماس. اما الآن فقد تغيرت النبرة وبات رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية يتحدث عن الكورونا كتهديد استراتيجي مشترك يقف الكل امامه، وعن مفترق طرق تاريخي يسمح بالوصول الى اتفاق.
ان المسألة الاولى في سموها هي بالطبع حل اعادة الجثمانين المفقودين وتحرير الاسرائيليين المعتقلين لدى حماس. لهذا الغرض تستخدم حماس القلق على صحة الأسرى الفلسطينيين في اسرائيل كسلم للنزول عن الشجرة العالية التي تسلقت عليها والوصول الى توافق في هذه المسألة مع اسرائيل، ولكن واضح للجميع ان حل هذه المسألة سيكون فتحة لتوافقات في مسائل عديدة اخرى. في هذه الاثناء، توقفت المسيرات نحو الجدار الحدودي كما توقف اطلاق الصواريخ نحو اسرائيل أيضا.
ان المعضلة التي تقف امامها اسرائيل واضحة. فمن جهة، يوجد احتمال لحل مسألة انسانية حساسة وذات اهمية جماهيرية من الدرجة الاولى، ولاحقا توجد ايضا امكانية لتسوية تضمن هدوءً لزمن ما على الحدود الجنوبية. بالمقابل، تجتذب اسرائيل الى تدخل متزايد في ما يجري في غزة، بداية في كل ما يتعلق بالكورونا، ولكن بعد ذلك ستأتي مسائل اخرى من شأنها ان تعيد اسرائيل الى غزة والى المسؤولية عن سكانها. وهكذا قد تجد اسرائيل نفسها تراوح بين سلطة فلسطينية أ في رام الله وسلطة فلسطينية في غزة.

اضافة اعلان