ما نريد وما لا نريد

اذا قسمنا 5 آلاف ليلة على 104 نواب قال تقرير ديوان المحاسبة انهم قضوها في الخارج، تكون حصّة كل نائب 48 ليلة خلال 4 سنوات،  أي 12 يوما في السنة، أي يوم واحد كل شهر. وهي بالطبع ليست موزعة بالتساوي وهناك 4 نواب لم يشاركوا ابدا أو لم يقبضوا مياومات.

اضافة اعلان

اذن قضى كل نائب خارج البلد على حساب الخزينة يوما من كل شهر من كل سنة طوال 4 سنوات. هذا كثير، اليس كذلك؟!

يدافع رئيس مجلس النواب بالقول ان السفر هو في مهمّات تخدم الوطن وتساعد النواب على تطوير معارفهم وخبراتهم وثقافتهم. لا اعتراض من حيث المبدأ على هذا التفسير لو أن النواب كانوا يستغلّون السفر حقا لهذه الغاية، لكن الأغلبية لم تكن تستفيد ولا هي قادرة على الاستفادة بالمعنى الذي قاله رئيس المجلس، والحقيقة ان المزيد من السفر ولعدد اكبر كان يعرضنا فقط للبهدلة في الخارج. والكثير من النواب كانت تهمّهم المياومات وهم يحصلون عليها كاملة رغم ان كلفة السفر تكون بالعادة مدفوعة بالكامل من الجهة المضيفة.

مستوى ما يتوفر عليه البلد من قيادات هو بالمتوسط أعلى وافضل كثيرا مما نحصل عليه في مجلس النواب. وقد أشارت استطلاعات الرأي الى حصول النواب على درجة تقدير أدنى من بقيّة المؤسسات. والحكومة ليست راضية عن علاقة مع نواب لا تحكمها القناعات بالقوانين والسياسات بل الابتزاز من اجل التنفيعات والخدمات، والنواب ليسوا راضين عن وضعهم المرهق بين مطرقة الجمهور وسندان الحكومة واللهاث وراء المسؤولين للتوسط من اجل الناخبين.

اذن حال النواب لا يرضي الشارع ولا أصحاب القرار ولا المثقفين ولا الطليعيين في المجتمع، ولا حتّى النواب أنفسهم، لذلك يدور الحوار منذ سنوات على تغيير قانون الانتخاب لتحسين النوعية والارتقاء بالأداء، ومع ذلك ماطلنا بعناد وإصرار حتى اللحظة الأخيرة لنقول الآن انه لا تغيير على  القانون، وهذا بمثابة تمديد المجلس الحالي (مع اختلاف بالأسماء) وتثبيت المشهد القديم نفسه لأربع سنوات قادمة.

بسبب هواجس سياسية (غير مبررة من وجهة نظري) لا يريد اصحاب القرار التغيير، ولسان حالهم يقول نتحمّل هكذا مجلس نواب ونقلل اضراره بتحييده قدر الإمكان، ونعتمد على النخب الصاعدة والمتعلمة من التكنوقراط والكفاءات.

كل هذا التحفظ والتردد لا يفيد وليس جيدا للبلد. هذه وصفة توفيقية، بل اكاد اقول تلفيقية تقترح مشية عرجاء في  ميدان مفتوح للسباق.

[email protected]