ما هي هوية الاقتصاد الأردني؟

سلامة الدرعاوي

هل تستطيع أي جهة كانت سواء داخلية أم خارجية بإطلاق وصف علمي دقيق للاقتصاد الوطني، في حين نتعرف في النهاية على هويتنا الاقتصادية؟.اضافة اعلان
طبعاً ليس من السهولة إطلاق وصف محدد على الاقتصاد الأردني الذي تتلخبط أوصافه عند التدقيق على أرض الواقع لكيفية المسار الاقتصادي للخزينة على سبيل المثال لا الحصر.
قد يقول قائل إن الاقتصاد الأردني اقتصاد حر رأسمالي، وهذا كلام صحيح، فهناك حرية مطلقة في انتقال رؤوس الأموال والعمال من المملكة لخارجها، والاقتصاد الوطني بداخله نظام مصرفي قد يكون الأكثر تطورا وديناميكية في المنطقة، وهذه كلها مؤشرات وتوجهات بأن اقتصاد المملكة يسير جنبا إلى جنب مع الاقتصادات الحرة الرأسمالية.
آخر ينظر للاقتصاد الوطني بانه اقرب للاشتراكية، وهذا أيضا كلام صحيح، فاذا نظرت للميزانية العامة للدولة ستجد ان هناك مخصصات دعم مالي كبيرة لعدد من السلع والخدمات التي لا يمكن إلا أن تتواجد في أدبيات الاقتصاد الاشتراكي، وهذا الدعم كبير جدا مقارنة مع الحجم الكلي للموازنة العامة ويشكل أكثر من 10 بالمائة من الانفاق الكلي للدولة في عام، فهناك دعم السلع مثل القمح والشعير والغاز والكهرباء، وهناك دعم للمؤسسات كالجامعات وبعض الهيئات المستقلة، وهناك دعم للخدمات كالعلامات الطبية وغيرها، وهذه كلها سلوكات قريبة للفكر الاقتصادي الاشتراكي.
وقد يقول قائل إن الاقتصاد الوطني هو مزيج بين الفكر الحر والاشتراكي، بمعنى انه اقتصاد مختلط، وهذا ايضا كلام سليم، لان المتتبع للمسار الاقتصادي للميزانيات العامة للخزينة والسياسات الاقتصادية المختلفة، سيجدها تجمع بين الاثنين في كثير من الجوانب، لا حتى السلوكيات العملية للوزراء قد تجمع الصفتين في نفس الحكومة من خلال المؤدين لسياسات الدعم والرافضين لها.
شخصيا أرى ان الاقتصاد الأردني يسير بهوية واضحة أو محددة، ولا يمكن لنا أن نطلق وصفا واحدا عليه، لأنه ببساطة عندما تتنامى عجوزات الموازنة والمديونية وتصل لمراحل مقلقة خاصة مع المانحين والمؤسسات الاقتصادية الدولية، تتحول السياسات الرسمية للحكومة إلى سياسات الاقتصاد الحر الرافض لأي شكل من أشكال الدعم، حينها بدأت الحكومة بالخصخصة ورفع الدعم في الموازنة وزيادة الضرائب والرسوم المختلفة، من أجل تخفيف العجز وتوفير مخصصات مالية لسداد التزامات الخزينة.
بالمقابل، عند تنامي حراك الشارع، وتزايد مظاهر الاحتجاجات الشعبية خاصة تلك التي لها مطالب اقتصادية، سرعان ما تتحول القرارات الرسمية إلى سياسات اشتراكية، فتعمل على زيادة الدعم، ورفع الرواتب والتوظيف وغيرها من السلوكات التي تهدف اولا واخيرا إلى احتواء تلك الاحتجاجات.
عدم وجود هوية اقتصادية واحدة للمملكة هي السمة الرئيسية للاقتصاد الأردني الذي يتغير بتغير الأحداث وتطورات الأوضاع والمستجدات الداخلية والخارجية معا.