ما يزالون متلهفين للاتفاق

اسرائيل هيوم

أبراهام بن تسفي

إن حقيقة مرور موعد الاتفاق الدائم بين الدول العظمى وإيران حول السلاح النووي من غير أن يتصاعد الدخان الابيض، تثير الاستغراب. ليس هناك أي مؤشر على تراجع أو زوال اندفاع واشنطن لإنهاء المفاوضات بنجاح. بل العكس، يتبين في الأشهر الأخيرة أكثر فأكثر أن الرئيس أوباما قد حول موضوع الاتفاق إلى هدف مركزي، وأن تحقيقه سيغطي على جميع اخطاءه وفشله في الشرق الاوسط، حيث سيُبشر بذلك عن بدء مرحلة جديدة تكون فيها إيران الشريك الجديد.اضافة اعلان
أوباما مصمم ويؤمن بسياسة المصالحة، التي تستند إلى مجموعة واسعة من خطوات بناء الثقة في الاقتصاد، وتضع نظام آيات الله على خط التعامل البراغماتي والمعتدل. عن طريق جزرة الاستثمارات الاقتصادية والغاء العقوبات، يتم وضع الاساس لتعاون سياسي واستراتيجي قوي بين واشنطن وطهران، يكون مركزها استعداد النظام الإيراني للعب دور اساسي في الصراع للقضاء على داعش. ومن أجل تحقيق هذا الحلم تستمر الادارة الأميركية الآن أيضا في التدهور باتجاه الاتفاق الدائم وبأي ثمن، وهذا من خلال غض النظر والتغاضي عن استمرار العمليات الارهابية التي مصدرها العاصمة الإيرانية والتي تشمل المنطقة كلها.
ليس فقط أنه لا توجد صلة بين الموضوع النووي الإيراني وبين البعد التقليدي وما تحت التقليدي، بل إن الجوهر النووي للاتفاق مليء بالثغرات التي ستمنح النظام الإيراني الفرصة لأن يسير نحو القنبلة بعد نحو عشر سنوات، مع انتهاء الرقابة فعليا.
على هذه الخلفية، فإن حقيقة مراسيم التوقيع الاحتفالية على الاتفاق لن تتم في 9 آب كما هو متوقع، تثير الاستغراب. وتفسير هذه المفارقة التي ترتبط بطريقة غير مباشرة مع السلاح النووي، لا يؤشر على صحوة متأخرة من جانب الدولة العظمى الأميركية، بل يرتبط بالعلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا، وعلاقة أوباما مع فلاديمير بوتين، التي في مركزها عمل الكرملين العسكري المتواصل في شرق اوكرانيا والعقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا في أعقاب ذلك. على ضوء هذه العلاقات المتوترة لا توجد للبيت الابيض مصلحة في أي خطوة من شأنها تحسين ولو قليلا وضع الاقتصاد الروسي الصعب. هذه هي الخلفية بالضبط، التي تربط بين المسار الأميركي – الروسي وبين المفاوضات الحالية مع إيران.
روسيا التي تحتاج للعملة الاجنبية، بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، فهي تريد أن تدخل وبسرعة إلى سوق السلاح الإيرانية. لهذا فهي تؤيد اضافة إلى الصين طلب إيران رفع الحصار الاقتصادي وتقديم السلاح التقليدي، هذا الحصار الذي فرض في 2006 من قبل مجلس الامن التابع للأمم المتحدة. وبالذات على ضوء حقيقة وجود صفقة صواريخ أرض- جو من نوع اس.300، تعهدت روسيا ببيعها لطهران في عام 2007، وقررت في النهاية تجميدها في عام 2010. هنا تتداخل الضائقة الاقتصادية الروسية مع الاعتبارات الجيو استراتيجية لبوتين وتنمي موقفا روسيا شاملا بتأييد الرفع السريع للعقوبات العسكرية عن إيران، التي تشجع روحاني وظريف على التشديد على مواقفهما.
إن الولايات المتحدة تخشى من تطور مكانة روسيا كحليفة وكمزودة للسلاح في الساحة الإيرانية. وهي تصمم مع أوباما على التوصل إلى الاتفاق، والخلاف الحالي أيضا لن يمنع تحقيق هذا الحلم، حتى لو كان الثمن قيام قوة عظمى اقليمية متطرفة تبث القوة وتحاول تهديد محيطها الاستراتيجي. لم يبق سوى الأمل بأن يصمد مجلس الشيوخ الأميركي في هذا التحدي، فلديه 60 يوما لفحص الاتفاق بعد التوقيع عليه.