ما يطلبه الطراونة

يدرك رئيس مجلس النواب الجديد المهندس عاطف الطراونة، حساسية المرحلة التي وصل فيها إلى رئاسة المجلس. في حوار مطول مع "الغد"، نُشر أمس، سعى الطراونة إلى ملء الفراغات في العلاقة بين المجلس والرأي العام من جهة، والعلاقة مع السلطة التنفيذية من جهة أخرى.اضافة اعلان
من موقعه المطل على "القبة" وما تحتها، يشعر الطراونة أن هناك أزمة ثقة كبيرة بين الشارع والمجلس؛ يتفهم معطياتها ودوافعها، لكنه يأمل بطي صفحة الدورة الماضية وفتح صفحة جديدة في العلاقة. وفور توليه المسؤولية، سعى إلى تفكيك الألغام المزروعة تحت القبة؛ تسويات مع أقطاب المجلس، وتفاهمات مع نواب فجروا قنابل من قبل في الساحة النيابية. ساعده في ذلك تعديلات النظام الداخلي، ورغبة الأغلبية من النواب في تحسين صورتهم.
الكتل النيابية سيكون لها دور محوري في عمل المجلس، وكذلك اللجان النيابية. لكن الطراونة يعلم أن الدور الحاسم سيكون لوسائل الإعلام، ولذلك سعى جاهدا في حديثه لـ"الغد" إلى إقناع الإعلاميين بالتروي. كل ما يطلبه منهم هو الإنصاف في التغطيات الصحفية لتنقل ما للنواب وما عليهم، بدل التركيز على السلبيات والممارسات الفردية.
وللحق، فإن وسائل الإعلام المعنية دائما بنقل الحقيقة، يتعين عليها أن تميز بين دور الرقيب ودور الجلاد. كما ينبغي أن تتذكر أن تحت القبة يجلس 150 نائبا، وليس نائبا واحداً أو اثنين، كما كان يبدو من تغطيات سابقة.
ندرك جميعا أن مجلس النواب يعاني من عيب مصنعي، يعود في أصله لقانون الانتخاب الذي يؤيد الطراونة تغييره بقوة. لكن هذه هي "الماكينة" الوحيدة المتوفرة لنا في هذه المرحلة، وعلينا أن نتعاون لتشغيلها بأفضل قدر ممكن، لحين أن نتمكن من استبدالها بأخرى أحسن منها.
أبواب المجلس لن تكون مغلقة، يؤكد الطراونة. وإذا لم ترغب القوى الحزبية، وفي مقدمتها الحركة الإسلامية، بالحضور إلى المجلس، فرئيسه مستعد للذهاب إليهم في مقارهم، وإشراكهم في الحوار حول كل القضايا والتشريعات المطروحة.
أما بشأن العلاقة مع الحكومة، فالطراونة، مثل جميع النواب، يشعر بأزمة في العلاقة تلقي بظلالها على أجواء المجلس. رئيس المجلس لا يؤيد مساعي البعض لإسقاط الحكومة تحت القبة. يرى في مثل هذه الخطوة تعطيلا لجهود الدولة بإقرار حزمة من التشريعات العاجلة التي يجب إنجازها قبل نفاد المهلة الدستورية.
وفي خطوة ذات مغزى، طلب الطراونة من الحكومة سرعة التقدم بمشاريع القوانين المطلوبة، وعددها 16 مشروعا، خلال 45 يوما. وإذا ما التزمت الحكومة بطلب "النواب"، فإن كل الخيارت بشأن الحكومة تصبح واردة بعد تسليم مشاريع القوانين للمجلس، بما فيها خيار طرح الثقة.
من الصعب على الحكومات ومجالس النواب استعادة الثقة الشعبية بعد تراجعها. لكن هناك من التجارب ما يؤكد أن تطوير الأداء يمكن أن يُحدث فارقا يُجسِّر بعضا من فجوة الثقة.
ثلاثة أطراف بيدها الأمر في المقبل من الأيام؛ النواب، والحكومة، ووسائل الإعلام. فهل تمنح هذه الأطراف الرأي العام الفرصة لمراجعة موقفه؟

[email protected]