ما يمكن أن تعلمنا إياه "ووترغيت" اليوم

مجمع  ووترغيت
مجمع ووترغيت
ترجمة: علاء الدين أبو زينة هيئة التحرير - (الواشنطن بوست) 16/6/2022 شهد يوم الجمعة الماضي مرور خمسين عاماً على اقتحام مجموعة من اللصوص مجمع "ووترغيت" -والباقي أكثر من مجرد تاريخ. فقد ساعدت الفضيحة التي انتهت باستقالة الرئيس ريتشارد نيكسون من منصبه على تشكيل سياساتنا الحديثة، وإصلاح الحكومة، وتنشيط الصحافة، وإعادة تعريف الأحزاب. والآن، يواجه البلد أزمة أخرى معرِّفة للأجيال، وتبدو الأحداث التي مضى على حدوثها نصف قرن ذات صلة اليوم كما لو أنها حدثت بالأمس. كان التخريب غير القانوني الذي ارتكبه البيت الأبيض لنيكسون ضد خصومه والتستر الذي أعقب ذلك على الفعلة أمثلة واضحة على سير الحكومة في طريق الخطأ. وقد أظهر ما حدث بعد تلك الجرائم أن الحكومة أصبحت تسير في الطريق الصحيح بالضبط تقريبًا: فقد حقق الكونغرس في ما جرى، ونقلت وسائل الإعلام الإخبارية الأنباء، وقرأ الناس، وشاهدوا، واستمعوا وتحدثوا -وفي نهاية المطاف، وضع عدد كافٍ من أعضاء النخبة الجمهورية الدولة فوق الحزب، وهو ما أفضى في النهاية إلى رحيل رئيس فاسد وخطير. اليوم، يحقق الكونغرس مرة أخرى: تقوم لجنة مختارة من مجلس النواب بفحص ما حدث في 6 كانون الثاني (يناير) 2021، عندما اقتحمت مجموعة من الغوغاء المسلحين مبنى الكابيتول الأميركي في محاولة لإلغاء نتائج انتخابات قانونية -في ما جاء جزئياً لأن رئيساً، دونالد ترامب، حثهم على فعل ذلك. ولكن، يبدو أن معظم أعضاء الحزب الجمهوري يخافون من التفوه بكلمة واحدة ضد الرئيس السابق الذي يواصل إحكام قبضته على حزبهم. والأسوأ من ذلك، أن معظمهم يرفضون الانخراط مطلقاً في هذه الجهود للبحث عن الحقيقة، أو حتى إيلاء الكثير لمفهوم الحقيقة نفسه. ولا يقتصر الأمر على أن الجانبين يتشاركان القليل اليوم عندما يتعلق الأمر بالسياسة أو الفلسفة. في الكثير من الحالات، لا يتشاركان حتى النظرة إلى الواقع الحقيقي. وإذن، في العام 2022، بينما يحاول الكونغرس الوصول إلى الحقائق بينما تصبح الوقائع عتيقة عفا عليها الزمن، هل هناك أي شيء يمكن تعلمه من العام 1972؟ لقد حدثت الكثير من الفضائح في العقود السابقة، من "الذعر الأحمر"، إلى غزو "خليج الخنازير"، إلى القرارات المضللة التي أغرقت الأمة في حرب فيتنام؛ ثم حدثت المزيد الفضائح في الأعوام التالية، من قضية إيران كونترا، إلى المزاعم بوجود أسلحة دمار شامل في العراق، إلى التعذيب النفسي والبدني للسجناء أثناء الحرب على الإرهاب. كل ذلك أسهم بالتأكيد في تآكل الثقة في الحكومة لتصل إلى التدني المحبط في تقييما الذي يدور اليوم حول 20 في المائة. ومع ذلك، كانت فضيحة ووترغيت قد هزت الأمة قليلاً من قبل وقامت بتغييرها -في بعض النواحي للأفضل، من خلال تشجيع الصحافة على محاسبة الحكومة، والجمهور على إيلاء الانتباه، وكذلك من خلال إدخال تشريعات تخدم الأهداف نفسها في مجالات مثل تمويل الحملات واستخباراتها، وفي بعض النواحي للأسوأ، من خلال زرع بذور المشاعر المناهضة للحكومة التي نمت منذ ذلك الحين لتصبح مثل الأعشاب الكثيفة الخانقة. وقد هزت أحداث كانون الثاني (يناير) 2021 الأمة أيضًا. وتبدو البيئة اللازمة للتغيير المطلوب -سواء كانت إجراء تحديثات لقانون الفرز الانتخابي وضمانات حقوق التصويت، أو محاولة أوسع يبذلها كلا الحزبين للتوافق حول القضايا المشتركة مثل الديمقراطية وسيادة القانون- تبدو هذه البيئة، باعتراف الجميع، معادية. لكن عددًا كافيًا من الناس -من أولئك في غرفتي الكونغرس إلى أولئك الموجودين في أي مكان في البلاد بالقرب من جهاز التلفزيون أو مكتب غرفة الأخبار- اهتموا قبل 50 عامًا بجعل الحكومة تعمل مرة أخرى عندما بدا أنها معطلة. ولعل أسوأ خطأ يمكن لأي شخص أن يرتكبه اليوم هو الاستسلام والتخلي عن المحاولة لأنها انكسرت مرة أخرى. *تمثل المقالات الافتتاحية وجهات نظر صحيفة "الواشنطن بوست" كمؤسسة، كما يتم تحديدها من خلال النقاش بين أعضاء هيئة التحرير، الموجودة في قسم الآراء ومنفصلة عن غرفة الأخبار. *نشرت هذه الافتتاحية تحت عنوان: What Watergate can teach us today هامش: (1) فضيحة ووترغيت Watergate scandal: هو اسم لأكبر فضيحة سياسية في تاريخ أميركا. كان 1968 عاماً سيئاً على الرئيس ريتشارد نيكسون، حيث فاز بصعوبة شديدة على منافسه الديمقراطي همفري، بنسبة 43.5 % إلى 42 %، مما جعل موقف الرئيس ريتشارد نيكسون أثناء معركة التجديد للرئاسة في العام 1972 صعباً جداً. وقرر الرئيس نيكسون التجسس على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس في مبنى ووترغيت. وفي 17 حزيران (يونيو) 1972 ألقي القبض على خمسة أشخاص في واشنطن بمقر الحزب الديمقراطي وهم ينصبون أجهزة تسجيل مموهة. كان البيت الأبيض قد سجل 64 مكالمة، فتفجرت أزمة سياسية هائلة وتوجهت أصابع الإتهام إلى الرئيس نيكسون. استقال على إثر ذلك الرئيس في آب (أغسطس) من العام 1974. تمت محاكمته بسبب الفضيحة، وفي 8 أيلول (سبتمبر) 1974 أصدر الرئيس الأميركي جيرالد فورد عفواً بحق ريتشارد نيكسون بشأن الفضيحة.اضافة اعلان