متحدثون: شعرية لافي استطاعت باقتدار أن تصل إلى أبعد أمد

الشاعر محمد لافي يوقع أعماله الكاملة في المركز الثقافي العربي -(تصوير:محمد مغايضة)
الشاعر محمد لافي يوقع أعماله الكاملة في المركز الثقافي العربي -(تصوير:محمد مغايضة)

عزيزة علي

عمان - وقَّعَ الشاعر محمد لافي أول من أمس في المركز الثقافي العربي مجلد أعماله الشعرية الصادرة عن بيت الشعر الفلسطيني، ووزارة الثقافة الفلسطينية، ضمن سلسلة الأعمال الشعرية التي يصدرها البيت، وتضم أهم المجموعات الشعرية التي صدرت لشعراء فلسطينيين في الوطن والشتات، بالعربية أو بأي لغة أخرى.اضافة اعلان
لافي حيا في بداية الحفل الذي شارك فيه رئيس بيت الشعر الفلسطيني مراد السوداني، والشاعر يوسف عبد العزيز، والناقد د. إبراهيم خليل، وأداره الروائي جمال ناجي، شهداء الثقافة الفلسطينية والعربية، مستذكراً "شيخ النقاد" الراحل د. إحسان عباس، الذي التفت إلى قصائده القصيرة وكذلك
د. سلمى خضرا الجيوسي التي قامت بترجمة ديوانه "مقفى بالرماة" إلى اللغة الإنجليزية.
ورأى لافي أنَّ صدور المجموعة الشعرية يحظى بأهمية بالغة وخاصة لديه، محيلا ذلك إلى سببين الأول كونها تلمُّ "شتاته الشعري"، وفق تعبيره. والسبب الثاني، كما يضيف لافي، أنَّ المجموعة أدخلت صوته الشعري إلى الارض المحتلة، معتبراً أنَّ ذلك يُساهِمُ في التصدِّي إلى تخريب الذائقة الشعرية هناك، حيث يتم ذلك التخريب بإشغال الشعراء الشباب بالتعبير عن ذواتهم وهمومهم الفردية ضاربين عرض الحائط رسالة الثقافة ممثلة في التصدي للاحتلال والتعبير عن هموم الوطن والإنسان.
من جانبهم، أكَّدَ متحدثون أنَّ تجربة لافي الشعرية تُعتَبر واحدةً من التّجارب الريادية المهمّة، وتتمحور حول القضيّة الفلسطينية، حيثُ استفادَ من استخدام وسائط عدة تضمنها الملفوظ اللغوي.
الشاعر مراد السوداني رأى أنَّ لافي يُعَدُّ تجربَةً فريدة في الشعرية الفلسطينية والعربية، لها نسيجها المختلف ودوزنها الفذ، مشيرا إلى تأخر وصول قصيدة لافي إلى تراب فلسطين، ولكن تحققت له العودة المجازية كذات شاعرة، ما يزال قلبها معلقا بأهداب البلاد وثابتها العالي.
وأكد السوادني ان الشاعر الحقيقي لا يموت مهما أهالوا التراب على مشروعه الشعري، لأنه باق بقاء التراب الحر وزيتون البلاد المحارب، مشيرا إلى أن احتجاب هذه النصوص جاء بفعل التغييب والإنكار لصياغة المقولة الثقافية وفق اشتراطات جمهرة ثقافية ترى في النص المختلف تهديدا وخطرا جماليا. مؤكدا أن شعرية لافي استطاعت باقتدار ان تصل إلى أبعد امد وتحقق العبور لأنها جديرة بالانتباه. وخلص إلى قوله "لافي لم يتعب من حت الدهر لروحه وجسده، ومن ينصت لصداحه الشعري المعافى يجد لهاث الخيل الركاضة في متنه الشعري تواصل عدوها العارم بكامل الجسارة والجرأة والتجاوز". الشاعر يوسف عبد العزيز قال إنَّ تجربة لافي تُعتَبر واحدةً من التّجارب الريادية المهمّة، على صعيد الكتابة الشعرية العربية في الأردن، إذ استطاعت إلى جانب تجارب الشعراء (الشهيد علي فودة وعلي البتيري ومحمد ضمرة وسمير الشّوملي وغيرهم) أن تحتلّ واجهة المشهد الشعري في الأردن منذ بداية سبعينيّات القرن الماضي.
وأشار عبدالعزيز إلى ما كان يدور حول لافي الشاعر الملتزم وحول الأثر المدوّي الذي تتركه قصيدته في أوساط الجماهير. كان جمهور المثقفين يتناقل باستمرار ما يتعرّض له لافي من اعتقال ومطاردة بسبب قصائده "الناريّة".
ورأى عبد العزيز أنَّ قصيدة لافي تتمحوَرُ حول القضيّة الفلسطينية، والنّضال الوطني الفلسطيني، وهي منذ البداية كانت تمثّل الوجه الآخر للبندقية المحاربة، ففي حين سعت تلك البندقية إلى خوض غمار الحرب مع المحتلّين الصهاينة، وتحرير الأرض المغتصبة، كانت قصيدة لافي تسعى إلى تحرير الإنسان والإرادة الإنسانية، وتعمد من خلال الكلمات إلى رسم فلسطين أخرى قائمة في الروح.
رصدت تجربة لافي الشعرية، وفقَ عبد العزيز، حركة التحرّر الفلسطينية في جميع محطّاتها، وعلى رأس تلك المحطّات المنعطف الأهمّ في مسيرة النضال الفلسطيني، مؤشِّراً بذلك إلى حصار بيروت وخروج المقاومة الفلسطينية من لبنان في العام 1982.
الناقد د. إبراهيم خليل، ذهَبَ إلى أنَّ منَْ يقرأ تجربة لافي الشعرية، قراءة متأنية، سيتوقف عند كل قصيدة ومقطع وبيت، ليكتشف أن لهذا الشاعر، الذي بدأت بواكيره منذ العام 1972 بمواويل على دروب غربته المستمرة، محاولاتٍ جادة لمقاربة النص التفاعلي مقاربة أظهر من أن تخفى على قارئ.
وقال خليل إن لافي تجاوز ما تقره الأعراف الفصحى في لغة الأدب، وينزلق إلى العامي، مطوعًا الصوت لإيقاع الدارجة كي ينفذ أثره في السامع مثلما تنفذ الإبرُ وفي المتلقي، الذي هو - بلا ريب - على بينة من الدلالات البعيدة التي يروم الإبانة عنها المتكلم في النصّ.
وخلص إلى أنَّ لافي استفادَ من استخدام وسائط عدة تضمنها الملفوظ اللغوي، أو أوحى بها، وأحال إليها إحالة تتناسب مع السياق، وحضور القارئ الضمني، ولهذا يمكن اعتبار قصائد لافي القصيرة: وجوه، أوراق، طفولة، هواتف، وغيرها.. نصا واحدا متشعّبًا يسوغ فتح أجزائه بعضها على بعض لينشأ منها نصّ واحد مترابط.

[email protected]