متلازمة "المجتمع الآن"

معاريف

جبريئيل موكيد

4/4/2013

اللواء احتياط ايتان بن الياهو، الذي أحترمه جدا كأحد الشخصيات الاكثر نوعية في إسرائيل (كمن قاد الذراع الجوي للجيش الإسرائيلي)، يدعي في مقاله في "معاريف" في 26/2/13 بان التركيز المبالغ فيه برأيه على المشاكل الداخلية للمجتمع الإسرائيلي، والذي تميزت به حركة الاحتجاج في صيف 2011، ادى إلى تجاهل المسائل الاساس السياسية والامنية للدولة. وبرأي بن الياهو، فان متلازمة "المجتمع الان"، التي تشبه شعار "السلام الان" ترمز إلى تطلع لحلول مريحة وسهلة مزعومة – وذلك بدلا من مواجهة الاوضاع السياسية والامنية الحقيقية وغير السهلة. اضافة اعلان
وليسمح لي بصفتي من اقترح وحاول منذ التسعينيات من القرن الماضي تشكيل حركة تحمل هذا الاسم حقا – المجتمع الان – بان يرد على اللواء بن الياهو. كما أشير هنا إلى خلاصة نهجي، الذي يربط بين الامن الوطني وبين الحصانة الاجتماعية الداخلية، عبرت عنها في حينه في مقال في المجلة الناطقة بلسان اليمين الوطني والديني لشلومو بن تسفي، "مكور ريشون" – مقال حمل الاسم الذي يتحدث من تلقاء نفسه: "شعب واحد لا اثنين".
خلاصة طرحي كان وما يزال حتى الان كالتالي: مجتمع ودولة محاصران بالاعداء ويتعرضان لخطر وجودي، سياسي وامني، يحتاجان إلى اكثر بكثير من اي دولة ومجتمع آخر بقدر أكبر من التضامن الداخلي والتراص الاجتماعي. ولكن مجتمعا تباع فيه مقدرات الطبيعة والبنى الاقتصادية بشروى نقير لارباب المال، الذين يمولون في الغالب المشتريات بقروض من أموال الجمهور وبعد ذلك يقومون "بحلاقة" ديونهم، مجتمع فيه الانسان للانسان هو في معظم الحالات ذئب ليبرالي جديد، مجتمع عدم المساواة فيه هو الاكبر في العالم المتطور واسعار الشقق فيه تناطح السحاب هو بالتأكيد مجتمع يبتعد جدا عن التضامن والاخوة والتراص الداخلي، رغم الصلات بالتقاليد الوطنية والدينية ورغم المخاطر من الخارج.
وبالتالي، عندما حاولنا (ولم ننجح) في اقامة حركة "المجتمع الان" في التسعينيات (هذه المحاولة قادتها معي الاقتصادية التي لا تنسى د. استر الكسندر، اوري اغامي، الذين كان سكرتير حزب العمل في حيفا، د. اوري زلبرشايد من كلية عيمق يزراعيل ونشطاء اجتماعيين آخرين غير قليلين) لم نفكر ابدا بان فكرنا جاء ليحل محل النظر في المسائل الوطنية للامن والسلام – ولم نرَ بالذات في ميزانية الدفاع هدفا للانتقاد.
رأينا في التوجه إلى "المجتمع الان" بالذات مهمة وطنية صرفة، كي لا يتشكل هنا وضع يكون فيه جمهوران منفصلان تماما فيما بينهما من ناحية اقتصادية واجتماعية، في ظل يأس الشباب الكثيرين من العيش هنا – رغم التكنولوجيا العليا، الفقاعة التل أبيبية، التعليم العالي اليقظ وباقي مؤشرات الطاقة الواضحة في هذه البلاد. واخيرا وليس آخرا، دولة تطلق الاقمار الصناعية والصواريخ عابرة الفضاء وتوجد في ذروة التصنيف العالمي في مجالات عديدة من العلم والتكنولوجيا، يمكنها أيضا أن تبني شققا من غرفتين، للجنود المسرحين مثلا. وذلك رغم الاسطورة التافهة التي بموجبها ينبغي تسليم كل شيء لحكم الربح للمقاولات في سوق المفرق. واضح أيضا أن الدعوة للمساواة في العبء يجب أن تترافق بالضرورة ومطلب المساواة بالحد الادنى في مستوى المعيشة.
واشير أخيرا إلى أنه لا ريب عندي بانه لو تنافست في الانتخابات قائمة اجتماعية كبيرة واحدة، بدلا من إدراج نشطاء الاحتجاج في الأحزاب المختلفة، لكان بوسع الاحتجاج الاجتماعي أن يتمثل في الكنيست بقدر أكبر من الوسط الليبرالي. ولكن هذه مسألة أخرى.