متلازمة توريت.. نوبات حركية وصوتية لاإرادية فما أثر العامل الوراثي؟

brain, lights, concept
brain, lights, concept
عمان- متلازمة توريت هي اضطراب عصبي نفسي يعاني المريض فيه من حدوث نوبات حركية وصوتية لاإرادية؛ أي تقلصات لاإرادية سريعة في العضلات تؤدي إلى حركات تكرارية وأحيانا صوتية في غير أوقاتها ومثيرة للانتباه مثل إطلاق نحنحة أو محاولة متكررة لاإرادية أو شخير أو أصوات صفير أو نعيق والتي تحدث بشكل متكرر مفاجئ خلال اليوم وتتغير بالشكل والموقع من وقت لآخر. ولغايات التشخيص، يجب أن تستمر الأعراض لمدة اثني عشر شهرا وتبدأ بالظهور قبل سن الثامنة عشرة، وسمي هذا الاضطراب على اسم الطبيب وعالم الأعصاب جورجس جيليس دو لا توريت.

ما مدى شيوع متلازمة توريت؟

يصاب الأطفال بهذا الاضطراب أكثر من الكبار، ويصل معدل الانتشار في بعض الدراسات الى ثلاثة بالمائة وتبدأ عادة الحركات اللاإرادية قبل عمر سبع سنوات، بينما تظهر الأصوات اللاإرادية بين عمر 9-11 سنة، وتصيب الذكور أكثر من الإناث بنسبة ثلاثة إلى واحد. ويعاني ما يقارب 70 % من مرضى متلازمة توريت أيضا باضطراب فرط التشتت والحركة ADHD، بينما يعاني 40 % الى 50 % منهم من اضطراب الوسواس القهري OCD.

ما أسباب الإصابة بمتلازمة توريت؟

تلعب الوراثة دورا مهما؛ فأطفال الأمهات المصابات بمتلازمة توريت هم أكثر عرضة للإصابة، كما أن إصابة الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي بالتهابات البكتيريا العقدية يجعلهم معرضين بشكل أكبر للإصابة. وهناك نظرية أخرى توعز الإصابة بالمتلازمة إلى تغير في مستويات الدوبامين في الدماغ. وعموما، لا توجد نظرية واحدة لغاية الآن تعطي التفسير لمثل هذه الحالة.

ما الحركات الأكثر شيوعا عند الأطفال والأحداث؟

حركة لاإرادية في الجفون ورفع للحاجبين وحركات في الفم ودوران الرأس المتكرر المفاجئ وحركات اللسان بإدخال وإخراج اللسان بشكل متكرر وهز ورفع الأكتاف بشكل متكرر ومفاجئ. أما إطلاق الأصوات اللاإرادية، فتأخذ شكل النفخ والتنشق والشفط والنحنحة أو تسليك الحنجرة والنباح والصراخ وتكرار الكلمات أو الحركات. وفي مرحلة البلوغ، يتطور لدى أكثر من ثلث الأطفال المصابين بمتلازمة توريت ما يسمى بالالفاظ البذيئة؛ أي التفوه المفاجئ اللاإرادي بكلمات مسيئة.

كيف يمكن تشخيص متلازمة توريت وعلاجها؟

يتم تشخيص المتلازمة سريريا، ولا يوجد هناك تحليل أو فحص مخبري يكشف عن المتلازمة، لذا ينبغي على الطبيب أن يعتمد على التاريخ المرضي للأعراض التي يعاني منها المريض. كما أن نتائج تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي أو التخطيط الدماغي ليست محددة ولا تضيف أي شيء إلا إذا اعتقد الطبيب بوجود أسباب أخرى للحركات اللاإرادية. لا يوجد أي علاج قطعي لمتلازمة توريت، غير أن ثمة علاجات سلوكية نفسية وأدوية يمكن استخدامها للمساعدة على السيطرة أو الحد من حدوث الأصوات اللاإرادية أو التقلصات اللاإرادية. ورغم أن متلازمة توريت لا تعد من الأمراض النفسية، إلا أن الأطباء أحيانا يقومون بإحالة اليافعين المصابين بمتلازمة توريت الى الأطباء النفسيين لمساعدتهم على التعامل مع المرض بشكل أفضل. ومن المفيد أيضا تثقيف أسرة الطفل والمدرسة حول هذا الاضطراب. يعد علاج حالات فرط الحركة والتشتت أو الوسواس القهري إذا وجدت مع هذا الاضطراب ضرورة قصوى.

ما مستقبل هذه الحالة؟

تتحسن في العادة الحركات والأصوات اللاإرادية كلما كبر الطفل في العمر، وتصل ذروتها من سن البلوغ المبكرة إلى منتصف مرحلة البلوغ (حوالي ثلثي الحالات تتحسن مع نهاية مرحلة البلوغ) باقي الحالات تصبح مزمنة وتستمر مدى الحياة، مع المرور بمراحل متفاوتة من الشفاء والانتكاس. والأشخاص المصابون بهذه الحالة هم عرضة لمشاكل مثل الاكتئاب أو القلق الشديد ومحاولات الانتحار أو إيذاء الذات، إذ تسبب متلازمة توريت مشاكل وتدنيا شديدا في الأداء الاجتماعي والوظيفي. كتب: د. أمجد جميعان مستشار أول الطب النفسي وطب نفسي أطفال وأحداث مركز مستشفى الرشيد للطب النفسي والإدمان اقرأ أيضاً:  اضافة اعلان