متى تنزل الحكومة عن الشجرة؟

يبدو أن هنالك فارقا في التوقيت بين ساعة الحكومة وساعة الشارع التي تبدو أكثر تسارعا فيما الأولى تبدو بطيئة متثاقلة.
وهذا الامر يقتضي من الحكومة أن تبتعد عن المقاييس والمعايير التقليدية في قياس الزمن، فحساسية الظرف الراهن وتعقيده الشديد بحاجة لحكمة أكثر في تقدير أهمية الوقت، وهنا تكمن المشكلة الأساسية اليوم!.اضافة اعلان
فمحاولة اللعب على وتر حساسية التغيير الحكومي في الوقت الراهن واستغلال ذلك في الاسترخاء في تحديد جدول زمني لخريطة الإصلاح، لا يعني أن الحكومة والنواب سيكونان في مأمن من تبعات اقتناع مجتمع متعطش للإصلاح بأن البوصلة معطلة، خصوصا أن بلوغ المجتمع لهذه القناعة لن يمنع أحدا من النزول الى الشارع مطالبا بحكومة جديدة تدرك حساسية الوقت.
اليوم ليس كالأمس، وغدا لن يكون شبيها باليوم، وحالة القلق آخذة بالتصاعد، ولا أعلم ما الذي يحول دون فهم هذه المسألة، ولماذا التعنت وصم الآذان عن مطالب تسريع تنفيذ الإصلاح، والذي لن يعني شيئا إلا إذا أجريت انتخابات برلمانية بعد الاتفاق على قانون انتخابات مرضٍ وفي أسرع وقت؟.
الالتفاف على رغبات الناس والسعي لشراء الوقت بالحديث عن انتخابات بلدية خلال النصف الأول من العام الحالي لن يعني للناس شيئا ولن يقدم أو يؤخر وسيظل المراقبون ينظرون إلى ما تم على أنه رذاذ لم يطفئ تعطشهم للاصلاح طالما ان المطر لم يسقط بعد.
الموقف من إجراء الانتخابات البرلمانية متباين لدى مراكز صنع القرار؛ فمنها من يؤمن بضرورة اجرائها في أسرع وقت، فيما السلطة التنفيذية وهي صاحبة الولاية العامة تخطط لاجرائها في 2013 وهذا موعد بعيد لا ندري ما سيحل بالشارع خلاله والى أين ستأخذنا الامور.
المشهد السياسي في الوقت الراهن متلبد ولا يشي بخير، وثمة  في الأجواء أزمة وتصعيد ضد الإخوان، وسط حالة احتقان وشعور بالقهر يفرزها أولا وأخيرا تأخير استحقاق الإصلاح وبالتحديد إجراء الانتخابات النيابية بعد وضع قانون للانتخاب.
وبعكس ارتفاع منسوب القلق المجتمعي، يظهر أن "بال الحكومة هادئ" وإيقاعها بطيء وكأنها لا تدرك خطورة اللعب بالوقت، ما يجعل سير العمل لديها مستفزا، خصوصا إذا ما أصرت على جدولها الزمني الإصلاحي. 
عام جديد بلا صناديق اقتراع نيابية، في الوقت الذي يعيش الشارع حالة غليان غير مسبوقة، سيشكل بيئة مناسبة لتفجر الوضع لمستويات مقلقة قد لا يقدر أحد على ضبطها إذا انفلتت لا قدر الله.
حكومة الخصاونة رفضت وصفها بـ"حكومة الإنقاذ"، وهي على الأغلب لا تمتلك مواصفات مثل هذه الحكومة، لكن معطيات المرحلة وتداخل المعطيات يفرض عليها أن تحاول لعب هذا الدور في محاولة منها لإخراجنا من عنق الزجاجة.
المشهد المحلي باختصار، غير مريح ومقلق، حيث تسعى مراكز قوى إلى خلق حالة من الفرقة المجتمعية وهذه المرة بحجج أخرى، والهدف أيضا تعطيل الإصلاح وتأخيره.
وحالة الاستهداف والتجييش ضد الإسلاميين لن تصب في صالح البلد، بل ستزيد من شعبيتهم وستخدم هدفا واحدا يتمثل بجر البلد إلى مواجهة ثمنها سيكون باهظا.
والحكمة تقتضي من الطرفين الجلوس إلى طاولة الحوار والتوصل الى اتفاق لنخرج من النفق المظلم الذي يسعى البعض لإدخالنا فيه.