متى يصنف النشاط الزائد لدى الأطفال بأنه غير طبيعي؟

1
1

أمل الكردي*

عمان - إن حب الاكتشاف والرغبة المتواصلة عند الأطفال باللعب، وكثرة الحركة والتنقل، تجعلهم دائما في نشاط دائم، فنراهم يقفزون هنا وهناك، يعبثون بقطع الأثاث والتحف، ويقومون بالجري والركض، كل ذلك دليل على صحتهم العقلية والجسدية.
فلماذا يشتكي الآباء من نشاط أبنائهم؟
الشكوى هنا تحتمل أمرين: إما أن الآباء منظمون جدا، ويريدون من أبنائهم أن يعيشوا في بيئة مثالية، دونما أي ممارسات يسمونها بالفوضوية من وجهة نظرهم، أو أن الطفل فعلا يعاني من اضطراب النشاط الزائد الذي يصاحبه بالعادة قلة التركيز "AD.HD"، وفي كلتا الحالتين لا بد من أن يكون هناك شروط وضوابط لسلوك الأطفال، بمعنى أن الطفل حتى لو كان نشاطه طبيعيا، لابد من تنظيم هذا النشاط دونما كبت لحركته أو منعه سبل الاستكشاف، بل السماح له بممارسة نشاطه ضمن بيئة آمنة بالدرجة الأولى، ومنضبطة الى حد ما، فلا نشدد عليها كثيرا، ولا نترك لها المجال الى أن يصل الأمر لدرجة الفوضى والتخريب.
ولأجل خلق بيئة مناسبة، ننصح الأم بتوفير محيط مناسب وآمن للطفل الذي من شأنه تعزيز الحواس وإكسابه خبرات جديدة عن طريق التجربة، مع ضرورة أن تكون طبيعة الألعاب المقدمه له غير مكلفة، خصوصا إن لم تتوفر القدرة المادية، فمن الممكن أن تكون عبارة عن أدوات تستخدم في الطبخ مثل: الملاعق الخشبية والصحون والكؤوس غير القابلة للكسر أو أي شيء يشبهها، شريطة أن يكون آمنا على الطفل، حتى أننا أحيانا ننصح بتجربة استخدام بعض البقوليات الجافة، وذلك بتلوينها مع الطفل أو جعل الطفل يفرغها من وعاء الى آخر أو استخدامها بأي طريقة تخدم الهدف، وهو بالنهاية تنمية حواس الطفل ومهاراته، ولا ننسى أن يكون الأمر ضمن مراقبة شديدة لمنع خطر ابتلاع الطفل لتلك الحبوب.
ما هو المقبول في سلوكيات الطفل وغير المندرج تحت فئة النشاط الزائد؟
لو تتبعنا سلوك الأطفال لوجدنا أنه يتأثر بعوامل متعددة، مثل: الوراثة، النشأة أو التربية، وبنية الطفل النفسية وميوله واحتياجاته.
فمن الممكن تقبل النشاط لدى الاطفال حتى وإن بدا زائداً قليلا، كونه دون عمر الخمس سنوات، لكن ضمن الشروط والضوابط الآتية:

  • أن يكون الطفل يتلقى غذاء متوازنا قليل السكريات والنشويات غنيا بالحديد والفيتامينات المتعددة.
  • أن لا يعاني الطفل من نقص حاد بعنصر الحديد أو فيتامين D بالتحديد، ويظهر ذلك عن طريق فحص الدم.
  • أن يكون أحد أخوته أو أقاربه من الدرجة الأولى مثل، الأم أو الأب قد سبق وكان طفلا نشيطا، كثير الحركة، لكنه بعد عمر الخمس سنوات انحصر لديه ذلك النشاط وأصبح طبيعياً.
  • أن يكون الطفل تحت إشراف طبيب مختص لبرنامج علاجي يأخذ من خلاله فيتامينات متعددة، بقصد فتح الشهية للأكل أو رفع مناعة الجسم، وليس بقصد تغطية نقص لأحد تلك العناصر.
    ما هي السلوكيات غير المقبولة التي تعطي إشارة لوجود نشاط زائد غير مرغوب فيه؟
  • لو صاحب هذا النشاط لديه مشاكل في السلوك بشكل عام أو مشاكل في النوم أو الانضباط وتنفيذ الأوامر وإنجاز المهام.
  • لو أعاق هذا النشاط عملية التعلم واكتساب الخبرات، وأدى الى ضعف التركيز.
  • لو كان مصاحبا لإعاقة عقلية، أو أحد اضطرابات طيف التوحد أو شحنات كهربائية زائدة في الدماغ.
  • لو أعاق هذا النشاط عملية الأكل تحديدا، بحيث لا تستطيع الأم إطعام الطفل وجبته وهو جالس، بل يتحرك باستمرار، وتقوم هي باللحاق به، والتحايل عليه لإتمام الوجبة ويتكرر هذا السلوك مع كل وجبة طعام.
  • لو منع هذا النشاط الطفل من الاستمرار في اللعب ضمن لعبة واحدة، ولمدة لا تقل عن 15 دقيقة، ونراه يتنقل بين الألعاب بدون أي تركيز أو حتى استخدام مناسب للعبة وطبيعتها.
  • لو ثبت وجود عامل وراثي استدعى تدخل معالج أو استمرار المشكلة لفترة ما بعد الخمس سنوات من عمر أحد أفراد العائلة المقربين. أن نمنع الطفل من اللعب بظروف طبيعية ربما يجعله يسلك لاحقا سلوكاً عشوائياً وغير منضبط، خصوصا عند الخروج من البيت بالتالي يتسبب بالحرج لأهله، لذلك فإن ممارسة اللعب وتفريغ الطاقة أمر ضروري جدا لصحة الطفل العقلية والنفسية والجسدية ولا تقل أهمية عن تناوله للطعام والشراب وتلقيه الحب والحنان من عائلته.
    في حال ثبت وجود نشاط زائد عند الطفل ولم تتم معالجته بالوقت المناسب هل يترتب مضاعفات على ذلك؟
    سوف ينتج لدينا مستقبلا مراهق أو شاب معرض أكثر من غيره للاضطرابات العاطفية، وربما يعاني من مشاكل في النوم واضطرابات الشهية والمزاج، بالإضافة لاحتمالية أن تكون شخصيته متسرعة ومتهورة في اتخاذ القرارات، ومن الصعب جدا أن تهتم بمشاعر الآخرين، وأيضاً ربما يعاني مستقبلا من تدني مستوى التحصيل الأكاديمي، بالتالي عدم القدرة على الوصول لمرحلة التعليم الجامعي.
    ما هي الحلول المقترحة لمشكلة النشاط الزائد لدى الأطفال؟
  • لابد من اللجوء الى أخصائي في تعديل السلوك لأجل الوقوف على حيثيات المشكلة وبناء برنامج مخصص لعلاجها.
  • في حال كانت المشكلة في بدايتها، من الممكن تطبيق بعض السلوكيات مع الطفل، الهدف منها تخفيف حدة النشاط الزائد، لذلك ننصح بالآتي:
  • زيادة فرصة حصول الطفل على ممارسة النشاطات اليدوية، مثل: اللعب بالمعجون وتعبئة الخيط بالخرز.
  • السماح للطفل بممارسة النشاطات الضاغطة التي تسهم في تفريغ الطاقة لديه مثل "القفز"و"التسلق".
  • توكيل الطفل بمهام صغيرة متسلسلة يستطيع القيام بها وتعزيزه فورا بعد إنجازها.
  • تقليل الوقت الذي يقضيه الطفل باستخدام الأجهزة الذكية، لما له من أثر في إنشاء سلوك عدائي لديه، وتعزيز فرط النشاط وضعف بالتركيز.
  • إضافة مجموعة من النشاطات التي يمارسها الأهل مع الطفل لشغل وقته وإكسابه مهارات جديده تزيد من نسبة التركيز.
  • تعويض نقص فيتامين D لدى الطفل بأخذ الجرعة المناسبة تحت إشراف الطبيب، لأن نقصه يقلل التركيز، بالتالي يحدث لدى الطفل نشاط زائد أحياناً.
  • ممارسة نشاطات تساعد على استرخاء الطفل مثل: الرياضة والاستماع الى القصص القصيرة أو الموسيقى ركوب الخيل.
  • ننصح إن أمكن بإعطاء الطفل فرصة لاقتناء حيوان أليف مع وجود رعاية من قبل الأهل، لأن في ذلك تحفيزا لاتخاذ الطفل سلوكيات جديدة، منها تحمل المسؤولية، بالتالي زيادة الوعي والتركيز لديه.
  • مراعاة اتباع استراتيجيات تتناسب مع طبيعة ونفسية الطفل عند تقويم خطأ ما ارتكبه، وذلك حتى لا يتولد لديه مشاعر الغضب، يعبر عنها بالحركة الزائدة، ومخالفة التعليمات والفوضى.
  • عدم الشكوى للآخرين عن الطفل، خصوصا أثناء وجوده، حتى لا ينتكس ويستمر بممارسة ذلك السلوك.
  • وصف الطفل دائما بأوصاف إيجابية مخالفة، لما يقوم به من سلوكيات، وذلك بأن نقول له أنت هادئ، أنت منضبط، أنت متعاون.
    ليس من العيب أن نعرض الطفل على مختص لرصد سلوكه، وإثبات أو نفي وجود نشاط زائد لديه، لما في ذلك من منفعة ومصلحة عظيمة له، بالإضافة الى أن التدخل المبكر يقلل من تفاقم المشكلة، ويسهم في حلها وانتهائها.
اضافة اعلان

*أخصائية الاحتياجات الخاصة والعلاج السلوكي