مثقفون في مادبا يدعون إلى ضرورة الارتقاء بالتنمية الثقافية ودعم هيئاتها بمختلف أشكالها

أحمد الشوابكة

مادبا– دعا مثقفون في مادبا إلى ضرورة الارتقاء بالتنمية الثقافية ودعم هيئاتها بمختلف أشكالها، وذلك من خلال زيادة الدعم المعنوي والمادي الذي تقدمه وزارة الثقافة، داعين المؤسسات الأهلية والخاصة لتبني العديد من المشاريع الثقافية.

اضافة اعلان

ويؤكدون أن هناك سنوات طويلة تفصلهم عن نيل لقب "مدينة الثقافة الأردنية"، لأسباب تخرج عن إرادتهم، وتتمحور حول النقص في البنية التحتية، والتي تتمثل في إيجاد قاعات ومعارض تسهم في إعادة إنتاج المشهد الثقافي، بما يكفل استمرار الحضور في واجهة الحراك الثقافيّ الوطني.

وطالب المثقفون بضرورة الإسراع في إنشاء المركز الثقافي بعد أن تم تخصيص أربعة دونمات لإقامة هذا المشروع الثقافي، موجهين اللوم إلى بلدية مادبا بالابتعاد عن المشهد الثقافي، معتبرين دائرة الثقافة في البلدية "مجرد لافتة" على واجهة مبناها.

ويعتقد المخرج حسين دعيبس أن ما تشهده مادبا من تراجع مستمر للفعل الثقافي، يعود إلى عدم وجود المساحة الكمية والنوعية للقراءة والانحسار الواضح لهامش الحرية الفكريّة بمفهومها الواسع، مضيفاًً إلى ذلك معوقات أخرى تعود إلى غياب الاهتمام بالبدايات الثقافية في مختلف مراحلها.

ويزيد دعيبس أن المواهب موجودة لكن حواضنها غائبة، معتبرا أن المؤسسات الرسمية والشعبية ما تزال مقصرة في حقول الدعم الثقافي، إضافة إلى أن محركات العمل الإبداعي يشوبها غموض وغياب.

ويشير إلى أن لقاءات المثقفين "محصورة في صالونات خاصة وغير مؤثرة اجتماعياً"، مبيناً أن ذلك دفع "العمل الفردي الاستهلاكي إلى تصدر واجهة المشهد الحياتي.

ويدعو إلى غرس الذائقة البحثية لدى الجيل الجديد وتوسيع آفاقهم، مطالباً المؤسسات التعليمية بتقديم ما يصلح في هذا الجانب.

 ويجد دعيبس أن كون مادبا مدينة ثقافة سيسهم في تغذية هذا الجيل بالفعل الثقافي بكل قطاعاته، ويجعل منهم واعين لفكرة تغيير نمط الحياة إلى الأفضل بالثقافة بدلاً من تفجر الطاقة بالشجارات التي تعطل إنتاج وعطاء هذه الفئة المهمة في المجتمع بحكاياها ولوحاتها وكل ما يميزها.

 ويرى دعيبس، أن مهرجان مادبا للثقافة والفنون لو تم الاشتغال عليه، سيكون مشروعاً مذهلاً، مشيرا إلى مشروع مركز ثقافي يحتضن الفعاليات الثقافية.

ويرى الباحث والناقد حنا القنصل أن الثقافة هي وسيلتنا للخروج من أزمات عديدة، مؤكداً أنّ ثقافة الأمة صورة لسلوك أفرادها ومؤسّساتها، داعياً إلى مراقبة واقع الحركة الاجتماعية لمعرفة مستوى السلوك الثقافيّ.

ويقول "إننا نعيش ثقافة اللحظة المرتبطة بالإعلام والإعلان فهي ما يسود الآن بسبب ظروف ومتغيّرات عالمية"، مبينا أن المؤسّسات المرتبطة بالثقافة "صار همّها الربح أكثر من هاجس التشكيل الفكري والثقافي"، واصفاً ما يقدم للشباب بشكل عام بالثقافة الاستهلاكية المسطحية.

ويشير إلى أن أبرز معوقات الأداء الثقافي، هيمنة الصورة والحرف المكهرب الظاهر على عقلية الشباب، معتبرا أن ذلك خلق حالة "إدمان الشاشات"، إضافة إلى غياب المنتديات الثقافية المؤثرة، وانعدام التواصل الاجتماعي بين المثقفين.

وأشار إلى أهمية التقاء مؤسسات التربية والتعليم والبلديات والمراكز الثقافية والهيئات النقابية على برنامج لرسم السياسات الثقافية الموحدة، بعيداً عن العمل الفردي، لافتاً إلى دور مديرية الثقافة في هذا الجانب.

وأكد الشاعر والكتاب جلال برجس أن مدينة مادبا ضاربة في التاريخ الثقافي، وذلك تجسد عبر الحالة الثقافية التي مرت بها المدينة "مادبا" في أكثر من مرحلة تاريخية.

وقال إن الحالة والحراك الثقافي يمر بحالة متعثرة جداً، ما أنتج في المدينة تاريخا ثقافيا بمكن ملؤه بكثير من الأنشطة الثقافية الجادة التي يمكن لها أن تكبر الأمور إلى نصابها، وتؤكد دورها في تنشيط الحراك الثقافي ليس المناط بوزارة الثقافة، وإنما هو مسؤولية جميع المؤسسات والهيئات الثقافية، هذا التكاتف إن تم  فإنه سيحدث تقاطعاً مجديا مع مادبا التي تشهد حراكاً سياحياً.

ويرى أن البرنامج المقدم إلى لجنة المدن الثقافية ضعيف جدا مما أدى ذلك إلى عدم اختيار مادبا كمدينة ثقافية للعام الحالي 2011، إضافة إلى ذلك استبعاد رأي المثقف المختص في تقديم برنامج يدخل متعرك التنافس بين باقي المدن.

ويؤكد التشكيلي ميشيل عجيلات أن المثقف في مادبا يصادف إحباطات عديدة داخل مدينته بسبب إشكاليات في التفاعل مع الحدث الثقافي لدى جماهير المدينة ونخبها. 

ويشير إلى أن المشهد مرتبك "فالتطور العمراني والسكاني لا يصاحبه تطور في الحراك الثقافي".

ويلفت في المقابل إلى "غياب أو تكاسل أو انشغال النخبة الإبداعية المثقفة من أبناء مادبا" وتحديداً العاملين منهم في العاصمة أو الباحثين عن مصادر رزقهم هناك، داعياً إلى الاستفادة من خبرات وإمكانات هؤلاء في مختلف المجالات.

ويؤكد على دور بلدية مادبا في رفع الشأن الثقافي، مشيراً إلى أن الدائرة الثقافية في البلدية أضحت مجرد لافتة موضوعة على واجهة المبنى، إذ إن القائمين على إدارة الثقافة في البلدية لم يقوموا بإقامة أي نشاط ثقافي.

ويدعو إلى تأسيس دارة مادبا للثقافة والفنون، ومؤتمر عام للمثقفين والمختصين في مادبا للبحث في وسائل تطوير الواقع الثقافيّ والانتقال به إلى مساحات الحضور والإبداع .

وتقول الفنانة التشكيلية وفاء عبيد "يغيب الحس الثقافي في المدينة، وعدم وجود الأماكن المخصصة للأداء الفني والثقافي من أهم الأسباب التي أدت إلى التراجع"، معتقدة أن الفرصة سانحة لإعادة بناء مشروع ثقافيّ في المدينة يليق بمكوّناتها الحضارية والإنسانية.

وتشدد على ضرورة وضع أولويات في خطط لدعم الثقافة من الجهات التي تعنى بالفعل الثقافي، وعودة مديرية الثقافة إلى نشاطها في مادبا لتسهم في بناء المشروع الثقافي الجديد في المدينة.

من جانبه أكد مدير ثقافة مادبا عوني أبو جريبان أن مادبا وعجلون تتنافسان على مدينة ثقافية للعام 2012، مشيراًً إلى أن المديرية أعدت برنامجاً ثقافياً شاملاً لهذا العام.

وقال "نحن معنيون تماماً في إشراك المثقفين في كافة أنشطتنا"، مؤكداً أنَّ من معوقات الحراك الثقافي في مدينة مادبا قلة عدد الهيئات الثقافية الفاعلة في المحافظة، وانعدام الدعم المقدم من المصانع للأنشطة الثقافية، وقلة وانعدام دعم المشاريع المقدم من الوزارة.