مثقفون يحاربون الحجر الصحي المنزلي بـ "القراءة في زمن كورونا"!

القراءة الوسيلة الأمثل للتعامل مع الحجر في الكورونا
القراءة الوسيلة الأمثل للتعامل مع الحجر في الكورونا
عزيزة علي عمان- "البحث .. القراءة والنقد"، هاجس المثقفين الدائم، فلكل منهم طريقته في التعبير عن رأيه، وذلك من خلال تحليلهم للأحداث أو الأزمات التي تدور حولهم. هنالك بعض الروائيين  الذين خطوا روايات تتناول الحياة في ظل انتشار الأوبئة، على غرار رواية "الحب في زمن الكوليرا " للكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، ورواية "الطاعون" للكاتب والمفكر الفرنسي ألبير كامو. وفي ظل هذا الواقع "المربك" الذي يئن تحت وطأته العالم بأسره من انتشار فيروس "كورونا"، وعقب إعلان قانون الدفاع 2 في المملكة، دعا وزير الصحة الأردني سعد جابر من خلال وسائل الإعلام المواطنين إلى البقاء في المنازل، واستغلال الوقت بالقراءة والمطالعة.  العودة للقراءة روائيون وشعراء وكتاب رحبوا بفكرة العودة إلى القراءة في هذه الفترة، معتبرين أنها قد ترفع الروح المعنوية لدى المواطن،. يرى الروائي والشاعر والقاص جلال برجس أن العزلة في ظل مواجهة "فيروس كورونا" يمكن أن تصبح "فرصة" لنطل على فضاء أكثر رحابة عبر شرفة الكتاب الشاسعة. "ففي الآونة الأخيرة، أبعدتنا وسائل التواصل الاجتماعي عن القراءة،"  يقول برج،  وما هي إلا ماء تسقي شجر أرواحنا، مبينًا أن البيوت تغدو أكثر حميمية عندما نقرأ، ونقترب من خلالها من ذواتنا وممن حولنا. ويدعو برجس إلى استثمار ما يحدث للإنسانية من أزمة بشكل إيجابي وسليم:" فنحن لسنا في سجن، نحن نساهم في إبعاد الخطر عن كوكبنا، وليس هنالك من فعل نقوم به في هذه المرحلة المقبلة أفضل من القراءة، فهي الشمس التي لها أن تطرد كل أشكال الظلام". لافتًا إلى أنه في هذه المرحلة ازدادت قراءاته التي استثمرها في الاطلاع على كتب في الأدب العربي والعالمي، كما أن هناك كتب جميلة لا تقتل الوقت وحسب، وإنما تجعل له إيقاعًا جميلًا. منى عوض الله، الباحثة وطالبة الدكتوراه في قسم الفلسفة في الجامعة الأردنية، ترى أنه على الرغم من أن ما نمر به جميعًا اليوم هو أزمة حقيقية، لكن الإنسان يستطيع بإرادته تحويل الأزمات إلى منافع، فمن ناحية يفيد الالتزام بتعليمات الحكومة في الحد من انتشار المرض، وفي ذلك خير الجميع ومصلحته. ومن ناحية أخرى يستطيع كل فرد أن يستثمر وقت الحجر، الذي ربما لا يُتاح له عادة، في التقدم خطوة إلى الأمام، كلٌ في مجاله وميدانه، لافتة إلى أن دعوة وزير الصحة لاستثمار الوقت في المطالعة لفتة جميلة وطيبة، آملة أن يأخذ بها الناس. وتقول: " سأحرص على توسيع قراءاتي في التخصص خلال هذه الفترة، وقد يتسنى لي أن أتابع العمل على بحث، كنت قد بدأته منذ مدة ولم أستكمله". وتضيف: "لا يفوت القول أبدًا، في جميع الأحوال والظروف، أن العزلة فرصة، ولها فضائلها البينة، شرط أن يحسن المرء اقتناصها". حدادين...القراءة تروي الشغف وترى الشاعرة والفنانة التشكيلية غدير حدادين أن مداهمة الأوبئة لشعوب العالم ليس أمرًا غريبًا أو جديدًا، حيث تختلف تفاصيلها وأبعادها ومساراتها وخسائرها وضحاياها. "ننادي اليوم، وفي هذا الوقت تحديدًا، بالثبات والحب والحكمة والهدوء والمسؤولية، نحتاج إلى بث روح الإرادة والقوة، لكي نحول من خلالها الخسائر الناجمة عن حالة الهلع إلى مكاسب ثقافية وسياسية واقتصادية ومجتمعية"، وفق حدادين. وتضيف حدادين "في ظل كورونا، الغبار  تراكم فوق الكتب، وحان وقت مطالعتها،  الذي تأجل كثيرا بسبب ظروف الحياة اليومية، وتحت وطأة الانشغال بتفاصيلها، "فهذه الكتب تستحق مني الآن رحلة للسفر فيها ومعها". وتبين أن " القراءة تجعلنا نبحر في عالم مختلف، هي لحظة مناسبة لكي تبحث عن كتاب يستهويك ويروي شغفك الذي تسافر معه بحرية، فتتجاوز به واقعًا مليئًا بالفيروسات والإشاعات، ولو لمدة ساعات، إلى واقع يحمل فكرة نبيلة". ونسافر مع حدادين التي تتابع حديثها، " قد تكون الرحلة أحيانا مغامرة في عالم اللون، حيث الريشة، وذاك الفضاء الأبيض الذي يكون بانتظارك، وهذه الرحلة الممتعة والمدهشة تحتاج بعضًا من التغيير والقدرة على التجاوز والفعل، فكم هو جميل أيضًا ممارسة التمارين الرياضية مع الموسيقى على إيقاعات من البهجة الجماعية مع عائلتك، تصاحبها ضحكات من القلب توقظ الثقة وتعطي للحياة طعمًا". تتابع، "للحظات تمالكت نفسي، وشعرت بأنني أمام اختبار حقيقي لذاتي، وعلي أن أثبت لها وبوضوح بأن ما اتمتع به من سلام داخلي قد حان وقته الآن، وكان من أهم التحديات هو القدرة على بث الروح الإيجابية بين أفراد عائلتي التي أعتبرها منجمًا للأمل والتفاؤل والحياة، لقد جاء دوري الآن، لتوزيع الأدوار وتقسيم الوقت واستثماره بأقصى قوة، وسأنظر كل يوم في المرآة، أبتسم وأهتف من قلبي، على هذه الأرض ما يستحق الحياة".  مواجهة الحياة من خلال القراءة الروائي والقاص قاسم توفيق يرى في طرح وزير الصحة للقراءة كما قال "واحدة من المتاريس التي نحارب من خلفها هذا الفيروس المربك والمتوحش الكورونا." متسائلًا إذا كانت هذه دعوة لقتل الوقت أثناء التزام الناس لبيوتهم؟ فإذا كان كذلك فهي لنتعدو أن تكون اقتراحًا عابرًا، وقد يكون غير مؤثر أيضًا، مؤكدًا على أن القراءة هي الوسيلة الأولى لمواجهة الحياة والعمر بمجمله، والتفكير في معنى وجودنا وحقيقته بالمجمل، وليس في حالات وظروف طارئة. " ويلفت توفيق إلى أن من تعود على "القراءة"، وتفكر منذ البداية لن يكون صعبًا عليه التعامل مع حصار الكورونا، فهو إن لم يتعلم كيف يتعامل مع انتشار هذا الوباء ومكافحته؛ وهو بالتأكيد قادر على تجاوز حالة الفزع والرعب التي يسببها هذا الفيروس. وحول موضوع القراءة يقترح توفيق أن تكون القراءة في أي موضوع باستثناء الأمراض، إلا إذا كانت ضمن نص أدبي إبداعي، فنحن إن بقينا متعلقين في القراءة عن المرض لن نقدر على التخفيف من حدة سطوته على تفكيرنا، مما يعني أننا سنهزم بالرعب وليس بالفيروس، لافتًا إلى إن القراءة أمر رباني سماوي، وهي ليست دعوة للمعرفة وحسب، بل والتفكر أيضاً. توفيق يقرأ ويكتب الآن كما يقول، "ما أقوم بعمله ككاتب للرواية أنني اقرأ أكثر الآن، ولاسيما في الرواية، وأكتب بمشاعر وأحاسيس جديدة ومختلفة، حتى أني عدت إلى العمل على روايتي الأخيرة التي لم تنشر بعد، وهي بعنوان "ليلة واحدة تكفي" التي تتحدث عن حصار رجل وامرأة داخل مطعم في جبل عمان، يوم ٥ حزيران سنة ١٩٦٧، وعن مشاعرهما ومخاوفهما من الحرب ومن الحصار في عمان المسدودة في ذلك اليوم المشؤوم". ويتخيل توفيق أن حصارنا اليوم من فيروس كورونا ليس أكثر بشاعة وشراسة من حصار الاحتلال الإسرائيلي لنا. [email protected]اضافة اعلان