مثلما فعلت هداس

هآرتس عميرة هاس 22/1/2019 طُلب مني القيام تقريبا بما فعلته هداس شتايف، عدم البحث في الهاتف المحمول، لكن اقتحام اسوار محصنة من الصمت، ليس من اجل كشف مخالفة، بل المساعدة بصورة غير مباشرة في ارتكاب مخالفة. المحررون طلبوا مني أن أفحص صحة المعلومات التي نشرت أول أمس في "صوت الجيش" والتي قالت إن إسرائيل صادقت لقطر على أن تحول لقطاع غزة 15 مليون دولار أخرى، وهكذا، أن تسحب القطاع قليلا فوق المياه التي تغرقه فيها سياسة الاغلاق الإسرائيلية بمساعدة النزاع القبلي بين حماس وفتح. أفيغدور ليبرمان سارع إلى ادانة المصادقة الإسرائيلية على تحويل الأموال. النبأ في "صوت الجيش" انتشر في القطاع مثل انتشار النار في الهشيم. كان هناك من استنتجوا أن ليبرمان يقوم بتسريب المعلومة. يجب عدم الشك في مؤامرة. ولكن مسموحا التخمين أنه كان للمسرب المجهول هدف وهو تسويد وجه نتنياهو، وترك القطاع يغرق أكثر قليلا في الوحل. وسائل الاعلام الفلسطينية تحدثت عن مظاهرة متوقعة لسكان غلاف غزة ضد تحويل الأموال. ليس من الصعب تخيل السيناريو: مركز الليكود مذعور، البيت اليهودي يستخف بالانهزامية، وحقائب الدولارات تبقى في الدوحة. لو أن الامير تميم بن حمد قد صادق لي على أن مبعوثه سيهبط في إسرائيل في ساعة معينة لكنت في معضلة: عدم الكشف عن ذلك وخيانة وظيفتي الصحفية، أو الابلاغ عن ذلك وتغذية شعلة التحريض، وجهل وشر المجتمع الإسرائيلي الذي يستمتع من غرق القطاع في أزمته، أي أن اساعد في ارتكاب مخالفة. في وكالة "رويترز" نشروا أن سفير قطر، محمد العمادي، أكد مجيئه هذا الأسبوع. وهكذا تخلصت من الورطة. إذا كان التحريض سيوقف التحويل، فإن المسؤولية لن تقع علي. المتعة المدانة من التسبب بالمزيد من المعاناة للفلسطينيين هي مرض إسرائيلي بحاجة إلى علاج طبي وليس صحفي. في المقابل، تقليص الجهل هو مهمة الصحافة. هيا نحاول إذا. التفكير الثنائي لليبرمان ودعاية حماس، ادخال الأموال، هو تعبير عن ضعف إسرائيل. العكس هو الصحيح، إسرائيل هي المسؤولة عن المستنقع الموحل، لكنها تتلقى المباركة لأنها تسمح بإدخال المجارف في محاولة لإزالة المستنقع. إسرائيل تسمح لانتقاد حماس بأن يتسرب عميقا: هنا يتبين أن مسيرات العودة الأسبوعية التي نتج عنها 183 قتيل بنار الجيش الإسرائيلي وأكثر من 23 ألف مصاب من بينهم معاقين، هي قابلة للتفاوض والتداول بالأموال. شعار العودة للمسيرات امتزج بالمطالبة برفع الحصار، وعندما لا يخف الحصار يعرضون الأموال على موظفي حماس، والمنظمة الفخورة مستعدة للعمل من اجل تقليص المظاهرات. الأموال أيضا تعمق الانقسام الفلسطيني الداخلي. محمود عباس ما زال يعتقد أنه يمكنه اخضاع حماس بواسطة التخلي عن الشعب الفلسطيني في القطاع، ويرى في عدد ساعات كهرباء اخرى تعطى للجيب المعذب، أو الحوانيت التي فيها زبائن، تهديدا لاستراتيجيته ومكانته. وإسرائيل هي التي تخرج الجيدة والمرتبة. وبالأساس، ببادرة حسن نية سخية، لا ندفع ثمنها، ننجح في لي سكين الاهانة مرة اخرى التي غرسناها في ظهر الغزيين. بأن الاعتماد على المنح من اجل أن يكون هناك ضوء في الحمام هو اهانة. الفلسطينيون في غزة معظمهم لاجئون، هم رجال عمل وابداع اعانوا انفسهم عشرات السنين. الشرط الأساسي والضروري لذلك كان حرية الحركة. وحرية الحركة هذه سلبتها منهم إسرائيل. سياسة خنقها لهم دهورت الوضع جدا، بحيث لا يوجد أي خيار سوى التنازل عن الكرامة وأخذ الأموال القطرية. لأن سحب المجاري والمدرسة التي تعمل هي أهم من الكرامة. في حين أن إسرائيل السجانة تظهر في العالم كمحسنة ومرنة جدا.اضافة اعلان