مجانية التعليم.. لماذا لا نأخذ بمقترح المعاني؟

ليس فقط عند ظهور نتائج امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة، لا بل عند كل بداية فصل دراسي جامعي، تظهر مشكلة، قديمة جديدة، نستطيع أن نُطلق عليها «عويصة»، تتمثل بعدم مقدرة نحو 85 بالمائة من الأردنيين على تأمين القسط الجامعي لفلذات أكبادهم. إن الحديث عن عدم مقدرة الحكومات المتعاقبة على دعم التعليم العالي، وأقصد به هنا الجامعي، أصبح ضربا من الخيال، أو هو الجنون بحد ذاته، خصوصا إذا ما علمنا بأن الحكومة تدعم الجامعات الرسمية بمبلغ لا يتجاوز الـ72 مليون دينار سنويا، وفي بعض الأعوام يصل إلى أقل من ذلك بكثير، وبمعنى أدق فهي تدعم فقط نسبة قليلة من الطلبة الجامعيين، خصوصا أن هناك معلومات تُشير إلى أن طلبة البرنامجين الدولي والموازي يُشكلون 30 بالمائة من مجمل الطلبة، يدفعون ما يقرب من الـ50 بالمائة من الرسوم الجامعية. وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور وليد المعاني، اقترح منذ عدة أعوام مقترحا يقضي بـ «إنهاء قضية تمويل الجامعات الرسمية، وشكاوى المواطنين من التمييز بينهم، على أساس البرنامج الموازي، وعدم قدرتهم على تعليم أبنائهم ودفعهم لصرف مدخراتهم وبيع ممتلكاتهم». المقترح أو المبادرة، تتضمن عدة نقاط، لو تم تطبيقها كاملة، لأصبح جُل الأردنيين الآن، لا يفكرون بقضية تعليم أبنائهم، ولا يحملون هما في سبيل توفير المال من أجل دفع قسط جامعي.. لكن أود التركيز في هذه السطور على أهم نقطة في ذلك المقترح أو تلك المبادرة، والتي تتمثل بالسؤال التالي: «هل سيقبل الأردنيون أن تفرض عليهم ضريبة للتعليم تكفي الجامعات؟»، ليُجيب المعاني: «أعتقد أن أغلب الأردنيين سيوافقون أن يكون تعليم أبنائهم في الجامعة مجانًا، وتستوفى من كل الأردنيين ضريبة معينة.. وضرب مثالًا على ذلك بفرض رسم على سعر لتر البنزين». أكثر من مقال كتبه المعاني في الصحف اليومية، يُقدم فيه رؤية، أو نستطيع أن نُطلق عليها بأنها أبحاث مصغرة، كافية لو تم الأخذ ببعضها، على أقل تقدير، أن تضمن تعليما مجانيا لكل أبناء الأردن. إن مبلغا يتراوح ما بين 250 مليونا و350 مليون دينار، سنويا، سيكفل إلغاء البرنامج الموازي، وضمان تعليم مجاني للطلبة جميعا. وبذلك نضمن أن لا يستدين الأردني أو يعرض بيته أو أرضا ورثها عن آبائه، للبيع أو الرهن، في سبيل تعليم ابن أو ابنة في الجامعة.. ورغم الشك في التصريحات الحكومية بعدم قدرتها على تأمين مثل هذا المبلغ، فهذا ما لا يتقبله عقل، إذا كيف لا تستطيع حكومة أن تؤمن هذا المبلغ المتواضع، ستعود خيراته على الجميع بلا استثناء!. ولو جدلا صدقنا كأردنيين تلك التصريحات، يبقى أن أخف الضررين على المواطن هو اللجوء إلى مثل تلك الضريبة، إن جاز التعبير أن نُطلق عليها كذلك، وإلا فالخيار الباقي، والذي يتمثل بزيادة الرسوم الجامعية، هو بمثابة الضربة القاضية بالنسبة للمواطن، وكذلك الوطن، الذي سيصبح أبناؤه بلا تعليم عال، وبالتالي لا نستطيع المضي قدما في التقدم والتطور ومواكبة الدول المتحضرة في المجالات كافة. الأردنيون، وعلى مدار عقود خمسة مضت، وهم يدفعون ضرائب شتى في سبيل دعم التعليم الجامعي، منها ما كان يُقتطع من رسم جمركي، أو تلك التي أُقرت على بيع أرض أو بناء بيت، وما إلى ذلك.. صحيح بأن التعليم العالي لم يكن يومًا مجانيًا، إلا أنه كان أقل ثقلًا على الأردنيين من الوقت الحالي. وللأمانة والموضوعية وقول الحقيقة، فإن المعاني، يضع ملخصًا بسيطًا لنوع من أنواع العدالة المجتمعية والتكافل، أكاد أجزم بأنه لو رأى النور، لكان حوالي 80 بالمائة من الأردنيين، الذي يقومون بتعليم أبنائهم في الجامعات، مرتاحي البال ويتمتعون بطمأنينة، ولا يُشغلون بالهم في تأمين قسط جامعي.اضافة اعلان