مجتمع عمل واحد.. فرص متساوية

تحت هذا الشعار تم تأسيس united nations entity for gender equality and the empowerment of women أو (un women) بقرار من منظمة الأمم المتحدة في تموز (يوليو) العام 2010، بهدف المساواة بين الرجل والمرأة، وذلك من خلال العمل على عدة محاور؛ أهمها محاربة العنف ضد المرأة، تعليم المرأة وتثقيفها، إتاحة فرص عمل متكافئة للجنسين.اضافة اعلان
ويعتمد تمكين المرأة، أو بكلمات أخرى زيادة قدرة المرأة، على مبادئ سبعة تتركز في إعداد قيادة عالية المستوى للشركات من أجل تحسين المساواة بين الجنسين، الإنصاف في معاملة المرأة والرجل في العمل والاحترام ودعم حقوق الإنسان وعدم التمييز، كفالة الصحة والأمان والخير لجميع العاملين على السواء نساء ورجالا، تشجيع تعليم المرأة وتدريبها وتنميتها مهنياً، تحقيق التنمية للمشاريع والممارسات المتعلقة بسلسلة الإمداد والتسويق التي تزيد من قدرة المرأة، تعزيز المساواة من خلال المبادرة والدعوة المجتمعية، وأخيراً قياس التقدم المحرز والتقديم العلني للتقارير من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين.
كانت هذه القرارات نابعة من أهمية المرأة في المجتمعات؛ فهي حجر الأساس منذ الأزل، وذلك للدور المحوري الذي تلعبه في تنمية المجتمعات البشرية، من خلال الرعاية والتربية التي تقدمها لأجيال المستقبل والتي لا تبدأ منذ نعومة أظفارهم فحسب بل ما قبل ذلك، فهي التي تقدم للجنين التغذية الصحية المتكاملة ليخرج إلى العالم بجسم وعقل سليمين، وبعدها تبدأ مشوار التربية وترسيخ المبادئ والقيم والأخلاق، فهي تزرع بداخله هذه البذور الطيبة وتنميها إلى عمر الشباب حتى يصبح عضوا فعّالا ومنتجا في المجتمع، ويستطيع مواجهة تحديات الحياة المختلفة.
فالمرأة تمتلك طاقات لا محدودة في العطاء وعلى الأصعدة كافة، ومنذ العصور القديمة لم تكتف المرأة بدور الأم والمربية بل تعدت ذلك، لتكون ممرضة، وفارسة محاربة، وشاعرة، وغيرها الكثير ونحن في العصر الحديث بأمسّ الحاجة لأن تلعب المرأة أدوارا أخرى، خصوصا إذا علمنا أن قدرة المرأة على التميز والعطاء وإظهار هذه الطاقات تعتمد على طبيعة المجتمع الذي تنشأ فيه، ومدى تعاونه في ضمان حقوقها، والعلاقة هنا طردية، فكلما زادت عدالة المجتمع مع المرأة زاد عطاؤها وتفجرت إبداعاتها أكثر، والعكس صحيح. فالتعليم والثقافة للمرأة هما السلاح الذي يمكن المرأة من إحداث التغييرات الإيجابية في المجتمع ككل.
لذلك تجد المرأة في المجتمعات المتقدمة والتي تتمتع بحقوقها كافة، تربي أولادا يحبون التعليم والثقافة، ويندفعون الى العمل وتنمية شخصياتهم وتوسعة مداركهم، على عكس المجتمعات النامية التي تجد فيها المرأة مضطهدة، تربي أولادها على مبدأ تأمين قوت يومهم فقط.
فحقوق المرأة تبدأ من الصغر؛ أي من خلال المجتمع الأصغر، وهو العائلة، فيجب أن تكون تربية الأنثى تربية صالحة ومتكافئة مع الاخوة الذكور، ويجب إعطاؤها حقها بالتعليم واختيار شريك حياتها ومن ثم إعطاؤها حقها في العمل. وأكثر هذه الحقوق أهمية التعليم؛ فالتعليم يزيد من معرفة المرأة، وينمي ثقافتها ويفتح لها الباب للتعرف على ثقافات أخرى، ما يؤدي إلى صقل شخصيتها بقالب أفضل وتزداد قدرتها على العمل، وبالتالي تصبح عضوا يتحلى بدور اقتصادي مهم أيضا، وتصبح مطلعة على مستجدات العصر وما يدور حولها من أحداث.
هذا كله يمكن المرأة من المشاركة في اتخاذ القرارات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في مجتمعها الصغير؛ أي أسرتها، وحتى في المجتمع بأكمله، حتى ان المرأة أصبحت تشارك في اتخاذ القرارات السياسية أيضا، وهذا يتجلى في مجتمعنا بإعطاء المرأة حقها في الانتخاب وليس هذا فقط بل أصبحت تشغل مناصب سياسية مهمة؛ كنائب في البرلمان، ووزيرة، وسفيرة لبلادها، وذلك من خلال إيماننا بتكافؤ الفرص والمساواة بين الجنسين.
وفي الأردن، كان لهيئة الأمم المتحدة نشاطها النسوي، ويتجلى ذلك في المبادرة التي أطلقتها بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار بهدف زيادة مشاركة المرأة في قطاع السياحة وتعزيز فرص حصولها على التدريب والعمل والتقدم الوظيفي في مؤسسات القطاع السياحي، بهدف نشر ثقافة المساواة بين الجميع في المؤسسات التي تعمل في القطاع السياحي، وذلك من خلال ضمان حصول الرجل والمرأة بشكل متساو على فرص عمل في مجال الخدمات والمنتجات السياحية. وتهدف أيضا إلى تعزيز فرص حصول المرأة على التدريب والعمل والتقدم الوظيفي في مؤسسات القطاع السياحي.
وإذا ما علمنا أن نسبة الذكور في العالم كله الى الإناث هي 1:1؛ أي تقريبا نسبة متساوية، فكل 104 ذكور تقابلهم 100 أنثى، وهذا يدفعنا الى التفكير بأنه لا يمكن لنا تعطيل نصف الكون عن العمل، في حين أن لهذا النصف قدرة وطاقات هائلة اذا ما أعطي الفرص الصحيحة، وهيئت له، بتعاون الجميع، الظروف المناسبة، فلابد له من أن يبدع في إعمار الأرض التي نعيش عليها.

* خبير في القطاع السياحي