مجلس الأمن: هل حان الوقت لنقض حق النقض؟

أحد اجتماعات مجلس الأمن الدولي -(أرشيفية)
أحد اجتماعات مجلس الأمن الدولي -(أرشيفية)

إيشان ثارور - (مجلة تايم) 23/9/2011
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
سوف تكون المقاربة الفلسطينية المتشنجة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، كما يعرف الجميع منذ فترة طويلة، ميتة بالولادة. وقد جعل استخدام الولايات المتحدة شبه المؤكد لحق النقض "الفيتو" من أجل الدفاع عن المصالح الإسرائيلية، جعل من هذه المناورة للاعتراف بالدولة الفلسطينية أقرب إلى الطقوسية الرمزية منها إلى أي عملية واقعية. ويأتي هذا، وفقاً لاستطلاع أجرته هيئة الإذاعة البريطانية، في وقت تقف فيه غالبية الرأي العام العالمي بقوة وراء الاعتراف بدولة فلسطينية منفصلة وذات سيادة. وهكذا، فإن الفيتو الأميركي، الذي يأتي في معارضة توافق دولي يعتنقه الجميع تقريباً، ربما يكون الإيماءة الأكثر أحادية، والتي يمكن أن يصنعها المرء في أكثر مؤسسات العالم تعددية في الأطراف.اضافة اعلان
فلماذا ما يزال يوجد، في القرن الحادي والعشرين، من يمتلك الحق ليفعل ذلك؟
لا شك في أن حق النقض "الفيتو" قد جاء إلى حيز الوجود، في جزء كبير منه، من أجل إقناع بعض القوى العظمى في القرن العشرين بضرورة الالتزام تجاه الأمم المتحدة وهياكلها. وقد حرص حق النقض على ضمان أن تستطيع البلدان القوية، مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، عرض عضلاتها دبلوماسياً بدلاً من عرضها في أماكن أخرى -خلال العقود الستة التي وجدت فيها الأمم المتحدة، تم استخدام حق النقض "الفيتو" لما يقرب من 300 مرة.
لكن العالم أصبح اليوم يختلف كثيراً عما كان عليه عند نهاية الحرب العالمية الثانية. وتشكل هيئة صنع القرار الرئيسية في الأمم المتحدة -مجلس الأمن، مع أعضائه الخمسة دائمي العضوية الذين يتمتعون بحق النقض (الفيتو)- يشكل المجلس انعكاساً لوضع "راهن" انقضى منذ فترة طويلة. وربما يشكل ذلك أكبر مفارقة تاريخية صارخة في الشؤون الدولية برمتها.
هل تستحق المملكة المتحدة وفرنسا -المجردتان من إمبراطوريتيهما وجيوشهما الكبيرة، والغارقتان في أوروبا المثقلة بالديون- هل تستحقان كلاهما التمتع بحق النقض فعلاً؟ وإذا كانت روسيا عضواً دائماً الآن، فلماذا لا تكون الهند كذلك، وهي التي تضم عدد سكان أكبر بكثير ولديها اقتصاد أكثر دينامية؟ وماذا عن اليابان وألمانيا، وكلاهما من اقتصادات العالم الأكثر أهمية، واللتين ما تزالان تتمتعان بمكانة لا تتعدى طول الذراع فقط في هذا المنتدى، بسبب وجودهما في الجانب الخاسر من الحرب قبل نحو سبعة عقود مضت؟ ومن الواضح أنه ليس هناك نقص فيمن يمكن الاختيار من بينهم.
تشكل قضية إصلاح مجلس الأمن بالكاد مسألة جديدة، وقد صرفت الأمم المتحدة نفسها سنوات من الجدل حول هذه العملية. والخيار الأكثر واقعية، كما يبدو، هو توسيع عدد الأعضاء الدائمين في المجلس، ولكن من دون منحهم مرتبة امتلاك حق النقض (الفيتو). لكن هذا الخيار يمكن أن يفتح علبة ديدان جديدة. كم يمكنك أن تجعل المجلس أكبر؟ ومن الذي سيحصل على المسحة المباركة التي تجعله عضواً دائماً؟ سوف تكون هناك، في كل منطقة مفردة، ادعاءات وادعاءات مضادة. ويمكن لطلب تقدمه البرازيل أن يواجه منافسة من الأرجنتين. وسوف تكون الصدارة في أفريقيا موضع نزاع بين جنوب أفريقيا ونيجيريا، مع وجود عدد من الدول الفرنكوفونية التي تنظر في ارتباك. وهذا هو السبب في أن إعلان إدارة أوباما مؤخراً عن دعمها لرفع مكانة الهند لتكون عضواً دائماً في مجلس الأمن، والتي لقيت الترحيب في الهند، كانت لفتة غير مريحة -إن لم تكن فارغة تماماً من المحتوى. ويمكن للمرء أن يتوقع أن يثير الباكستانيون وعدد من الدول الأخرى في المنطقة جحيماً من الضجة لو قدر لمثل الاقتراح أن يتقدم أبداً إلى الأمام.
هناك إجماع على ضرورة إصلاح مجلس الأمن بحيث لا تفقد هيئة الأمم المتحدة شرعيتها، لكن هناك نقصاً هائلاً في إرادة إطلاق عملية الإصلاح بكامل الطاقة. ففي نهاية المطاف، وما دامت القوى التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) تحتفظ بحقها في النقض، فإن الكثير من الحقائق الأساسية الكامنة لن تتغير على أرض الواقع. ويجادل أولئك الذين يدافعون عن حق النقض بأن الحكم الدولي، سيكون من غير وجود هذا الحق أكثر فوضوية واستعصاءً على التنبؤ. لكن الأمم المتحدة تصبح، مع وجود ذلك الحق، أقل صلة باطراد، بينما ترشح الجيو-بوليتيكا في غيرها من المؤسسات والتجمعات متعددة الجنسيات الأخرى الأكثر رشاقة، مثل "بريكس" (البرازيل وروسيا والهند والصين) أو مجموعة العشرين. وكما توقع كثيرون من قبل، فإن العقود المقبلة ستكون كلها حول الكيفية التي سيتعامل بها العالم مع آثار انحسار حقبة "السلام الأميركي" التي امتدت عبر القرن العشرين وصولاً إلى حاضرنا الراهن. وسوف تكون "التعددية" و"تعدد الأقطاب" الشعارين القلقين للحقبة المقبلة. ويبقى متروكاً للأمم المتحدة أن تصلح نفسها بحيث تعكس الوضع الراهن حقاً، بدلاً من أن تعكس وضعاً دولياً أودع منذ فترة طويلة في كتب التاريخ.


*نشر هذا المقال تحت عنوان: U.N. Security Council: Is It Time to Veto the Veto?

[email protected]