مجلس النواب ليس "مدرسة"

يبدو أن كافة الأساليب والإجراءات والآليات التي اتبعت من قبل رئاسة مجلس النواب والمكتب التنفيذي والمجلس ككل لم تنجح في دفع النواب للحفاظ على النصاب القانوني لجلساتهم. فلا نشر اسماء النواب المتغيبين بعذر ومن دون عذر، ولا المناشدات، ولا غيرها، تمكنت من اقناع النواب دائما بالحفاظ على نصاب جلساتهم القانونية، ولهذا فاننا نجد الكثير من الجلسات النيابية تفقد نصابها بعد مدة زمنية بسيطة من انعقادها. اضافة اعلان
هذا ما تكرر ايضا في جلسة مجلس النواب الأحد الماضي التي نوقش فيها مشروع قانون الانتخاب المعاد للمجلس من مجلس الأعيان، ومشروع قانون التقاعد المدني المثير للجدل، والذي فعلا تسبب بجدل دستوري واتهامات نيابية للحكومة بتحريضها الإعلام على المجلس النيابي.
فبعد إقرار "الانتخاب" كما جاء من "الأعيان"، وبعد تحويل مشروع قانون التقاعد المدني للجنة القانونية النيابية فقدت الجلسة نصابها بعد ساعة وربع الساعة من انعقادها. ويبدو أن النواب لم يتحملوا وقتا أطول، ولذلك تسرب النصاب، نتيجة مغادرة نواب تدريجيا للجلسة، وليس احتجاجا على موقف ما. ولم تنجح محاولات رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة في الحفاظ على النصاب، والحيلولة دون فقدان الجلسة لنصابها بالرغم من المناشدات والدعوات. وهذا ما أغضبه فعلا، ودفعه لرفع الجلسة بعد أن خاطب النواب غاضبا بالقول: "أنا لست في مدرسة.. لكي أقول كل شوي.. لا تخرجوا من القاعة، الكل يريد نقاط نظام، وانتم لا تحترمون النظام وتخرجون من القاعة".
وهذا الأمر، كما نعرف جميعا، ليس جديدا على النواب، فالكثير من الجلسات فقدت نصابها بعد مضي بعض الوقت، من دون أن يكتب لها نهاية طبيعة، أي مناقشة كافة المواد والنقاط المطروحة على جدول أعمال الجلسة. وهذا يدل فيما يدل على أن هناك استهتارا من بعض النواب بما يناقشه مجلسهم تحت القبة، لذلك يتركون الجلسة ليذهبوا ليتبادلوا أطراف الحديث في أروقة المجلس، أو يغادروا الجلسة والمجلس للخارج، ولا يهمهم ما  يدور تحت القبة، وما يتم الاتفاق عليه، أو التصويت عليه من تشريعات.
اعتقد أن هناك نوابا لم يساهموا على الإطلاق في أي نقاش لإقرار تشريعات، أو لمحاسبة الحكومة ونقاش سياساتها المتنوعة. وأعتقد، أن بعض النواب تحدثوا قليلا جدا تحت القبة ولم يسمع صوتهم كثيرا. إن هذه السلبية (فقدان النصاب القانوني للجلسات) تحتاج لمعالجة جريئة وجادة من قبل المكتب التنفيذي للمجلس ومن قبل رئاسة المجلس ومن الغالبية النيابية. ولا يجوز أن يعوق هذه المعالجة الضرورية القول، إن مجلس النواب يعيش أيامه الأخيرة قبل الحل، وإن صدور الإرادة الملكية المرتقبة بالمصادقة على مشروع قانون الانتخاب، يعني أن ساعة حل المجلس قد اقتربت.
هناك ضرورة، حتى لو بقيت أسابيع قليلة، لمعالجة حقيقية وجريئة وجذرية لفقدان النصاب حتى تساهم (المعالجة) بنسيان المواطنين للكثير من السلبيات التي مارسها نواب خلال هذه الدورة والدورات النيابية السابقة.