مجموعة سكانية لها جيش

عائلة فلسطينية تراقب قوات الاحتلال أثناء هدم منزلها في مسافر يطا-(وكالات)
عائلة فلسطينية تراقب قوات الاحتلال أثناء هدم منزلها في مسافر يطا-(وكالات)
هآرتس رعياه يارون كرمئيل - 15/1/2023 ضباط في قيادة المنطقة الوسطى، من الجنرال يهودا فوكس فما تحت، بدأوا يستعدون لإخلاء سكان مسافر يطا في جنوب جبل الخليل كي يتمكن الجيش من البدء باجراء تدريبات عسكرية منتظمة في المنطقة، هذا ما كتبه في الاسبوع الماضي ينيف كوفوفيتش. حسب المقال الاعدادات تمت بمبادرة من المستوى الامني ولم تسبقها أوامر (أو مشاورات مع المستوى السياسي). هل من المعقول أن جنرال في الجيش الاسرائيلي يبادر الى خطة، حتى في قضية متفجرة وتثير الاهتمام الدولي، والوزير المسؤول (في هذه الحالة الحديث يدور عن بني غانتس) لا يعرف عن ذلك؟. هل قائد المنطقة الوسطى استغل حقيقة تشكيل الحكومة الجديدة واخرج من الدرج خطته؟ هل يعقل أنه في جيش الشعب قائد كبير جدا، بصفته المسؤول عن المناطق، يضع خطط عملية تتعلق بحياة الناس من اجل السيطرة على اراض بدون تعليمات صريحة وبدون أن يعرف وزير الدفاع؟. لقد بقيت غارق في السؤال الذي قض مضاجعي. هذا كان في الصباح الباكر، وقد قررت توجيه السؤال لخبير عسكري. جوابه، قبل قراءة المقال بالكامل، كان "هذا غير معقول". بعد قراءة المقال قال: "قيادة المنطقة الوسطى تتجاوز المستوى السياسي". من اجل فهم ماذا يحدث بالضبط في المنطقة التي تسمى مسافر يطا يجب أن نرجع بالزمن الى الخلف. ففي 1981 اقترح وزير الزراعة في حينه، اريئيل شارون، تخصيص للجيش الاسرائيلي مناطق للتدريب في جنوب جبل الخليل، رغم أنه لم تكن حاجة عملية لذلك في تلك الفترة. السبب الحقيق موجود في محاضر الجلسات من تلك الفترة. شارون اعترف بأنه يفضل استخدام الجيش لهذه المناطق بسبب تمدد العرب في الجبل. وقال ايضا "توجد لنا مصلحة في توسيع وزيادة مناطق التدريب للحفاظ على هذه المناطق في أيدينا". من الواضح كم هذا بسيط. الآن لننتقل بقفزة سريعة الى الامام 30 سنة: في نيسان 2014 تم عقد جلسة للجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، فيها تمت مناقشة "البناء الفلسطيني غير القانوني في مناطق ج". مراسلة "هآرتس" عميره هاس كتبت في حينه أن موقف الكثير من المشاركين هو أنه يجب "تطيير" السكان الفلسطينيين من المنطقة. وقد فسر ذلك بالادعاء أنه حسب تعليمات المسؤول عن المناطق، الذي هو قائد المنطقة، يحظر على الفلسطينيين البناء في مناطق ج، وبناء على ذلك يمكن استغلال "مخالفات" البناء التي يقومون بها من اجل ابعادهم كليا عن المنطقة. ايضا عيناف شليف، الذي كان في حينه عقيد وقائد قسم العمليات في قيادة المنطقة الوسطى، قال في تلك الجلسة أن الرغبة في العمل ضد البناء غير القانوني هي أحد الاسباب لزيادة التدريبات في الغور وفي جنوب جبل الخليل. أي أنه حتى من اقواله يمكن الفهم بأن تخصيص المنطقة للتدريب لم ينبع فقط من اسباب مهنية، بل كذريعة لطرد السكان المحليين. في تلك الجلسة شارك اعضاء اليمين في حينه والاعضاء في الحكومة الآن اوريت ستروك وبتسلئيل سموتريتش، اللذان موقفيهما في حينه وحتى الآن يفسران الرغبة القوية في السيطرة على الادارة المدنية. وحسب موقفهما فانه من الافضل أن يسيطر على هذه الهيئة المستوطنون بشكل مباشر بحيث أنها تخدمهم وتواصل خدمتهم. لقد سعت ستروك وسموتريتش خلال السنين بصورة عنيفة الى طمس سياسة الخط الاخضر وتفضيل لا هوادة فيه للمستوطنين على مجموعات سكانية اخرى، خاصة الجيران الفلسطينيين. عند تشكيل الحكومة الحالية وازاء القوة التي راكمتها ستروك وسموتريتش امام بنيامين نتنياهو الضعيف فهما يمكنهما املاء على رئيس الحكومة طموحاتهما، التي تتمثل بالتفاصيل الدقيقة للسيطرة المطلقة على الحياة وراء الخط الاخضر. لكن سموتريتش وستروك يعتبران اشخاص يلعبان في ملعب مفتوح وبصورة مكشوفة. مواقفهما ودوافعهما لم تتغير، بل هي فقط وصلت الى مقدمة المسرح. من أخذ، حسب ما نشر، اقتراح شارون المخادع من اربعين سنة وطموحات اعضاء اللجنة الفرعية في لجنة الخارجية والامن وحولها الى خطة عملياتية، فعل ذلك في الظلام وبدون اشراك وزير الدفاع، المسؤول المباشر عنه. بصدفة غريبة تم الكشف عن هذا العمل في وضح النهار، بالضبط عند تولي الحكومة اليمينية المتطرفة للسلطة. عندما وجد الجنرال الفرصة لتقديم ثمار عمله التي جهد من اجلها بدون مصادقة المستوى السياسي. هل في الوقت الذي يخطط فيه الجيش ويستعد لتنفيذ خطط تخدم المستوطنين وتقديمها لمصادقة الدولة عليها بدلا من تسلم اوامر وتنفيذها، ألا يوجد في ذلك نوع من الانقلاب في الحكم؟. أنا ترعرعت في كيبوتس غينيغار، أبي وأمي كانا من مؤسسي الكيبوتس، الذي عمره الآن مئة سنة. نحن عشنا حياة متواضعة ولم نعتقد أننا نستحق ذلك. آباءنا لم يحاولوا ابتزاز من الدولة المزيد والمزيد من اجل مشروع الاستيطان الذي اقاموه ولم يضعوا أي خطط في الظلام حول كيفية تفضيل انفسهم على حساب الآخرين. في المقابل، اثناء نشاطي في المناطق شاهدت مرة تلو الاخرى الانسجام المطلق بين الجيش والمستوطنين في البؤر الاستيطانية غير القانونية. مجموعة سكانية صغيرة يوجد لها جيش، الذي توجد له دولة، والجميع يعملون صبح مساء على سرقة الفقير والتدمير والزعرنة.اضافة اعلان