محاكمات الشركات الشعبوية

سلامة الدرعاوي هناك اعتقاد عند البعض الذين يملكون صفحات سوشيال ميديا أو قناة على اليوتيوب انهم يملكون الحق في تناول أي موضوع يريدونه بغض النظر عن تداعياته وخصوصيته، وهذا شاهدناه وسمعناه قبل أيام قليلة في التعرض لشركة مناجم الفوسفات الأردنيّة والطعن بإدارتها وشركائها الاستراتيجيين والتشكيك بمشاريعها وآليات عملها وعطاءاتها. الحقيقة ان الأمر لا يحتاج إلى ذلك التحقيق للتأكد من صحة ما تم تداوله والذي هو أقرب للسذاجة في الطرح، فالقول بأن الشريك الهندي يسيطر على الشركة ويستحوذ على ثلثي مجلس الإدارة كلام لا يمت للحقيقة بصلة، فباستطاعة أي شخص الدخول إلى مركز الإيداع ليتحقق من ذلك، فالشركاء الهنود لهم فقط ثلاثة مقاعد من أصل تسعة كلهم أردنيون يمثلون الحكومة والضمان والمستثمر الكويتي والمستقلين، وهم لا يملكون حق الفيتو في مجلس الإدارة، وليس لهم أي سلطات إدارية على إدارات الإنتاج والتسويق والمبيعات أو أي دائرة في الشركة، فوجودهم مقتصر فقط على المقاعد المخصصة لهم. أما القول بأن هناك منتجات تباع لهم بأقل من السعر العالمي نتيجة سيطرتهم على إدارة الشركة فهذا أيضا هراء، لان الشركة تطرح عطاءاتها ضمن آلية واضحة ضمن التسعيرة العالميّة، ناهيك من ان إدارة الشركة قبل حوالي أربع سنوات ألغت كل شيء اسمه تلزيم في أعمال الشركة والتي باتت جميعها بلا استثناء تحت مظلة العطاءات التي أيضا لا يوجد فيها ممثل للشريك الهندي الذي يعتبر من أقدم وأكبر زبائن الفوسفات منذ أكثر من عقدين، ويشتري سنويّاً ما يقارب المليوني طن من خام الفوسفات. طبعا هناك العديد مما يمكن تفنيده بكل سهولة ضد ما يتم تشويه صورته في أعمال شركة الفوسفات التي باتت اليوم أكبر شركة تحقق أرباحاً صافية بعد الضريبة في الربع الثالث من العام بقيمة تجاوزت الـ184مليون دينار، وهي مقبلة على استثمارات نوعية بقيمة تناهز الملياري دولار ستتشكّل معالمها النهائية خلال النصف الأول من العام المقبل. موضوع الفوسفات وما تتعرض له على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي يقودنا للحديث عن الاستباحة الشعبويّة لأملاك وحقوق المساهمين في الشركات المساهمة العامة التي تعرضت في السنوات الأخيرة لعمليات تشويه واعتداء مباشر على أعمالها أدت إلى تراجع أنشطتها وتوقف الكثير منها عن العمل، مما تسبب بخسائر فادحة لحملة الأسهم ومستثمري هذه الشركات. هذه الأعمال والإشاعات التي تتجاوز المنطق في الطرح باتت تشكّل خرقاً للقانون وتعتبر فعلاً جريمة اقتصاديّة بحق الشركات المساهمة العامة التي لها هيئات عامة هي صاحبة الولاية في محاسبة ومراقبة أداء الشركات ومجالس إداراتها وفق قانون الشركات، ولا يجوز التعدي على أصحاب المال وحملة الأسهم من خلال صفحات التواصل الاجتماعيّ، فهده شركات لها مالكوها ولا يحق لأي من كان التعرض العشوائي لها خارج إطار قانون الشركات وتعليمات هيئة الأوراق الماليّة والأنظمة التي تحدد شكل آليات عمل الشركات المساهمة العامة حتى لو كانت الحكومة مساهمة فيها، فهي تبقى مساهم من آلاف المساهمين، وطرق الرقابة واضحة ومحددة في القانون الذي فوّض الهيئة العامة للولاية في ذلك. ما شهدته الفوسفات في الأيام الأخيرة من حملة تشويه على السوشيال ميديا ومواقع إعلامية مختلفة، هو شكّل من أشكال المحاكمات الشعبويّة الزائفة التي تسير وراء إشاعات، مستغلة الظرف المعيشيّ والتحديات التي تواجه الأسر الأردنيّة، وتوظف هذه الاحتياجات بشكل مخالف للقوانين، مما ترك تداعيات سلبية كبيرة على الاستثمارات للشركة ومستثمريها الاستراتيجيين الذين اشتروا أسهم بكل شفافية ووضوح على مرأى ومسمع من كافة الجهات الرقابية المختصة. ما تعرضت له الفوسفات من طعن وتشويه مبرمج هو استباحة لحقوق المساهمين وحملة الأسهم التي تراجعت قيمتها في بعض الجلسات بسبب تلك الحملة الإعلامية المبرمجة على الشركة وإنجازاتها. آن الاوان للتصدي لمثل هذه الحملات، واعتبارها جريمة اقتصاديّة مخلّة بالأمن الاقتصاديّ الوطنيّ وتؤثر على سمعة المملكة وشركائها الاقتصاديين، وتثبط من قصص النجاح، وهذا ما يستدعي تغليظ العقوبات على كل من يقوم بهذا العمل، ولتكن الفوسفات وما يدور حولها بداية هذا العلاج.

المقال السابق للكاتب

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا

اضافة اعلان