"محامي الدفاع": شخصية "تستفز" الآخرين

"محامي الدفاع": شخصية "تستفز" الآخرين
"محامي الدفاع": شخصية "تستفز" الآخرين

منى أبوحمور

عمان- حالة من الاستفزاز تسيطر على الثلاثيني محمد صادق، عندما يبدأ زميله في العمل بممارسة مهنة محامي الدفاع، معتقدا نفسه "مصلحا للكون" وخط الدفاع الأول عن أي شيء قد يحدث في العمل.اضافة اعلان
يقول "التعامل مع مثل هذا الشخص يجعلني أتوتر كثيرا".
الأمر ذاته يحدث مع الثلاثيني خالد معايطة، الذي مل تبريرات أخيه الدائمة في الدفاع عن عمه الذي انقطع عن الاتصال بهم لمدة سنة كاملة، مستهجنا استعداده الدائم للدفاع عنه.
"في كل مرة يحاول فيها أخي الدفاع عنه أشعر بالضيق"، هذا الأمر لا ينطبق على معايطة وحده، وإنما يشاركه ذلك الشعور السلبي أفراد عائلته الذين أصبحوا معتادين على تدخله السريع والبدء بالدفاع وخلق التبريريات التي يمقتها كل من حوله.
بيد أن الأمر يتخذ وجها مختلفا مع الخمسيني خليل عبدالهادي، الذي يقوم بالدفاع عن الآخرين وخلق التبريرات للكثير من الأفعال التي يقومون بها وإن كان على يقين بأنه مخطئ.
"أحاول دائما الدفاع عن الآخرين وعن وجهة نظرهم وإن أساؤوا التعبير عنها"، مشيرا إلى أن الأفضل في الإنسان دائما أن يتخذ النية الحسنة وأن يبتعد عن سوء الظن.
يقول "في كل مرة يصفونني بمحامي الدفاع"، لافتا إلى أن الأشخاص الذين نعيش ونتعامل معهم يستحقون أن نعطيهم فرصة ونفكر قليلا قبل الحكم عليهم.
في حين أن الأمر أكثر سوءا مع العشرينية ليالي السيد، التي باتت تعتقد أن صديقتها التي تنتمي إلى أصول غربية من جهة أمها قد عينت مؤخرا محامي دفاع عن العالم الغربي بأكمله.
"في كل مرة تسمع بها عن تطور في مجال ما أو حتى شخص يتمتع بصفات جيدة حتى ترجع ذلك إلى وجود جذور غربية أو أنه عاش في إحدى الدول الغربية"، تقول السيد، واصفة الأمر بالمزعج، خصوصا وأنها لم تعش هناك حتى يوما واحدا.
وتستنكر الثلاينية ميرنا فيصل وزميلاتها زميلة لهن في العمل التي طالما اعتادت الدفاع عن أي شخص يتفق الجميع على تقصيره في العمل وعدم إتقانه لما يوكل إليه من مهام، حرصا منها على مجادلة زملائها وإثبات الوجود.
غير أن سهى إبراهيم (31 عاما) ترى أن وصفها من قبل عائلتها وأصدقائها بـ"محامي الدفاع" أمر إيجابي، لافتة إلى أنه على الإنسان أن يظهر باستمرار الجوانب الإيجابية في بعض الأشخاص وإن لم تكن ظاهرة بوضوح، ليس للدفاع عنه فقط، إنما للتخفيف من حدة الانتقاد الذي يوجه له من قبل الآخرين.
وتشير إلى أنها تدرك في داخلها أن دفاعها في كثير من الأحيان عن أحد الأشخاص ليس بمكانه، ومع ذلك تصرّ أن تتحدث بـ"كلام طيب" عنه لعل ذلك يحقق نتائج إيجابية.
وتضيف "ان "محامي الدفاع" يرى صفات وجوانب إيجابية بشخص ما ربما لا يراه غيرها".
وبدوره، يشير اختصاصي علم الاجتماع الأستاذ المشارك في جامعة مؤتة وجامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حسين محادين، الى أن أنماط التنشئة الاجتماعية التي يتشربها البعض لا تعمق لديه مهارات الحوار من جهة مثلما هي مزودة ضعيفة له في المعارف والمعلومات.
ويضيف "يعتمد البعض من هؤلاء المدافعين على وهم أنه يعرف كل الأشياء جراء اعتماده على ما يعرف بالثقافة السماعية التي لم تختبر علميا أو بدقة، مكتفيا بترديد ما سمعه أو ما يعتقده لحظيا بأنه صواب".
لذلك يجد بعضهم لإثبات نفسه مهرجا أكثر من كونه عنصرا إيجابيا في أي قضية وحوار مطروح، ومن هنا يجد أن هذه الارتجالات لدى هؤلاء الناس قد حرمتهم من نيل عضوية الجلسة صورة مقبولة من قبل الآخرين المشاركين، وانقلبت هذه الجلسة إلى عامل نفور منهم، خصوصا إذا ما ارتسم بهم انطباع سلبي لدى الأغلبية.
والتعامل مع هؤلاء الأشخاص، وفق محادين، يحدد انطباعا سلبيا لدى الأغلبية عن أن هذا الشخص يقوم بدور "محامي الدفاع" الضعيف وغير المتمكن، والمعتمد على الثقافة السمعية والإجابة الافتراضية.
ويعزو محادين قيام البعض بذلك لاعتقادهم بأنه لابد من أن يكونوا مصدر الحديث بغض النظر عن دقة الحديث أو الحالة المناقش حولها.
من جانبه، يشير اختصاصي التربية والإرشاد النفسي الدكتور منذر سويلمين، إلى أنواع شخصية الإنسان المختلفة والتي يعد حب الظهور واحدة منها.
ويقوم صاحب هذه الشخصية، وفق سويلمين، بلفت الانتباه لنفسه من دون أن يشعر من خلال مداخلاته بالكلام، فيأخذ الرأي المخالف للموجودين للمعارضة بدون أن يكون لديه مبرر أو عمق في المعرفة وإنما يقول الكلام لمجرد الكلام.
وهذا النوع من الشخصيات يخلق نوعا من التوتر لدى الناس المحيطين به، لاسيما عندما يهب في كل مرة يتحدث بها أحد عن أي موضوع كان، معتبرا نفسه مسؤولا عن أي شيء يمكن أن يحدث ومطالب بالتبرير عنه.