محور بوتين في الشرق الاوسط

يديعوت أحرونوت
أفرايم هليفي  16/3/2016

الرئيس بوتين، على عادته، اضطر إلى حدث دراماتيكي كي يعلن عن أن مهام روسيا العسكرية في الجبهة السورية قد أنجزت وعليه فقد أمر ببدء انسحاب "القسم الاساس" من قواته من الدولة. وفي بيانه لم يحدد بدقة ما هي تلك المهام التي انجزت، ولكنه تكبد عناء التشديد على أن القواعد المركزية لن تغلق، ولا سيما القاعدة الجوية في اللاذقية والتي تم توسيعها جدا في الاشهر الخمسة الاخيرة من القتال. وسيبقى التواجد الروسي، ولا سيما الجوي، في المنطقة لفترة غير محدودة، وسيعزز من جديد اذا ما نشأت حاجة روسية أو سورية تستوجب ذلك. في هذه الاثناء تواصل روسيا الغارات الجوية، ومن هذه الناحية لا يشكل إعلان بوتين أمس نهاية العنف في سورية. على طريقة الرئيس الروسي، لن تتضح نواياه الا بعد وقت.اضافة اعلان
هذا هو الوقت لاجراء وزن مرحلي عن الجبهة السورية. فقد تميزت الاشهر الاخيرة بنشاط روسي مكثف وحر في سماء دمشق وباقي مدن الدولة. مئات وربما آلاف الاهداف قصفت والحقت اضرارا هائلة بالارواح والممتلكات، سواء في مناطق القتال أم في المناطق المدنية. وقد عملت روسيا بلا قيود ونجحت في تغيير موازين القوى بين مقاتلي الاسد ومعارضيه. ولكن في هذه الفترة لم يتحقق حسم، وقوات الجماعات المختلفة المعارضة للحكم العلوي لم تدمر – فقد بقيت نازفة ولكنها حية ترزق.
لقد حقق التعاون الروسي – الإيراني والاستثمار الكبير لقوات طهران الخاصة إنجازات ذات مغزى، ولكن هذا التعاون ابرز قصر يد إيران عن الانتصار وتثبيت سيطرتها في سورية، ضمن أمور اخرى في دور انتاج تهديد إيراني ذي مغزى على إسرائيل. والاحرى، فقد حددت إسرائيل لإيران الحدود وفي سلسلة أعمال نجحت في صد محاولات طهران خلق تواجد على مقربة من الحدود الإسرائيلية – السورية. ومن سلوك اللاعبين في الميدان يمكن الاستنتاج بان روسيا لم تحاول مساعدة إيران في تحقيق نواياها.
لقد خرجت روسيا رابحة من ترتيبات التنسيق العملياتي مع إسرائيل، والتي تقررت عندما زار رئيس الوزراء موسكو قبل بضعة اشهر. وقد أجدى صمت إسرائيل عن النشاط الروسي الواسع خلف الحدود لروسيا أيضا على مستوى صورتها الدولية. فتحت السطح قبعت منظومة "اخذ وعطاء" نضجت لدرجة تحقيق منفعة الطرفين. ثمة أساس للافتراض بان هذه السياسة لن تمس بعلاقات إسرائيل والولايات المتحدة، التي هي الاخرى وبشكل غير مباشر استفادت من نجاح إسرائيل في منع انجاز إيراني في جنوب سورية وفي هضبة الجولان.
على هذه الخلفية تشكل زيارة رئيس الدولة الحالية إلى موسكو فرصة ليس فقط للسماح له بتلقي ايضاحات عن نوايا بوتين في الزمن القريب القادم. فمثلما يمكنه أن يبارك وضع العلاقات بين إسرائيل وروسيا، يمكن لريفلين ايضا أن يفحص استعداد بوتين لممارسة تأثير كابح للجماح على إيران في الفترة الحرجة القريبة القادمة.
لقد كانت علاقات روسيا – إيران منذ البداية معقدة جدا: فروسيا كانت وما تزال موردة سلاح مركزي لإيران. مليارات الدولارات التي تتحرر للاستخدام الإيراني في أعقاب الاتفاق النووي تستخدم  ضمن امور اخرى لتمويل المشتريات الإيرانية في روسيا. وتأثير روسيا على طهران أكبر بلا قياس من تأثير الولايات المتحدة. فبوسع روسيا أن تضغط على إيران كي تنفذ بشكل دقيق التزاماتها بالطريقة الأكثر نجاعة.
عادت إيران مؤخرا لتنفيذ تجارب على وسائل اطلاق الصواريخ الباليستية المخصصة ضمن أمور اخرى لحمل سلاح نووي. وكان بنيامين نتنياهو عمل في التسعينيات، في اثناء توليه منصب رئيس الوزراء في ولايته الأولى، عمل بلا كلل بهدف وقف المساعدة الروسية المباشرة للبحث والتطوير لهذه الوسائل. وقد كانت تلك ايام مختلفة؛ أما التعاون الروسي – الإيراني في سورية فأنتج هامش علاقات عملياتي مهم بين الدولتين.
ان ارسال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة لرفع احتجاج علني ضد التجارب الإيرانية ضروري للوجه العلني في الدبلوماسية الإسرائيلية، ولكن الاهم هو المحاولة الإسرائيلية الجدية لفحص عميق لجوهر علاقاتنا المتطورة مع روسيا. فخطوة روسية لوقف الانشغال الايراني باجهزة اطلاق الصواريخ كفيلة بان تعطي منفعة كبرى للطرفين. "المسافة بين طهران وتل أبيب تشبه جدا المسافة بين طهران وموسكو"، هو قول سمعته أكثر من مرة في روسيا على مدى السنين.

 *رئيس الموساد الاسبق