مخاطر ترافقنا كل صيف

عدد محدود من الحوادث المسجلة في الأسابيع الأخيرة، تنذر بتجدد ظواهر مؤسفة وخطرة ترافقنا كل صيف. رصاص الأفراح والمناسبات، وما يخلف من ضحايا، الألعاب النارية والمفرقات الصوتية، وما تسببه من إزعاج وتوتر، وبالطبع مواكب الأفراح والخريجين، التي تملأ الشوارع، لا بل تحتلها كما يطيب لأصحابها، دون أدنى اكتراث بالقوانين.اضافة اعلان
منذ أيام فقط وقعت عدة حوادث أصيب خلالها مواطنون أبرياء برصاصات طائشة، كان أحد ضحاياها سيدة تركت خلفها أطفالا صغارا، وطالت أخرى مسؤولا في محافظة العاصمة.
مع قرب دخول فصل الصيف، ستصبح مناسبات الأفراح والتخريج ومن بعدها نتائج التوجيهي حالة شبه يومية. سنعود من جديد إلى مناقشات العام الماضي، ونستمع لنفس الشكاوى، وربما نسجل نفس العدد من الضحايا بكل أسف.
هل يتغير شيء في الواقع؟
لا نعلم، الجهات المختصة اتخذت في سنوات سابقة عددا من الإجراءات لضبط تلك الظواهر والحد منها قدر الإمكان. لكن ما دام السلاح منتشرا في أيدي المواطنين بهذ القدر الكبير، فإن ما من سلطة تقدر على التحكم باستعمالاته.
وفي ظل الشعور بالقدرة على تحدي سلطة القانون، لن يتردد الكثيرون في إغلاق الشوارع بمواكب أعراسهم. الثقافة السائدة ما تزال أقوى من قوة القانون.
في حالات كثيرة أقدمت الأجهزة الأمنية على توقيف المعنيين بمناسبة الفرح، وتم بالفعل تغليظ العقوبات، ووضع إجراءات صارمة لضبط استخدام الألعاب النارية، لكن ذلك لم يمنع استمرار الظاهرة.
ينبغي على السلطات المختصة وبالتعاون مع وسائل الإعلام أن تشرع منذ اللحظة بحملة واسعة لا للتوعية فقط، بل لتحذير الناس من عواقب إطلاق العيارات النارية وإغلاق الشوارع بالمواكب، واستعمال الألعاب النارية، وتذكيرهم بنصوص القانون، وبالعقوبات التي ستقع عليهم في حال ارتكبوا مثل هذه المخالفات.
عمان والمدن الكبرى تستقبل في فصل الصيف عشرات الآلاف من المغتربين العائدين لقضاء إجازاتهم بين الأهل، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من السياح العرب. وهذه المدن تعاني في الأساس من ازدحام مروري، واكتظاظ بشري، لكنها في فصل الصيف تصبح لا تطاق من شدة الازدحام. يكفيها هذا، ولا يمكنها أن تحتمل المزيد من الاختناقات المرورية، والضجيج المصاحب لتلك المناسبات.
في قلب العاصمة عمان كنا نسمع في الليل صوت الرصاص مع نهاية كل أسبوع، ينطلق من كل جهة، ومع تكرار حوادث الرصاص الطائش، صار المرء يخشى على نفسه من الوقوف بفسحة منزله الصغيرة، أو يخرج يتمشى في الشارع.
ما أخشاه أن نعود لنفس الأجواء السابقة وكأن شيئا لم يتغير؛ نصرخ في وسائل الإعلام، ونساجل حول الإجراءات المطلوبة للردع، ويمر الصيف فنطوي كلامنا مثلما فعلنا في مواسم سابقة، وهكذا نبقى ندور في حلقة مفرغة، إلا من الموت المجاني، والقهر من شوارع صارت تحت رحمة ومزاج البعض، فيما الأغلبية المسالمة تدفع ثمن التزامها بالقانون وقواعد السير.