مخاوف نقص المياه.. هل تحكم المشهد الزراعي الموسم المقبل بالغور الجنوبي؟

هشال العضايلة

الكرك- للموسم الثاني على التوالي، يتردد مزارعون في الاغوار الجنوبية بتجهيز كامل مساحة أراضيهم الزراعية، جراء مخاوف من تكرار الخسائر التي لحقت بهم الموسم الماضي نتيجة نقص مياه الري، ومنعهم من زراعة كامل الوحدة الزراعية بمحصول الملوخية، اضافة الى منعهم من زراعة محاصيل مجاورة لمحصول الموز.اضافة اعلان
وشكل نقص مياه الري الموسم الماضي معضلة امام المزارعين الذين وجدوا انفسهم غير قادرين على تأمين الكميات الكافية لري محاصيلهم فيما اضطر البعض الى استخدام صهاريج المياه الخاصة ذات الكلف العالية لإنقاذ موسمهم.
وبتجاوز عقدة انخفاض الاسعار التي خفت حدتها بعد ان شهد العام الماضي استقرارا نوعيا بأسعار بيع الخضار، تأتي عقبة نقص مياه الري لتبقي قطاع الزراعة في غور الصافي والمزرعة والحديثة وفيفا والذراع والواقعة ضمن مناطق الأغوار الجنوبية، في دائرة المراهنة غير المضمونة.
ويؤكد مزارعون ان احجامهم عن زارعة كامل أراضيهم للموسم الحالي، يأتي بسبب تردي الاوضاع بشكل عام واهمها الديون الكبيرة ومن بينها اثمان المياه العالية.
وكان مسؤولون من سلطة وادي الأردن وادارة مصادر المياه الجنوبية، التقوا الاسبوع الماضي مع مزارعين ورؤساء جمعيات مستخدمي المياه وممثلين عن الاغوار الجنوبية بحضور نواب المنطقة واعضاء مجلس المحافظة ورئيس البلدية، لبحث شكاوى المزارعين حول نقص المياه وخسائرهم المتراكمة من المواسم السابقة.
وعرض المزارعون المشاكل التي تواجه القطاع الزراعي في الأغوار الجنوبية والمتمثلة بشح المياه والتعدي على المصادر المائية وطلبات تخصيص وحدات سكنية.
واكد مساعد الأمين العام لوزارة المياه والري الناطق الاعلامي عمر سلامة إن سلطة وادي الاردن ومزارعين وجمعيات مستخدمي المياه بالأغوار الجنوبية اتفقوا على تأجيل دفع اثمان مياه الري للموسم الزراعي الحالي.
واشار إلى أن الاتفاق شمل إجراء دراسة لمطالب المزارعين المتعلقة بتمديد تأجير الاراضي لمدة عام وفق الآلية التي تم التوافق عليها والسماح للمزارعين بزراعة محاصيل اخرى مع اشجار الموز، كما تم التنسيق لدعم بلدية الاغوار الجنوبية للعمل على استحداث تنظيمات سكنية جديدة ضمن قرى الاغوار الجنوبية كما ستعمل السلطة على حفر آبار ارتوازية لتعزيز التزويد المائي للمزارعين.
ولفت الى ان السلطة بصدد توقيع اتفاقية مع شركة متخصصة لتأهيل المرحلة الثانية من مشروع ري الأغوار الجنوبية/ المرحلة الاولى في غور الصافي وتوقيع اتفاقية مع شركة متخصصة لبناء قدرات جمعيات مستخدمي مياه الري في وادي الأردن.
وخلال المواسم الزراعية الأخيرة، تعرض غالبية المزارعون لخسائر، اضطرت العشرات منهم لإلقاء منتجاتهم في الطريق العام ومجاري الأودية والسيول، بخاصة محصول البندورة، الأكثر إنتاجا في الأغوار، لعدم قدرتهم على تغطية كلف الإنتاج مقارنة بسعر البيع.
يقول المزارع احمد العشيبات إن المزارعين مترددون في البدء بتجهيز الاراضي للزراعة وهناك مخاوف من الاقدام على أي عملية زراعية، لكنهم غالبا ما يعيدون تكرار المغامرة، لتكون النتائج السلبية نفسها في مواجهتهم، مشيرا الى أن المخاوف في هذا العام مرتفعة مع تراجع كبير في كميات المياه وانقطاعها بشكل كبير، وعمليات المنع لبعض المحاصيل الزراعية.
ولفت الى ان الوعود التي صرفت للمزارعين مؤخرا هي مثل سابقاتها ولم تؤد الا الى تردي الاحوالي ولم يتم تطبيق اي منها على ارض الواقع وبقيت كلها وعود، مؤكدا أنه كان من المفترض ان يجهز المزارعون أراضيهم مع بداية الشهر الماضي، لأن عملية التجهيز تحتاج لنحو شهر كامل، من حراثة وتسميد، ثم تبدأ الزراعة الشهر المقبل، غير انه والى الآن لم يتم تجهيز الا اقل من نصف الاراضي الزراعية بالمنطقة.
وبين المزارع محمد المشاعلة ان غالبية المزارعين ما يزالون مترددين بزراعة كامل أراضيهم، خاصة مع عدم وضوح الرؤية المستقبلية لوضع الزراعة بالأغوار الجنوبية، اضافة الى نقص المال الكافي لشراء المستلزمات الزراعية من الشركات التي توقفت عن بيعهم بالدين على ان يسددوا في نهاية الموسم.
وأكد المزارع علي المشاعلة ان المزارعين وفي ظل ظروف كثيرة منها نقص المياه وندرة اسواق تصريف المنتجات، يترددون في تجهيز أراضيهم لزراعتها، وخصوصا زراعة البندورة التي تعتبر زراعة رئيسة في الاغوار الجنوبية، وتغطي زراعتها نصف الاراضي سنويا.
واكد المزارع سمير الحباشنة من غور الحديثة أن الموسم الحالي مهدد بشكل كبير بسبب عدم بدء غالبية المزارعين بالإعداد والتجهيز للموسم الزراعي نتيجة نقص المياه في كافة مناطق الاغوار، مشيرا إلى أن تراجع حصص المزارع من مياه الري، والتي يرد سببها مسؤولون في وزارة المياه وسلطة وادي الاردن الى تدني منسوب الهطل المطري، والتعديات المستمرة على شبكة وخطوط المياه، سوف يؤدي إلى تلف المزروعات منذ بداية الزراعة والتي تحتاج إلى كميات كافية مع عمليات الإنبات الأولى وخصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة.
ويؤكد رئيس جمعية التأهيل المجتمعي بالاغوار الجنوبية والمزارع فتحي الهويمل "ان الوعود الرسمية الاخيرة هي عبارة عن حبر على ورق وبلا قيمة لأنها لن تؤدي الى اي مساعدة للمزارعين"، لافتا الى "ان اعدادا كبيرة من المزارعين، توقفوا منذ الموسم الماضي عن زراعة كامل مساحات اراضيهم، جراء ما تعرضوا له من خسائر في الموسم الذي سبقه".
وأكد "ان غالبية المزارعين، الذين تقدر ديونهم بحوالي 7 ملايين دينار، يزرعون أجزاء من أراضيهم وفي حدود دنيا، لوقف نزيف خسائرهم المتراكمة".
واكد مدير زراعة الاغوار الجنوبية المهندس ياسين الكساسبة ان هناك تجهيزا جيدا للموسم المقبل من قبل المزارعين، لافتا الى ان بعض المزارعين لا يرغبون بزراعة كامل اراضيهم بحجة نقص المياه، موضحا ان زراعة 20 دونم من مساحة كامل الوحدة الزراعية يعد امرا جيدا، مبينا ان الموسم الماضي كان جيدا للمزارعين وخصوصا الذين التزموا بالتعليمات الرسمية.