مخطط إسرائيلي لإخراج القدس من أي تسوية

نادية سعد الدين

عمان- استهدف العدوان الإسرائيلي ضدّ قطاع غزة، في أحد أسبابه، بحسب مسؤولين فلسطينيين، "تمرير مخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك، تمهيداً للسيطرة على 75 % من مساحته، ضمن المرحلة الأولى".اضافة اعلان
وقالوا، في تصريحات لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "تصاعد وتيرة الاقتحامات والانتهاكات اليومية للأقصى، مؤخراً، تأتي في سياق قرار إسرائيلي "بشرَعنة" الاستيلاء عليه، واستصدار قوانين وتشريعات ناظمة لعملية الاستلاب".
ويعدّ ذلك، بالنسبة إليهم، "جزءاً من مشروع تهويد مدينة القدس المحتلة، لإخراجها من مطلب التقسيم كعاصمة للدولة الفلسطينية المنشودة، بعد مصادرة أراضيها وإقامة المستوطنات ضمنها، وإبقاء أقل من 12 % من مساحتها بيدّ الفلسطينيين اليوم".
وتدخل القدس المحتلة، بما فيها المسجد الأقصى، ضمن "معركة القيادة الفلسطينية لتحويل القضية إلى الأمم المتحدة من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس"، وفق مستشار ديوان الرئاسة الفلسطينية لشؤون القدس أحمد الرويضي.
وقال، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "المعركة الحقيقية الآن تصب فيما يدور في القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك من هجمة استيطانية تهويدية إسرائيلية ومساعي الاحتلال الدؤوبة لتنفيذ مشروعه في الفترة القادمة".
وأضاف أن "أحد أسباب عدوان الاحتلال ضد قطاع غزة تنفيذ مخططه في القدس المحتلة، وتمرير مشروع التقسيم الزماني والمكاني للأقصى المبارك".
ولفت إلى "إغلاق الاحتلال للأقصى لمدة 60 يوماً، لأول مرة، أمام المسلمين، ومنع صلوات الجمعة في شهر رمضان المبارك وأيام عيد الفطر، وتقييد عمر الدخول إليه، ومنعهم من دخوله في الفترة الصباحية".
واعتبر أن "ذلك يأتي ضمن قرار إسرائيلي لتنفيذ المخطط في هذا التوقيت بالذات، مستغلاً عدوانه ضد غزة وانشغال العالم به من أجل تمرير تقسيم الأقصى بالقوة الأمنية".
وأوضح بأن "هناك تنسيقاً فلسطينياً أردنياً على كل المستويات من أجل منع تنفيذ مخطط تقسيم الأقصى"، لافتاً إلى "نجاح التحرك المشترك في إزالة الجسر الخشبي في باب المغاربة، رغم التنبه من مساعي الاحتلال لتنفيذه".
ونوه إلى "محاولات الاحتلال للتضييق على مواطني القدس من خلال إقامة المستوطنات وهدم المنازل وفرض مناهج التعليم الإسرائيلية والحصار الاقتصادي الخانق"، لافتاً إلى أن "القدس تشهد اعتداء غير مسبوق من قبل الاحتلال لتنفيذ برنامجه التهويدي".
ولفت إلى "مساعي الاحتلال للعب على الورقة الديمغرافية منذ العام 1967 دونما نجاح، من خلال تقليص عدد السكان الفلسطينيين العرب فيها لصالح غلبة المستوطنين اليهود، وطمس الهوية العربية الإسلامية وتهويد معالمها".
وأفاد، في هذا السياق، "بتخصيص 40 % من مساحة القدس للاستيطان، مقابل 12 % فقط المساحة المسموح بها للبناء الفلسطيني، وإدراج ما تبقى ضمن ما يسمى "الأراضي الخضراء" وفق تصنيف الاحتلال".
ونوه إلى أن "النمو السكاني الفلسطيني يشكل 38 % من مجمل سكان القدس، بشقيها الغربي والشرقي، ما يشكل مدخلاً مهماً لإحباط مخطط الاحتلال".
واعتبر أن "الأمور لا تقاس بالنسب والمعطيات الرقمية، فالأرض محتلة ولن ينجح الاحتلال في تهويدها واستلابها بفضل صمود الشعب الفلسطيني".
وطالب "بتحرك عربي إسلامي عاجل لدعم القدس والأقصى، وتحمل المسؤولية تجاه تثبيت صمود أهالي القدس أمام عدوان الاحتلال".
خطوات "قانونية" إسرائيلية للتقسيم
وتأخذ الخطوات الإسرائيلية طريقها المتصاعد نحو فرض التقسيم الزماني والمكاني للأقصى المبارك، تمهيداً لإضفاء الشرعية القانونية عليه، بوصفه جزءاً من "القدس العاصمة الأبدية والموحدة لدولة إسرائيل"، وفق مزاعمهم.
وأرجع رئيس مركز القدس الدولي حسن خاطر هجمة الاحتلال ضد القدس والأقصى المبارك إلى "محاولة تعويض فشل عدوانه ضد قطاع غزة وإرضاء أطماع اليمين المتطرف في الداخل الإسرائيلي".
وقال، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "الاحتلال يداري فشله في غزة عبر الانتقام من الأقصى ومن المدينة المقدسة وسكانها"، مشيراً إلى "منع طلبة العلم والسيدات من دخول الأقصى وإغلاقه أمام المصلين".
ورأى أن "الخطورة تكمن في تلاقي الداخل الإسرائيلي على ضرورة تنفيذ ما كانوا يترددون عنه في السابق، إزاء الانشغال بعدوان غزة".
وأوضح بأن "الاحتلال يعد اليوم ترتيبات يسعى من خلالها إلى تحقيق إنجازات على حساب الأقصى، ضمن خطوات قانونية قد تصدر عن "الكنيست" في فترة لاحقة لتقسيمه".
ويندرج في هذا الإطار "إصدار قوانين تضمن "حقوق" اليهود بالصلاة في الأقصى تحت مزاعم الحق القانوني والتاريخي، وإضفاء الطابع القانوني على مسألة تقسيمه زمنياً، والتي تم إنضاجها خلال الشهور الماضية".
ولفت خاطر إلى "العمل الإسرائيلي على تطوير الأبنية الدينية في ساحة البراق ومحيط الأقصى"، معتبراً أن "تنفيذ هذه الخطوات بات مسألة وقت فقط ولا تحتاج إلى حشد سياسي إسرائيلي لها قياساً بالسابق".
واعتبر أن "نجاح تنفيذ مخطط التقسيم الزماني للأقصى بالقوة والقانون، دون مواجهة عربية فلسطينية له، سيقود إلى تقسيمه مكانياً بالقوة، تمهيداً للسيطرة على زهاء 75 % من مساحته البالغة 144 دونما، ضمن المرحلة الأولى".
وأفاد "برفع عدد من الشخصيات المقدسية، مؤخراً، مذكرة إلى الديوان الملكي الأردني تشرح فيها خطورة الأوضاع المحدقة بالقدس المحتلة والمسجد الأقصى".
وأوضح بأن "المذكرة تدعو إلى وضع القدس تحت المسؤولية المباشرة لجلالة الملك عبدالله الثاني، استناداً إلى الاتفاقية التاريخية التي تم توقيعها بين جلالته والرئيس محمود عباس، في العام 2013".
كما تقترح "تعيين شخصية أردنية برتبة وزير لمتابعة كل ما يتعلق بشؤون الأقصى، في إطار جهود مواجهة المشروع الإسرائيلي".
وطالب "بتحرك عربي إسلامي لصدّ مخطط الاحتلال ضدّ الاستيلاء على الأقصى وإخراج القدس من أي تسوية سياسية مستقبلية وفرض الأمر الواقع بالقوة".
الاستيطان القاضم للحق الفلسطيني
ينوء محيط المسجد الأقصى المبارك بحضور استيطاني كثيف أصاب معالم القدس المحتلة بتغيير جغرافي فادح، إزاء تطويق 15 مستوطنة ضخمة، تضمّ زهاء 200 - 300 ألف مستوطن، للمدن والقرى والبلدات العربية فيها، عبر امتدادها على ثلث مساحة الأراضي التي تمت مصادرتها منذ عام 1967.
وتقطع أوصال أحياء المدينة المقدسة ثماني بؤر استيطانية، يقيم فيها ألفا مستوطن بين منازل المواطنين المقدسيين.
بينما "يزاحم" حوالي "4 آلاف مستوطن، ضمن أربع كتل استيطانية و56 وحدة استيطانية، لنحو 33 ألف مواطن فلسطيني داخل البلدة القديمة التي لا تتجاوز مساحتها كيلو متر مربع واحد"، بحسب تقرير صادر عن دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير الفلسطينية.
ويلتف جدار الفصل العنصري حول القدس بطول 142 كم، مسنوداً بنحو 12 حاجزاً عسكرياً لتعقيد حياة المقدسيين وفصلهم عن نسيجهم المجتمعي الفلسطيني، بعدما طرد أكثر من 100 ألف مواطن فلسطيني خارج الجدار.
وقال أمين عام اللجنة العامة للدفاع عن الأراضي الفلسطينية عبد الهادي هنطش إن "سلطات الاحتلال تسعى، من خلال الاستيطان، إلى توسيع حدود ما يسمى "القدس الكبرى"، وعزل المدينة المقدسة عن بقية أراضي الضفة الغربية".
وأضاف، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "الإعلان الإسرائيلي الأخير عن مصادرة زهاء 3799 دونما يستهدف خلق تواصل بين مستوطنة "غوش عتصيون" وما يسمى "الخط الأخضر". وأوضح بأن "المخطط الإسرائيلي يستهدف تحديد حدود القدس من الجهة الجنوبية بالتجمع الاستيطاني "غوش عتصيون"، ومن الجهة الغربية اللد والرملة، ومن الشمالية مدينة رام الله، ومن الشرقية البحر الميت".
ولفت إلى "مشروع "A1"، شرق مدينة القدس، الذي يريد الاحتلال من خلاله خلق تواصل بين القدس وتجمع "معاليه أدوميم" الاستيطاني، عبر مصادرته في فترات سابقة لنحو 12462 دونما من الأراضي الفلسطينية".
واعتبر أن "مساعي الاحتلال اليوم لتنفيذ مخطط A30 يقع ضمن نفس المخطط، عبر ربط القدس من الجهة الغربية بتجمع "غوش عتصيون" الاستيطاني، ومن ثم خلق الرباط بين المستعمرات".
وأفاد "بمصادرة الاحتلال قبل عدة أشهر لنحو 984 دونما من الأراضي الفلسطينية، وذلك عملاً بمخطط مصادرة تلك المنطقة بالكامل". وكان الاحتلال قد "هدّم زهاء 1120 منشأة وأغلق 88 مؤسسة وطنية فلسطينية في القدس المحتلة، وصادر 14621 بطاقة هوية منذ عدوان 1967"، وفق تقرير منظمة التحرير. بينما تسببت سياسته في ارتفاع نسبة الفقر وضرب الاقتصاد والحركة التجارية واستهداف الأطفال المقدسيين، الذين يعيش 82 % منهم تحت خط الفقر، ويتسرب 40 % من طلبة المرحلة الثانوية من المدارس.

[email protected]