‘‘مدار‘‘: اليمين الإسرائيلي ينتهز سياسة ترامب ليصفي حل الدولتين

الرئيس الأميركي دونالد ترامب- (أرشيفية)
الرئيس الأميركي دونالد ترامب- (أرشيفية)

رام الله- الغد- قال التقرير الاستراتيجي السنوي لمركز الأبحاث الفلسطيني "مدار" للدراسات والأبحاث الإسرائيلية، إلى أن تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، يشكل لحظة فارقة لإسرائيل ولليمين الاستيطاني، تتميز بالاندفاع المحموم نحو إنهاء حل الدولتين، وفرض منطق سياسي جديد، يتلخص بأن الحقائق الاستيطانية على الأرض هي الحلّ؛ وأن بقاء المستوطنات هو مرجعية أي عملية سياسية، بدلاً من أن تكون إزالتُها بنداً على طاولة التفاوض، وبهذا انتقلت إسرائيل في فترة ترامب من الحديث عن عدم وجود شريك، إلى سلوك يقول بعدم الحاجة إلى وجود شريك.اضافة اعلان
ونبه التقرير، الذي يغطي تغيرات المشهد الإسرائيلي على امتداد العام 2017، وأُعلن عن نتائجه في مؤتمر في رام الله، امس، إلى أن ما يعطي التغيير في أميركا معنى استراتيجياً إضافياً، ليس دعم ترامب غير المشروط لإسرائيل، بل تركيبة الإدارة الجديدة التي أحاط ترامب نفسه بها، والتي تنطلق في دعمها وتعاملها مع إسرائيل والقضية الفلسطينية من تصورات أيديولوجية تخلط الرؤية الدينية الغيبية بالسياسة، الأمر الذي عبر عنه الاعتراف الأميركي بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل وقرار نقل السفارة إليها.
وأوضح التقرير أن تمكّن اليمين وتغيير النخب في إسرائيل، يتزامن مع استتباب أمني، ومع ثمن دولي منخفض لاستمرار الاحتلال وموبقاته؛ في ظل ثبات اقتصادي، مقابل استقطاب حاد في العالم العربي، وانشغال الدول المجاورة بقضاياها الداخلية، ما يشجّع مساعي حسم الصراع وفق رؤية اليمين الإيديولوجية؛ وما يفسر تصعيد خطاب الضم وفرض السيادة سياسياً، وشنّ هجمة تشريعية غير مسبوقة "تغسل" الضم الزاحف وتدعمه وتهيئ للمزيد منه؛ إلى جانب محاولة ترسيخ الحديث عن وجود صيغ مختلفة للدولة الفلسطينية الممكنة غير الصورة التقليدية (السيادية) للدولة.
واعتبر التقرير أنه على الرغم من التحديات التي تفرضها التطورات الدولية والإقليمية والإسرائيلية، تبقى فرص الفلسطينيين في مواجهة إسرائيل والاحتلال قائمة، بسبب كل التناقضات التي يفرزها اصطفاف إسرائيل مع اليمين الترامبي والعالمي، فالتماهي بين الأفنجيلية الصهيونية، واليمين الإسرائيلي الجديد بزعامة نتنياهو، يفتح أمام إسرائيل في المدى القريب فرصة لفرض رؤيته، لكن هذا التماهي يُنتج، برأي التقرير، عدة فرص: أولها فرصة للتحرر من الهيمنة الأميركية على العملية السياسية، وأنه يحوّل إسرائيل ثانياً إلى "لاعب حزبي" محسوب على الحزب الجمهوري، وليست كما درجت عليه العادة، موضوع إجماع أميركي عابر للأحزاب، على ما يعنيه هذا مستقبلاً في حال تغير الإدارة الأميركية، إلى جانب ما يفتحه من نافذة للفلسطيني (إذا أحسن استخدام الفرصة)، لتعزيز الربط بين القضية الفلسطينية والتيارات العالمية الديمقراطية، ولكسب مزيد من الدعم لحركاته النضالية المدنية، وخاصة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات.
وتناول التقرير انعكاس التغير الأميركي على الأجواء الداخلية والحزبية، حيث قام مركز حزب الليكود، وفي خطوة غير مسبوقة وبالإجماع باتخاذ قرار يلزم أعضاء الحزب السعي من أجل "السماح ببناء حرّ وتطبيق قوانين إسرائيل وسيادتها على كل مناطق الاستيطان المحررة في يهودا والسامرة".
الأمر انعكس على "اليسار" أيضاً، فقد سعى رئيس حزب العمل المنتخب آفي غباي، إلى منافسة حزب الليكود عبر الانزياح يميناً، إذ أعلن أنه في كل حكومة سوف يشكلها لن يشرك "القائمة المشتركة" في الائتلاف الحكومي، ووصف "المشتركة" بأنها قائمة معادية لإسرائيل، ثم أعلن أنه ليس من الضروري إخلاء المستوطنات في إطار اتفاقية سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ثم عاد أنه في حال فشل المفاوضات مع الفلسطينيين سيقوم بتنفيذ انسحاب من طرف واحد، وأن هذه الخطة لا تفرض إخلاء مستوطنات".
وتوقع التقرير أن تسرّع المخاطر التي تواجهها حكومة نتنياهو بسبب قضايا الفساد المتراكمة، من الخطوات التشريعية والعملية الهادفة إلى ضم كتل استيطانية، وإعادة ترسيم حدود القدس، وقطع الطريق المستقبلي أمام حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية. وقد أعد تقرير العام الحالي إلى جانب محررته المديرة العامة لمركز "مدار" د. هنيدة غانم وطاقم من أصحاب الاختصاص.