مذكرات عبدالله البرغوثي: مهندس على الطريق

غلاف الكتاب - (الغد)
غلاف الكتاب - (الغد)

مدني قصري

عمان - مهندس على الطريق. أمير الظل هو عنوان مذكرات المهندس عبدالله البرغوثي يروي فيها من عتمة زنزانته قصة حياته ونضاله الطويل من خلال رسالة طويلة يوجهها إلى ابنته الحائرة التي كتبت إليه بمناسبة الذكرى العاشرة لدخوله إلى السجن تسأله فيها أسئلة كبرت معها ولم تجد لها أجوبة شافية تقول فيها: من أنت؟ لا أدري من أنت؟ أأنت تلك الصورة التي كتبت عليها تلك الجملة التي لا أفهم لها معنى: الأمير البطل؟ كيف يصبح الأمير بطلا؟ أم أن السؤال هو كيف يصبح البطل أسيرا؟ هل أنت مقاوم بطل؟ أم أنك مجرد متهور مُندفع خاض حربا لا ناقة له فيها ولا جمل؟ ويشاء الوالد ألا يجيب ابنته عن هذه الأسئلة متذرعا بالقول إنها أسئلة لا يقدر عليها سوى رجل فيلسوف وليس رجلا مثله هو الشخص العادي.اضافة اعلان
 ولذلك آثر عبدالله البرغوثي أن يقص عليها قصته وقصة حياته علها تجد فيها أجوبة شافية على أسئلتها الحائرة. وفي هذه الرسالة الطويلة أسهب عبدالله البرغوثي في ذكر تفاصيل حياته ما تعلق منها بحياته العائلية وزواجه وما تعلق منها بأحداث نضاله ضد العدو الصهيوني. تلك الحياة التي بدأها بعيدا عن وطنه فلسطين وعن التين والزيتون: لقد ولدت بالكويت وأحببت الكويت وما زلت أحبها.
وبعد ذلك ينتقل إلى سرد تفاصيل نضاله ضد المحتل ومعاناته داخل زنازين التحقيق التي رأى فيها الموت وكلّمه وصارعه خلال جلسات التحقيق والتعذيب التي كسرت عظامه ولم تكسر البوابات المؤدية إلى أسراره. "وهنا أقول لك يا ابنتي يا ملاكي الحارس أني لن أخوض بتفاصيل هذه الفترة لأسباب عديدة منها أني أمضيت ستة أشهر كاملة في زنازين التحقيق دون أن أكشف عن أي شيء عن تلك الفترة التي امتدت لأعوام".
ويضيف الكاتب أنه رغم وجوده بالعزل الانفرادي الخاص فقد ظل يشكل حالة خاصة جدا اتسمت باستمرار المقاومة رغم الأسر ورغم أنف السجان ورغم أسوار السجن المنيعة. وفي هذا السياق يؤكد أن هناك ملفات كثيرة لم تقفل بعد ولن يتمكن العدو الذي يتهمه بمائة وثماني عشرة عملية من إقفالها. وقد تطرق بعد ذلك إلى أهم المراحل المفصلية التي مرت بها المقاومة في الضفة الغربية والقدس. ومن هنا بدأت طريقة كتابته تختلف إذ لم تعد سردا للأحداث بل إضاءات على واقع ومراحل نضالية مر بها. وهنا بدأ يسمي كل مرحلة باسم الأبطال الذين أضاؤوا بتضحياتهم طريق النضال الطويل من الشهداء ومن الأسرى ومن ما زالوا أحرارا على قيد الحياة. ومن هؤلاء الشهيد البطل عز الدين المصري، وأبو علي السلوادي، وصلاح شحادة، والشهيد مجد البرغوقي، وسيد الشيح قاسم، وأحلام التميمي، والمهندس محمود شريتح، والشيخ الأسير جمال أبو الهيجاء، والشهيد القائد أيمن حلاوة، والشهيد القسامي سيد الشيخ قاسم، والمجاهد القسامي القائد بلال البرغوي، والأسير القسامي محمد وائل دعلس، والقائد القسامي الأسير إبراهيم حامد، والأسير المحرر  وليد إنجاص.
 فهؤلاء جميعا تحدث المؤلف عن سيرة حياتهم فوصف أحداثا كثيرة من طفولتهم وشبابهم ونشاطهم الطلابي الذي كان له أكبر الأثر في حياته وحياتهم النضالية التي رسمت ومازالت ترسم طريق التضحية ودروب الكفاح وتُشبعهم بقيم الوطن وحب الأرض والدفاع عن الكرامة.
هكذا اختار المهندس عبدالله البرغوثي أن يجيب عن أسئلة ابنته فتحدث عن رفاق النضال أكثر مما تحدث عن نفسه، إيمانا منه أن المعركة معركة مشتركة وأنها ليست حكرا على بطل بعينه وإنما هي عمل مصيري مشترك بين جميع أبناء الوطن الغالي… فلسطين!