مراجعة المناهج الدراسية.. أول الطريق إلى نهضة الأردن

تيسير النعيمات

عمان- عندما تواجه أي دولة في العالم مشاكل اقتصادية او اجتماعية؛ فأول ما تبدأ بمراجعته واصلاحه وتطويره، هو مناهجها الدراسية، وعندما تريد اي دولة في العالم اللحاق بركب النهضة والتقدم للامام؛ فأول ما تبدأ به أيضا، مراجعة مناهجها وكتبها المدرسية وأساليب التدريس بمدارسها وخططها التدريسية في المدارس والجامعات، وعندما تريد اي دولة في العالم مواجهة مشكلتي الفقر والبطالة، فإنها تراجع خططها ومناهجها الدراسية، سواء على مستوى التعليم العام او العالي.اضافة اعلان
ونحن في الأردن؛ علينا ادراك حجم الخطر من تراجع مستوى التعليم لدينا، فالاختبارات الدولية تظهر تراجع نتائج طلبتنا فيها عاما بعد عام، ونحن لسنا بعيدين عن تصريح لأحد وزراء التربية والتعليم الذي كشف فيه، ان عشرات الآلاف من طلبتنا، لا يعرفون القراءة والكتابة، وحتى ندرك فداحة الخطر الذي يتهددنا بسب هذا الوضع التعليمي المتردي، نتوقف قليلا للحديث عن أهمية التعليم في العصر الحاضر، فلا أحد ينكر أن التعليم يعد في حياة الأمم والمجتمعات المعاصرة؛ القاعدة الصلبة والأساس المكين الذي تقوم عليه، فالدول المتطورة في عالمنا اليوم، تؤسس نهضتها على العلم.
ادركت الدولة حقيقة التراجع الذي نعانيه، والذي اثبتته الامتحانات الدولية وتقارير البنك الدولي، فكان لا بد من اعادة النظر بمناهجنا وكتبنا الدراسية، اذ دعت احدى توصيات الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، الى انشاء المركز الوطني لتطوير المناهج، الذي باشر عمله مطلع العام المنصرم، بجهد وكفاءات وطنية، تستفيد من التجارب الناجحة في منطقتنا والعالم.
انطلق المركز بأولويات وطنية، تنبثق من حاجتنا وخصوصية الأردن، ومن قيمنا وثقافتنا العربية والاسلامية المنفتحة على العالم، كأساس ومنطلق لعمله.
ووفق ما تؤكده المديرة التنفيذية للمركز الدكتوره ربا البطاينة؛ فإن المركز الذي يشمل مجلسين اعلى وتنفيذي، يضم خيرة الكفاءات الوطنية في المناهج واساليب التدريس، فضلا عن نقابة المعلمين وإدارتي المناهج والامتحانات بوزارة التربية، ومختلف القطاعات ذات العلاقة التي تقوم بعملها وفق نهج مؤسسي، ينطلق من الثوابت الوطنية والقيم والثقافة العربية والاسلامية، والانفتاح نحو العالم بأجندة وطنية، ووفق عمل مؤسسي يمر بمراحل عدة، وأن ما يقر من اطر او كتب دراسية، يحظى بموافقة مجلس التربية والتعليم.
المركز الذي أنهى إعداد الاطر العامة للمواد، وفق البطاينة، انهى أيضا ومنذ فترة، إعداد كتابي العلوم والرياضيات للصفين الاول والرابع الابتدائي، وشرع عبر المؤسسة التي رسا عليها عطاء الكتابين التجريبيين بتدريب 250 معلمة ومعلما في الرياضيات، ومثلهم في العلوم على الكتابين الجديدين لتمكين المعلمين من إيصال المعلومة الى الطلبة بشكل ممتاز.
ومنح نظام المركز، كما تقول البطاينة، صلاحية تطوير وإصلاح التعليم، بداية من إعداد أطر عامة لجميع المباحث، والاطار العام للمناهج الأردنية، وهو الموجه العام للأطر والقيم الجوهرية والكفايات.
المركز وبعد ان قامت الكفاءات الوطنية بإعداد الأطر العامة، طرح عطاء عالمي لإعداد الكتب، تقدمت له 5 دور نشر عالمية "اخترنا دار نشر عالمية (كولنز)، تعمل في 17 دولة"، مع مراعاة الانتقال من التعليم بالنتاجات التربوية الى التعليم بالمعايير كما يسير به العالم المتقدم، وفق البطاينة التي اشارت الى ان الكتب ولجميع الصفوف من الروضة، وحتى الثانوية العامة (التوجيهي)، ستكون جاهزة خلال خمسة اعوام.
الاطر العامة والكتب؛ ستعمل على تنمية مهارات البحث والاستكشاف والتفكير التحليلي والناقد، ومهارات التعبير عن النفس والابتكار والريادة؛ التي يحتاجها طلبتنا، والتي اظهر امتحان الكفاءة الجامعية الذي تجريه هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي، ضعف نتائج طلابنا فيه.
ومما لا شك فيه بأن التعليم في الأردن والعالم العربي، يعاني من أزمة مزمنة، وربما ظن بعضهم بأنها أزمة مستعصية على العلاج؛ بسبب كثرة العوامل والأسباب شديدة التداخل والتعقيد، الكامنة وراء هذه الأزمة، وفي الحقيقة، ودون أدنى مبالغة أو تهويل، فإن أزمة التعليم في العالم العربي؛ مصيرية، لأنها تمس عن قرب هوية الأمة وحاضرها ومستقبلها، ومن هنا لا بد من التعاطي معها بقدر كبير جدا من الاهتمام والحذر، والجدية والشمول، بحيث نراعي الجزئيات والتفاصيل الكثيرة المبعثرة، وهذا ما يقوم به المركز بجهود وطنية، بوصلتها نهضة الأردن، انطلاقا من التعليم، وغاياتها وطنية، بسواعد وعقول أردنية، منفتحة على العالم، وهو جهد يستحق كل دعم، لا وضع العصي في دواليب مسيرته بالاشاعات والاجندة شخصية.