مراقبون: الملك أصاب كبد الحقيقة بتحميله إسرائيل مسؤولية العدوان على غزة

تغريد الرشق

عمان - في الوقت، الذي ناهز فيه عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة ألفي فلسطيني، ومع تأرجح التوصل الى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، لقيت تصريحات جلالة الملك عبدالله الثاني في "الغد" أول من أمس، والتي حمّل فيها إسرائيل بالدرجة الأولى مسؤولية العدوان على قطاع غزة، ردود فعل واسعة.اضافة اعلان
وبينما تناقلت تصريحات الملك وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية، باهتمام كبير، باعتبار أن هذه التصريحات تأتي من الأردن؛ البلد العربي الثاني بعد مصر، الذي وقع اتفاقية سلام مع اسرائيل، فإن الملك كان حذر من خطورة هذا الوضع، وشدد على أن طريق اسرائيل الوحيد لتحقيق الأمن، هو تسوية سلمية مع الشعب الفلسطيني، وصولا الى دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني.
ورأى مراقبون أن التصريحات الملكية أصابت "كبد الحقيقة" التي يتهرب منها كثير من زعماء المنطقة.
وفيما عبر جلالته في الحوار، عن رفضه "لأي مزاودات على الأردن في ما يخص فلسطين"، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية حسن المومني، أن "الأردن عرف المزاودات تاريخيا".
وقال المومني لـ"الغد" إنه "مقابل هذه المزاودات، وبتقييم واقعي ومنطقي، فإن الأردن قدم الكثير للفلسطينيين"، معتبرا أن "مشكلة غزة تكمن في المعابر"، وأن الأردن "لم يغلق جسوره مع فلسطين المحتلة منذ العام 67"، كما أنه أسهم بجهد كبير في صمود الأهل في الضفة الغربية.
وتطرق الى الجهود الدبلوماسية الأردنية الواضحة، من خلال علاقات المملكة مع الدول الغربية، وعبر عضويتها في مجلس الأمن حاليا، مؤكدا أن الأردن ينطلق من مصالحه الوطنية، ومنها "حل القضية الفلسطينية".
ولفت إلى ضرورة "عدم تحميل الأردن العبء الرئيسي وكأن كل الأوراق بيده، فهناك أطراف إقليمية داخلة على الخط"، مؤكدا أن الموقف الأردني "واضح فهو يعترف بمنظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني، وقد تمت المصالحة بين فتح و"حماس"، لذا فإن "حماس" هي جزء من حكومة التوافق، ما يعني عمليا أنها جزء من السلطة الفلسطينية".
وقال المومني "إن أصل المشكلة أن دولة اسرائيل محتلة لأراضي فلسطين وترفض قرارات الشرعية الدولية بإزالة هذا الاحتلال، وبحسب الأطر الشرعية، فإن إسرائيل هي آخر دولة محتلة في العالم، لذا فإن الحل يكمن في إنشاء الدولتين، للوصول إلى السلام".
واعتبر أن تحميل الملك المسؤولية لإسرائيل "ناتج عن اطلاعه واتصالاته وعلاقاته مع المسؤولين الغربيين ومع الإسرائيليين كذلك، ومن الواضح أن جلالته شكّل هذه القناعة، إثر هذه الاتصالات".
وتحدث عن حجم ضحايا العدوان الإسرائيلي الذي استهدف المدنيين، مؤكدا أن هذا الأمر "دليل على استخدام مفرط للقوة ضد المدنيين الفلسطينيين".
ورأى المومني أنه "طالما لا يوجد حل فستستمر حلقات العنف"، مشددا على أن "المسؤولية الأساسية في العدوان تقع على إسرائيل، بغض النظر إن كنا نتفق مع "حماس" أم لا"، مضيفا أن "إسرائيل لا تستطيع أن تحتفظ بالأرض والسلام معا". ووصف حديث الملك بخصوص غزة بأنه "موقف جريء وواضح، وبأن جلالته طالما حذر من استنفاد الوقت".
أما وزير الإعلام الأسبق نبيل الشريف، فعلّق على تصريحات الملك بخصوص العدوان على غزة، قائلا إن جلالته "لخص الوضع بشكل دقيق وأعاد الأمور الى أساسها، وبأن إسرائيل هي المتسبب الأول للعدوان وتتحمل المسؤولية القانونية عن هذا العدوان".
ورأى الشريف أن إسرائيل "تمادت كثيرا بتجاوزها القوانين الدولية وضربها عرض الحائط بالقيم الأخلاقية والإنسانية"، معتبرا أن تحميل جلالته لإسرائيل مسؤولية العدوان إنما "يقطع دابر الشكوك حول موقف الأردن من غزة بشكل واضح لا لبس فيه".
وأضاف أن "موقف الأردن تعرض للكثير من الظلم والتجني"، مشيرا إلى أن الملك لم يدخر جهدا في توظيف علاقاته ومباحثاته مع القادة والوزراء المعنيين لوقف العدوان.
إلى ذلك، اهتمت صحف إسرائيلية بتصريحات الملك، فيما لوحظ أن عناوينها تركزت على تحميل الأردن إسرائيل مسؤولية ضحايا عدوان غزة.
ونقلت صحيفة "يديعوت احرنوت" في نسختها الإنجليزية أول من أمس عن تصريحات الملك، قول جلالته "إن الأردن هو الدولة العربية الوحيدة، الى جانب مصر، المرتبطة بمعاهدة سلام مع إسرائيل"، وقالت إن هناك "مسؤولين عربا"، لم توضح هويتهم، "ألمحوا إلى أن المعاهدتين يمكن أن تكونا على الحافة، مع كل قرار إسرائيلي بمواصلة عملية نزع السلاح في غزة"، بحسب الصحيفة.
وفي المقابل، رأى النائب طارق خوري، في حديث مع "الغد" أمس، أن "غزة ليست بحاجة الى أدوية أو جهود إغاثة، فهذه المساعدات يمكن أن يقدمها أي جانب إغاثي، بل هي بحاجة إلى مواقف وطنية على مستوى الحدث".
وبحسب خوري، فإن ما تقوم به الدول العربية "ليس بحجم الحدث"، معتبرا أن على الأردن استدعاء سفيره من إسرائيل وطرد السفير الإسرائيلي من عمان، كما اعتبر أن اتفاقية وادي عربة "لم تقدم أي شيء للأردن أو للفلسطينيين، وبأنها لا تخدم العلاقة الأردنية الفلسطينية".
وكان جلالته أكد أيضا في الحوار أن العالم بأسره "يتحمل مسؤولية إنهاء الاحتلال، وهو الاحتلال الأخير من نوعه في التاريخ المعاصر"، معتبرا جلالته أن "ما حدث ويحدث في غزة هو صرخة فلسطينية للعالم أجمع لوقف الاحتلال والدمار والقتل بحق شعب ينشد الحرية والأمن والعيش بكرامة".
ودعا جلالته المجتمع الدولي إلى مساءلة إسرائيل عمّا ترتكبه من جرائم بحق الفلسطينيين في غزة، مؤكدا أن "الشعب الفلسطيني، خصوصا أهلنا في غزة، هو صاحب الحق الأول والأخير في مراجعة ما يجري والحكم عليه".
وقال جلالته "كان بإمكاننا وبكل سهولة تصدر عناوين وسائل الإعلام خلال العدوان، عبر تصريحات وشعارات شعبية، لكننا نفضّل العمل بفاعلية وروية لإنهاء العدوان الإسرائيلي ورفع المعاناة وضمان استمرار خطوط المساندة إلى أهلنا في غزّة".
وفي ما يتعلق بمساعدة الأردن لفلسطين والشعب الفلسطيني، شدد جلالته على القول: "لا نقبل أن يزاود أحد على الأردن في ما يخص فلسطين"، مجددا التأكيد أن "السلام هو الحل الوحيد، وإلا وجدنا أنفسنا في المستقبل نتحدث عن حرب إسرائيلية خامسة وسادسة وسابعة على غزة".
كما أكد جلالته أن "حل الدولتين هو السبيل الوحيد لحل النزاع العربي الاسرائيلي وتحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة كلها".

[email protected]

taghreedrisheq @