مراقبون: عملية القدس مرشحة لإطالة أمد بقاء السفير في عمان

جنود الاحتلال الإسرائيلي يسيرون وسط الساحة الأمامية للمسجد الأقصى المبارك نهاية الشهر الماضي - (ا ف ب)
جنود الاحتلال الإسرائيلي يسيرون وسط الساحة الأمامية للمسجد الأقصى المبارك نهاية الشهر الماضي - (ا ف ب)

تغريد الرشق

عمان - فيما كان الأردن يترقب مآل أوضاع المسجد الأقصى بعد غد الجمعة، بعيد الاتفاق الثلاثي مع الجانبين الإسرائيلي والأميركي، كي يبني عليها قراره بإعادة السفير الأردني إلى تل أبيب من عدمه، اتفق مسؤولون سابقون على ان الوقت "لم يعد ملائما" لعودة السفير، بعيد حادثة مقتل اربعة إسرائيليين أمس.
ولم يستبعد مراقبون أن تؤدي عملية الأمس إلى "اشتعال الوضع" وبالتالي حدوث مزيد من الاقتحامات والاعتداءات على المسجد الأقصى من قبل المستوطنين الإسرائيليين، ما يضع الأردن في موقف "حرج"، لأنه لن يكون بمقدوره إعادة السفير، على اعتبار أن هذه الاعتداءات ضد "الأقصى" خط أحمر أردني، وفي المقابل سيبدو الموقف الرسمي وكأنه "يبرّر عملية الأمس، في حال عدم عودة السفير".
وفيما يفيد مصدر سياسي لـ"الغد" أن الاتجاه الغالب كان يميل إلى "إعادة السفير قبيل نهاية الشهر الحالي، إذا استمر الهدوء في الأقصى"، إلا أن الحدث الأخير يجعل الأردن "يتأنى ويراقب مجريات الأمور، قبل اتخاذ مثل هذا القرار".
أما رئيس الديوان الملكي الأسبق عدنان ابوعودة، فيختلف مع هذا الرأي إذ يعتقد أن ما جرى في القدس "لا علاقة له بالأقصى"، مذكرا بحوادث مشابهة انتهك فيها الاسرائيليون حرمات الأماكن المقدسة، على غرار جريمتهم في الحرم الإبراهيمي الذي استشهد فيه 29 فلسطينيا وهم يؤدون صلاة الفجر العام 1994.
ورفض أبوعودة في حديثه لـ"الغد" اعتبار ان "قتل الإسرائيليين في معبدهم، يشكّل حرجا للأردن، بخصوص عودة السفير من عدمه"، لأن "علاقة الأردن هي مع القدس والمقدسات، وهذه أمور قام بواجبه نحوها ونجح، بينما حادثة الأمس ذات علاقة بالسلطة الفلسطينية وليس الأردن".
واعتبر أبوعودة أن هذا الأمر "يشكّل فرصة للأردن، لكي يقرر عودة سفيره من عدمها، بناء على الأحداث القادمة"، مضيفا "إذا طور الإسرائيليون رد فعلهم ووصلوا الى "الأقصى" ومنعوا الناس من الصلاة، فهذا يعني أنهم يخالفون اتفاقهم الأخير مع الأردن وأميركا، لذا فعلى المسؤولين الأردنيين التركيز على "الأقصى"، لأن ما هو خارجه ليس مسؤولية الأردن".
وعن رأيه بعملية القدس، أنحى أبوعودة اللائمة على الإسرائيليين، لأنهم "هم من يضطهدون، وهم من شنقوا فلسطينيا أول من أمس، وهذه ردود فعل طبيعية"، مضيفا "المسؤول هو استمرار الاحتلال واضطهاد الفلسطينيين، فالإحباط يولد العنف في مجتمع يقع فيه احتلال استيطاني".
واتفق العين والوزير الأسبق محمد الحلايقة، مع رأي أبوعودة من أن ما جرى هو "حصيلة لضغوط وممارسات على المقدسيين والفلسطينيين بشكل عام، نتيجة الممارسات الاسرائيلية البشعة والتي لا تقف عند حد".
وفيما أكد الحلايقة أنه "لا يبرر قتل المدنيين"، إلا انه رأى أن "نتيجة الضغط هي الانفجار، وان الشعب الفلسطيني له الحق في كل أشكال المقاومة، وأن إسرائيل هي التي بدأت هذه الممارسات عبر مهاجمة المصلين في القدس والقتل في الحرم الإبراهيمي".
ويقول: "فيما يزداد الوضع تعقيدا الآن، فإن إسرائيل ستصعّد حملتها، ولا يبدو أن الضغوط الأردنية الأميركية ستجعل (رئيس وزراء إسرائيل) بينامين نتنياهو ملزما بما التزم به، لأنه بطبيعته شخص مراوغ".
ورغم أنه يؤكد ان الأردن سيستمر بجهوده في حماية المقدسات استنادا الى وصاية وجهود الملك عبدالله الثاني الواضحة والبينة في هذا الأمر، إلا ان الحلايقة لا يرى الظرف "مناسبا لكي يعيد الأردن سفيره الى إسرائيل، فالضغط الشعبي يتزايد، نتيجة الممارسات الإسرائيلية".
وخلص الى ان اسرائيل بحاجة إلى التزام منهجي في "الأقصى" وليس السماح بالدخول إلى الصلاة مرة واحدة فقط، كما انه من الواضح "وجود نية مبيتة لتقسيم الأقصى، وهذا بالنسبة للأردن خط أحمر".
أما الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي، فأكد أن الموقف والسلوك اللذين يحتاجان إلى مراقبة بحق هما الصادران عن الجانب الإسرائيلي وليس انتظار "إذا كان الأردن سيعيد سفيره أم لا، فالمملكة اتفقت مع إسرائيل على خطوات، إلا أن الانتهاكات لم تتوقف".
واعتبر الرنتاوي أن الحرب "لم تضع أوزارها بعد، وأنه لم يكن هناك وهم بأن إسرائيل ستنصاع، فالتيار القومي العنصري في اسرائيل لا يأخذ بالاعتبار التزامات نتنياهو، الذي بدوره يهمه البقاء بمنصبه وليس هو في وارد خوض حرب ضد اليمين".
ويضيف: "من السابق لأوانه إعادة السفير، وما يجري الآن في القدس، فضلا عن الضغوط والمضايقات على الفلسطينيين والمقدسات، وكل ذلك يعطي مصداقية للرواية الأردنية حول استهداف الأقصى وبالتالي استهداف الدور الأردني فيه".
وتوقع الرنتاوي "حصول أمور سيئة في الأقصى بعد غد الجمعة"، لا سيما وان هناك "بوادر انفجار وإرهاصات انفجار كبير".
وفي رأي آخر، رأى محلل سياسي فضل عدم ذكر اسمه، أن عملية الأمس، "ستقوّض التهدئة، وأن هذا التهديد يمكن أن يشمل الأقصى، بمعنى اندلاع ردود فعل من قبل مستوطنين ومزيد من الاقتحامات والاعتداءات، خصوصا ان القتل جرى في موقع ديني يهودي أمس".
وأوضح "سيكون الأردن حذرا ويتأنى باتخاذ قرار عودة السفير، وسيراقب التطورات، وهل سيكون الأقصى ضحية التأزيم الجاري في القدس".

اضافة اعلان

[email protected]