مراكز المنار للتنمية الفكرية

أتيح لي قبل أيام زيارة أحد مراكز المنار للتنمية الفكرية، وهي مدارس تنشئها وتديرها وزارة التنمية الاجتماعية لتعليم الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد أدهشني كثيرا المجهود المهني الممزوج بالنوايا الحسنة والرغبة والحماس للعمل لدى العاملين في الوزارة لتعليم هؤلاء الأطفال والارتقاء بقدراتهم الذهنية والحرفية، ومنحهم الشعور بالرضا والقدرة على الاندماج في أسرهم ومجتمعاتهم.

اضافة اعلان

قدم لي الأطفال هدية، هي عبارة عن قطعة من السجاد نسجها الطلاب بأنفسهم بإشراف وتدريب العاملين في المركز، ورأيتهم يتعلمون ويتحدثون ويتواصلون بمهارات لا يمكن بالطبع أن يمتلكوها لولا المجهود الذي يبذله العاملون في المركز، وإنه بتقديري لإنجاز رائع نعتز به، وعمل صعب تستحق عليه وزارة التنمية الاجتماعية والعاملون فيها الشكر والتقدير.

لا أعرف بالضبط كم نسبة الذين تستوعبهم مراكز المنار من المستحقين والمحتاجين لمثل هذا النوع من المراكز، ولكن لا بد من أن تشارك وزارة التربية والتعليم في المسؤولية، وربما يكون قد حان الوقت لتحويل هذه البرامج إلى جزء من العملية التعليمية لأن ذلك يساعد على دمج الطلاب المعوقين في المجتمع ومع زملائهم، بالطبع ثمة حاجة ليكون لهم فصول خاصة ومعلمون ومشرفون متخصصون، ولكن وجودهم مع زملائهم الآخرين في المدرسة يساعدنا أكثر على دمجهم، وفهم مشكلاتهم ودراستها، وفهم مشكلات المجتمع أيضا في التعامل مع هؤلاء، لأن المجتمع بحاجة إلى تأهيل وخبرات لاستيعاب الفئات الخاصة والعمل معها ودمجها، وفي هذه الحالة يمكن أن تتحول مراكز التنمية الفكرية القائمة إلى مؤسسات تقدم خدمات إضافية بعد المدرسة، وسيكون للخبرات التي تراكمت لدى الوزارة والعاملين في المراكز دور كبير في تدريب المعلمين والإدارات المدرسية والأهالي لنشارك جميعا في تحمل مسؤوليات الرعاية الاجتماعية، لأن مثل هذه الأعمال والمشروعات تحتاج إلى خبرات وتكاليف كبيرة ومعقدة، وسيكون لمشاركة المجتمع والمدارس دور كبير في تخفيض هذه النفقات والأعباء، وتفعيل الموارد المتاحة، وجعل فائدتها أكثر.

هؤلاء الناس بالإضافة إلى أنهم يستحقون منا رعاية أكثر يمكن أن يكونوا جزءا من مجتمعاتهم وأوطانهم، وربما يتاح لهم تعلم مهن وأعمال تدر عليهم دخلا، وتمنحهم شعورا بالرضا والتقدير والأمل أيضا، أو على الأقل تقلل من العبء النفسي والرعائي عليهم وعلى أسرهم.

وزارة التنمية ممثلة بمراكز المنار تقوم بصمت وهدوء بواجبات المجتمع والدولة تجاه فئة من المواطنين، ولكن يجب أن نتجنب يوما تعجز الموارد عن تلبية جميع الاحتياجات، أو تكون السلبية والغياب لمؤسسات ومكونات المجتمع والدولة الأخرى عن واجب الرعاية والدمج سببا في إفشال أو تقليل نجاح هذا العمل النبيل والعظيم.

[email protected]