مراهقون يرفضون صداقات الأهل بـ"فيسبوك"

يفرض كثير من الأبناء برامج حماية على صفحاتهم عبر "فيسبوك" منعا من اختراق الأهل لخصوصياتهم - (أرشيفية)
يفرض كثير من الأبناء برامج حماية على صفحاتهم عبر "فيسبوك" منعا من اختراق الأهل لخصوصياتهم - (أرشيفية)

منى أبو حمور

عمان- لم تكن فكرة إضافة أفراد العائلة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تروق لوليد الرياحي، الذي فر من إلحاح والده بضرورة تواجده على صفحته الخاصة بوضع خصوصية على صفحته تمكن أصدقاءه فقط من رؤية كل ما يكتب او ينشر على "فيسبوك".اضافة اعلان
ويرى الرياحي (13 عاما) أن من حقه أن يخفي أموره الشخصية عن أهله، لاسيما وأنه يرى "أن الفارق العمري بيني وبين عائلتي واصدقائي يجعلهم لا يتفهمون اهتماماتنا التي في الغالب لا تعجبهم".
في البداية سُرّت الثلاثينية هنادي سيف أن ابنة اخيها (ريما) اضافتها إلى صفحتها عبر "فيسبوك" لأنها لا تقبل صداقات من العائلة.
غير ان اضافة بنت الأخ لم يشف حب فضول العمة بالاطلاع على ما يدور في "بروفايل" ريما الخاص، وعن ذلك تقول "تفاجأت بعد قبول طلب الصداقة أنني لا اتمكن من الاطلاع على صفحتها"، حيث تضع نظام حماية لا يسمح لأي أحد من الاطلاع على تفاصيل الصفحة باستثناء الأشخاص التي ترغب هي بالسماح لهم. يلجأ كثير من المراهقين لفرض نظام حماية على "فيسبوك" يوفر لهم الخصوصية، لاسيما عندما يشتركون في الصداقات مع الوالدين، او افراد العائلة، فيحددون بذلك ما يودون ان يطلع عليه الاهل بعيدا عن الرقابة، أحيانا، او لتجنب مضايقات الأهل برسم المسموح والممنوع.
يبلغ عدد مستخدمي "فيسبوك" في المملكة، وبحسب الموقع العالمي المتخصص بإحصاءات المستخدمين، 460.000 مستخدم أردني وأردنية من الفئة العمرية ما بين ( 13-18 عاما) وفق مستشار الإعلام الاجتماعي خالد الأحمد. ويسمح "فيسبوك"، وفق الأحمد، للأطفال فوق عمر 13 عاما، فتح حساب خاص بهم، إذ يضع للأطفال خصوصية محددة على الحساب، حيث لا يستطيعون الدخول على كل شيء.
ويضيف "من خبرتي الواقعية يوجد الكثير من الأطفال يقومون بتزوير أعمارهم، وعمل حسابات لهم"، مؤكدا أهمية سيطرة الأهل ومراقبتهم للصفحات الخاصة بأبنائهم.
ويبين الأحمد أن بإمكان الأطفال جعل صفحاتهم حكرا عليهم وعلى أصدقائهم من خلال نظام الحماية الذي يتيحه "فيسبوك"، مؤكدا أن على الأهل ربط صفحة "فيسبوك" الخاصة بأبنائهم بالبريد الالكتروني الخاص بهم من خلال الدخول على الاعدادات.
ويتابع "هذه الخطوة تمكن الأهل من معرفة كامل ما يحدث على صفحة أبنائهم"، حيث يرسل نسخة من الإيميل الذي يأتي لابنه إلى الإيميل الخاص بالأهل، وبالتالي يتمكنون من الدخول ومعرفة حتى نوعية الأصدقاء من خلال طلبات الصداقة".
ويرجع الأحمد ميول الأطفال إلى وضع نظام حماية عال على صفحاتهم إلى شعور الأطفال بالفجوة بينهم وبين أهلهم، لافتا إلى أن "غياب" التواصل والتفاهم بين الآباء والأبناء، لاسيما عندما يمر المراهقون بخبرات سابقة تشير الى "عدم احترام" الأهل لاهتماماتهم، ما يجعلهم يبتعدون عن إضافة أي شخص بالغ من العائلة على صفحتهم الخاصة.
من جانبه يعتبر الاختصاصي الأسري د. أحمد عبدالله أن اسلوب الحوار والتفاهم بين الأبناء هو الطريق السليم الذي يمكن من خلاله أن يصل الأهل لما يريدونه، مؤكدا أن الخبرات السابقة لدى الأبناء عن أهلهم هي التي تجعلم متقبلين أو رافضين السماح لذويهم من الكبار بالدخول إلى صفحتهم. ويضيف أن المراهقين بطبيعتهم يحاولون الابتعاد بأفكارهم ومشاعرهم عن ذويهم، الامر الذي يبدو واضحا في صفحاتهم الخاصة على "فيسبوك". ويوضح عبدالله أنه اذا كانت هناك خطوات يتم ممارستها مثل تبادل الأفكار، التي تهم هذا السن أو التواصل مع المدرسات والزملاء، ففي هذه الحالة يكون الأمر ايجابيا، إلا أن ما يحدث حاليا أن "فيسبوك" بات خطرا على الكبار في العمر أيضا.
ولا يشجع عبدالله قيام الأطفال بفتح حساب عبر "فيسبوك"، كون المواقع الاجتماعية من أدوات الجذب للأطفال، لما تحويه من معلومات وصور، وأن الخوف يكمن في أن يبتعد الطفل عن طريقة التعلم الطبيعية الموجودة ضمن بيئته. ويؤكد أن المسؤولية تقع على الأهل في كيفية تقديمهم الأدوات للطفل، خصوصا أن "فيسبوك"، قد يعرضهم لأمور أكبر من عمرهم، وليست في وقتها الصحيح وتشكل لهم مفاهيم خاطئة.
غير أن اختصاصي تربية الاطفال د.عماد الدين خضر، ينصح أولياء الأمور بالتماشي مع الواقع التقني والتطور العالمي في مجال العولمة، وأهمية اختيار العولمة الإيجابية، وكذلك محاولة تجنب سلبياتها، لافتا إلى أن على رب الأسرة عندما يفتح ابنه حسابا على "فيسبوك"، أن يكون شريكه من خلال صفحة أخرى يفتحها ليكون صديقا له، ويتعاون معه بأفكاره التي يتداولها.
ويرى أن على الوالد تحديد السلبيات التي يمكن أن تحدث، معتبرا أن المنع "لن يفيد مطلقا"، خصوصا أن الطفل يمكنه الدخول من أي موقع آخر على فيسبوك الذي أصبح متوفرا في أي مكان. ويحدد بعض التدابير لتحصين الأطفال وحمايتهم منها، التربية البيتية، التي يجب أن تكون مبنية على عدة أسس أهمها التربية الاخلاقية، وكذلك شعور الطفل بالاهتمام والمسؤولية داخل الأسرة، وعلى رب الأسرة تجنب أساليب النبذ والإهمال للطفل، وتوفير الحب والتقبل داخل الأسرة، واشعار الطفل بأهمية وجوده، والتواصل البناء معه.
كل هذه العوامل، وفق خضر، تعمل على حماية الطفل من نفسه، وأن تقديره لذاته يولد لديه الثقة بالنفس، عندها يمكن للطفل ملاحظة السلبيات الموجودة على فيسبوك وتجنبها وحده.