مرة أخرى: البلديات، المطلوب أكثر من الحل!

في مقال نشر في هذه الزاوية (بتاريخ 20/06/2010) تحت عنوان "البلديات: المطلوب أكثر من الحل!" دَعَونا الحكومة إلى التجاوب مع أصوات الفاعليات الشعبية التي تنادي بحل المجالس البلدية قبل الانتخابات النيابية المقبلة. وذهبنا الى المطالبة بإلغاء دمج البلديات بعد أن فشلت التجربة فشلاً ذريعاً ولم تُحقّق أهدافها المُعلنة! كما اقترحنا أن تُعطى اللجان التي سيتم تشكيلها لإدارة البلديات الفرصة الكافية لإعادة هيكلتها وبناء قدراتها المؤسسية وتنظيفها من الفساد الإداري والمالي.

اضافة اعلان

وقد سُقنا عدداً من المبررات الداعمة لهذه المطالب نوجزها، لمجرد التذكير، بما يلي: أولاً، أنّ الانتخابات التي جاءت بهذه المجالس كانت الأسوأ في تاريخ الأردن كما يردد الكثيرون.

ثانياً، الخشية من قيام المجالس الحالية بتوجيه الخدمات إلى مناطق أو فئات معينة مع ما يعنيه ذلك من استخدام "المال العام السياسي" في الحملة الانتخابية المقبلة. ثالثاً، تراجع الخدمات البلدية كماً ونوعاً في العديد من المدن والقرى.

رابعا، تزايد أعداد الذين تم تعيينهم في البلديات وتدهور القدرات المؤسسية فيها. خامساً، حقيقة أن الإيرادات التي تُجنى من الاستثمارات المتواضعة في بعض المناطق أصبحت توجه لخدمة مناطق أخرى، إمّا لعدم وجود ممثلين في المجلس البلدي للمناطق المظلومة، أو بسبب قيام أصحاب القرار الفاعل من أعضاء المجلس البلدي بتقديم الخدمات بصورة انتقائية، وتحديداً للمناطق التي انتخبتهم أو يطمعون في الحصول على دعمها في الانتخابات المقبلة. سادساً، قناعتنا بأن قانون الانتخابات قد جاء داعماً للمطالبة بإلغاء الدمج بعد أن قسّم الدوائرالانتخابية إلى دوائر فرعية، ولم يعد هناك منطق في إبقاء الانتخابات البلدية على مستوى الدائرة الانتخابية الكبرى!

وقد حظي المقال بردود فعل متباينة، حيث أيّده الآلاف من خلال الاتصالات واللقاءات المباشرة في حين لَقيَ، كما هو متوقع، معارضة شديدة من أطراف أخرى! أمّا ما دفعنا للعودة إلى هذا الموضوع فهي الاتهامات الباطلة التي وجهت إلى كاتب المقال، والمعلومات الكاذبة التي سُرّبت إلى بعض وسائل الإعلام حول مسار الدعوى التي رفعها أعضاء أحد المجالس البلدية رداً على المقال الأول، من جانب، وتزايد حالة الفوضى، وكذلك اللامسؤولية التي تعاني منها بعض البلديات، والتي أصبحت مرتعاً للفساد ومظهراً من مظاهر الإساءة الى هيبة الدولة والاستقواء عليها، من جانب آخر!

ولم يعد هذا الأمر خافياً على أحد، ويعزّزه ما تطالعنا به وسائل الإعلام يوماً بعد الآخر! وللتأكيد على ذلك سنكتفي ببعض المقتطفات التي جاءت في الصحف، وعلى النحو التالي: "مكافحة الفساد تكشف مخالفات وتجاوزات في تعيينات بلدية.."؛ "رئيس بلدية يطلق النار على رجال الأمن"؛ "كفّ يد رئيس بلدية عن العمل بعد إيقافه من المدعي العام"؛ "نقيب المهندسين يقول إن بعض السماسرة موجودون في البلديات"؛ "رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب يصرح لإحدى الصحف أن الانتخابات البلدية السابقة كانت مزوَرة مما عزّز التفكك الاجتماعي"؛ "موظف عريق يكشف أسرار تدخل بعض البلديات في الانتخابات النيابية". علماً بأن هذه المقتطفات تقتصر على الفترة التي تَلَت نشر المقال الأول فقط! ويمكننا أن نزوّد من يرغب من القراء بالتوثيق الكامل الذي يشمل اسم الصحيفة والتاريخ ورقم الصفحة!

وبعد، فإننا نكرر المطالب السابقة، ونجزم أن نهج التعامل مع كل بلدية على حدة يمثل تسويفاً للمشاكل ولا يلبي طموحات المواطن الذي يعاني الأمرّين من الوضع المزري الحالي!

[email protected]