"مزاجية" الأفراد.. حينما تتحكم بالعلاقات

Untitled-1
Untitled-1

مجد جابر

عمان- رغم أن علاقة الصداقة بينهما استمرت لعدة أعوام، إلا أن سارة لم تعد تحتمل شخصية صديقتها المتغيرة على مدار الساعة، والمزاجية العالية التي تتحكم بكل تصرفاتها، والتي تزيد مع مرور الوقت.اضافة اعلان
تقول سارة إن صديقتها تتبدل اراؤها عشرات المرات باليوم الواحد، فبعد التخطيط فيما بينهما على أمر معين، والاتفاق عليه وتأكيده تعود بعد أقل من ساعة بحال مختلف وتتراجع عن رأيها وعن كل ما قالته.
التبدل المزاجي لدى صديقتها تعايشت معه وتقبلته وتحملته رغما عنها، لأنها صديقتها وهذا واجبها اتجاهها، إلا أنها ومع الوقت لم تعد قادرة على تحمل هذا المزاج، بل أصبحت طاقتها السلبية تؤثر عليها، وعلى الكثير من مخططاتها، فلا تستطيع أن تبقى "رهن اشارة مزاجها".
وتضيف سارة أن هذه الحالة باتت تتكرر مع صديقتها باستمرار، وتحدث معها أكثر من مرة، لكنها لم تغير من نفسها بل زاد الأمر سوءا، ما جعلها تفكر جدياً بالاختصار وتقليل التعامل معها.
ولعل الشخصية المزاجية تتعب صاحبها وكل من حولها، وهو الأمر الذي يؤسس لعلاقات غير صحية على الاطلاق وغير مريحة.. والمزاجية لا تنطبق فقط على الأصدقاء، انما بين أفراد العائلة وحتى زملاء العمل.
ويختبر طارق ذات المعاناة مع أحد زملائه في العمل، والذي يعمل تحت ادارته، والسبب أنه شخص مزاجي جدا عند ادائه الواجبات الوظيفية.
ويبين طارق أن زميله يأتي يوما وينجز كل مهامه على أكمل وجه وبدقة عالية جداً، وفي اليوم التالي لا يقوم بإنجاز العمل المطلوب منه، ويتعامل بمزاجية وسلبية مع باقي الموظفين ولا تكون لديه أي رغبة بالإنجاز.
ويشير طارق أنه يقدر أحيانا مرور الموظف بحالة لا تسمح له بعمل المطلوب منه بذات الكفاءة المطلوبة، ويتفهم ذلك جيدا، لكنه لا يستوعب أبدا أن يكون هذا الأمر حالة عامة وتتكرر باستمرار، مما يؤثر على المحيط الوظيفي بالكامل، فهو يفضل بالنهاية أن يتعامل مع شخص يقدم نصف انتاجه، ولكن لا يعاني مع مزاجيته.
الحاجة أم محمود تتحدث عن ابنها الكبير الذي يتمتع بعطاء كبير، وحنون عليها لدرجة كبيرة، ولكن يزعجها كثيرا تبدل مزاجه بشكل مستمر في الجلسة ذاتها. ذلك الأمر بات يزعج اخوانه، إذ يشيط غضبا إن سمع كلمة لم تعجبه ويبدأ بالصراخ والقاء الشتائم، وبعد مرور دقائق قليلة يعود لإرضاء الجميع والاعتذار عما فعله.
ولكن ذلك الأمر يتكرر بشكل يومي، وفق أم محمود التي تبين أنها تخاف دائما من أن يصطدم باخوته، ففي كثير من الأحيان يأتي ويضفي جو المرح على الجلسة، وفي يوم آخر يجلس مراقبا لجميع من في المنزل ولا يريد أن يسمع صوت أحد أو أن يتحدث أحد بأمر ما بسبب مزاجيته غير المفهومة.
وفي ذلك يذهب الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة إلى أن هذه الشخصيات بالأصل تعاني من اضطرابات، فهي غير ثابتة على شكل أو لون أو مبدأ معين، فقد يتغير حالها من ساعة إلى ساعة وهي من أصعب الشخصيات في التعامل.
ويشير مطارنة إلى أن هذه الشخصيات في الأصل تكون نشأت في بيئة لا تعترف بالآخر وفكره ورأيه، ولذلك تنشأ فاقدة للرضا مع نفسها ولا تدرك ما الذي تريده أو ترغب به لذلك تبدو متقلبة.
ويضيف مطارنة أن التعامل مع هؤلاء الأشخاص أمر متعب ومرهق للغاية، ولا بد من التعامل معهم بحذر مع وضع حدود لهذه العلاقة، لكي لا تؤثر على جميع الأطراف، مبيناً أن الأشخاص المزاجيين موجودين في كل مكان إلا أن الفكرة هو معرفة كيفية التعامل معهم بطريقة لا تؤثر على حياة الشخص المقابل.