مستشفى الجامعة الأردنية

هذه المرة الخامسة التي أكتب فيها عن مستشفى الجامعة الأردنية خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، من خلال التجربة الشخصية. وفي تجربتي الأخيرة قبل أيام قليلة، لاحظت الاهتمام بتطوير الجانب الإداري والخدماتي في المستشفى. وكانت هذه نقطة ضعف مزعجة فيه؛ إذ كانت تحبط الإمكانات والقدرات المتقدمة للأطباء والتجهيزات التقنية هناك ضعف العمليات الإدارية، وتراجع ثقافة العمل والخدمة العامة إلى درجة تجعل المرضى والمراجعين والأطباء أيضا يعانون كثيرا.اضافة اعلان
والحال أن مستشفى الجامعة الأردنية (ومؤكد بطبيعة الحال أنها مقولة قابلة للتعميم على مجموعة من المستشفيات الحكومية والجامعية)، يمثل حالة نموذجية لإمكانية الارتقاء بالرعاية والخدمات الصحية إلى مستوى يتيح للمواطنين فرص الحصول على رعاية صحية بمستوى لائق وكريم، ضمن قدرات مالية معقولة للجميع، من خلال الاشتراك بصناديق التأمين الصحي، فلا تعود معها الرعاية الصحية مصدرا للنزف والعبء المالي بالنسبة للأردنيين، ومن غير مزيد من الإنفاق المالي الإضافي في مجال الصحة، أو في عبارة أكثر صحة: بقليل من الإنفاق الإضافي.
لكن العبرة الأساسية في تطوير وتفعيل الموارد البشرية والفنية والمالية المتاحة للوصول إلى مستوى أفضل بكثير من واقع الرعاية الصحية. إذ ليست الأزمة الأساسية في نقص الإنفاق والموارد المالية، لكن يبدو واضحا أنها في الهدر وفي تراجع ثقافة العمل والانتماء.
مؤكد بالطبع أن ثمة حاجة إلى موارد مالية إضافية ومراجعات كبرى لكنها ممكنة وليست صعبة. وأعتقد أن مائة مليون دينار ليست رقما كبيرا أو صعبا، لكنها يمكن أن تحول مستشفى الجامعة الأردنية إلى صرح طبي كبير ورائد يستوعب احتياجات المواطنين الصحية. ولا أفهم (وهذه ملاحظة شخصية انطباعية) لماذا تقوم إلى جوار المستشفى مجمعات طبية مستقلة، مثل مركز السكري ومركز الحسين للسرطان؛ لماذا لا تكون جميعها جزءا من مجمع مستشفى الجامعة؟ ولماذا يقام مركز مستقل مجاور لمستشفى الجامعة بدلا من توسع المستشفى وزيادة إمكاناته ليتحول إلى مجمع طبي يملك المساحة والفضاء والمرافق والمباني لاستيعاب وتطوير الرعاية الصحية؟ وإن كان ثمة حاجة لوجود مؤسسات مستقلة ومختلفة عن المستشفى، فلماذا بنيت بجواره بدلا من توسعة المستشفى وتطوير مرافقة وقدراته؟ إذ من الواضح أن ضيق المكان وضعف قدرته على استيعاب تدفق السيارات والزوار ينشئ أزمات خانقة يمكن حلها، أو يفترض عدم وجودها ابتداء. ولو كان في مقدور المستشفى الامتداد والتوسع في البناء، لربما كان قادرا على أداء رسالته وعمله، عدا عن الاستغناء عن التكرار والازدواجية غير المفهومين وفي منطقة واحدة هي ابتداء مزدحمة وتتعرض إلى عبء وازدحام بسبب الجامعة الأردنية الأم، وشارع الجامعة الرئيس والحيوي الممتد إلى الشمال والغرب من المملكة؛ فلماذا نواجه الأزمة بمزيد من الأزمات؟ أظن أن انتقال مركز السكري ومركز الحسين من مكانهما (مع التعويض بالطبع) أصبح أمرا ضروريا وملحا لبناء مجمع طبي كبير وكفؤ يستوعب أولويات وتحديات الخدمات والرعاية الصحية.
وأرجو أن يسمح لي القراء (والسيدة رئيسة التحرير) بالتسلل من خلال هذه المساحة لتقديم الشكر والامتنان إلى إدارة مستشفى الجامعة الأردنية وفريقها الطبي والإداري المتقدم، والمستوى الجميل والمؤثر الذي يتمتعون به من الكفاءة والعطاء والخلق الإنساني الرفيع.