مستشفى حمزة

لا تملك وانت تتجول في مبنى مستشفى الامير حمزة الا ان تتخيل انك امام مشروع صرح طبي اردني متميز، فالبناء والتجهيزات والسعة وحماس فريق التشغيل كلها مقومات اولية لانجاز نموذج طبي اردني مثل المدينة الطبية. وقرابة خمسين مليون دينار تم انفاقها حتى الان على البناء.

اضافة اعلان

هذا الصرح الطبي جاء اصلاً لتخفيف الضغط عن مستشفى البشير، لكن ليس بالضرورة ان يكون مستشفى حمزة فرعاً للبشير، فهنالك امكانية للاستفادة منه في الخدمات الاساسية، مع اعطاء المستشفى الجديد ميزة التخصص ببعض فروع الامراض مثل سرطان الاطفال او غيرها من الاختصاصات، ويمكن ان يكون المستشفى بإمكاناته الكبيرة عنواناً لبعض التخصصات مع الاستفادة منه في الخدمات العامة.

ولعل هذه القضية تحتاج الى نظرة شاملة لدى اصحاب القرار في الوزارة، رغبة بأن يكون مستشفى حمزة مركزاً طبياً متميزاً، وهذا امر سهل ويمكن الحصول عليه لتوفر الارادة والرؤية.

ولعل هذا المستشفى فرصة لإعادة الاعتبار لصورة الأطباء والممرضين في وزارة الصحة عبر الاستفادة من خبراتهم في اجواء طبية حقيقية وقادرة على جعل الطبيب يمارس الطب وليس السلام على المرض من شدة الازدحام، فالمدينة الطبية مثلاً لم تتحول الى صرح طبي اردني وعربي إلا لأنها انصفت الطاقم الطبي والتمريضي في القوات المسلحة, فعندما عملوا في ظروف صحية تحولوا الى عناوين للانجاز والخبرة، وهذا ما يمكن لمستشفى حمزة ان يفعله اذا امتلكت الوزارة رؤية لادارته.

وللانصاف فإن كوادر وزارة الصحة في اغلبهم ذوو قدرات وكفاءات. لكن المشكلة انهم يعانون من ظلم في المردود المالي يجعلهم الأقل قياساً بأطباء القوات المسلحة ومستشفى الجامعة فضلاً عن القطاع الخاص, فالعمل ضمن كادر نظام الخدمة يجعلك تجد طبيباً متخصصاً بخبرة ثلاثين عاماً يحصل على تقاعد لا يزيد كثيراً على (400) دينار، وهي اجرة لطبيب في القطاع الخاص لعملية جراحية واحدة، وحتى راتبه الشهري فقد يحصل عليه طبيب في أيام قليلة، ولهذا فإن الوزارة تشكو من استنكاف الاطباء والممرضين عن الوظيفة الحكومية التي يقل مردودها المالي عن بقية القطاعات. الحكومة، إذن، مطالبة بالعمل على انصاف هذه الفئات عبر نظام خاص للاطباء حسب كفاءاتهم وخبراتهم, وربما يكون انطلاق مستشفى الامير حمزة بعد شهور قليلة فرصة لإعطاء موظفي المستشفى نظاما منصفا، وهي خطوة لإنصاف موظفي الوزارة كافة.

الحكومات أعطت اوضاعاً خاصة لأشخاص ومناصب غير مؤثرين، فهنالك مديرون عامون احالتهم على التقاعد شكلياً ثم اعادت تعيينهم بعقود ليتحول راتب احدهم من (900) دينار الى اكثر من (2000) دينار، والحكومات اعطت للنواب والاعيان وضعاً خاصاً عبر حق الحصول على تقاعد وزاري، بعد خدمة اقصاها اربع سنوات، وفي كل وزارة هنالك عقود خاصة، بما فيها وزارة الصحة التي فيها أطباء من ابناء (المسعدين) اقل كفاءة من الموجودين، لكن الواسطة اعطت لهم حق راتب مع بداية التعيين بـ(1500) دينار، بينما يعطى اصحاب خبرة وكفاءة من اردنيين عادوا لبلادهم (600) دينار، وينقلون للعمل في اقصى الشمال او الجنوب.

واذا استمرت الحكومات في تجاهل الظلم الواقع على القطاع الطبي والفني في الوزارة، فإنها امام خيارين؛ احدهما عمل يتسم باللامبالاة والروتين، والثاني عزوف وهجرة كما يحدث الان. فالشكوى من الوزارة لم تعد تكفي، والبعض يسافر الى اوروبا واميركا لعلاج مرض عادي على حساب الدولة، ويدفع عشرات الآلاف بينما يتم سجن مشكلات القطاع الصحي في نظام الخدمة الذي تتجاوزه الحكومات عندما تريد.

مستشفى الامير حمزة، الذي يستعد لبدء العمل بعد اسابيع، فرصة كبيرة لأنموذج طبي حكومي متميز عبر ادارة وصلاحيات وانصاف. اما اذا رأت فيه الوزارة مركزاً صحياً شاملاً لكن بحجم كبير فهذا امر مختلف، ولو ارادت الوزارة تميزه يمكنها فتحه ايضاً لغير المؤمّنين من الاردنيين او المرضى العرب، مثلما هي المدينة الطبية، ولعاد هذا على المستشفى بمردود مالي، لكن هذا يحتاج الى الكثير الذي نتمنى حدوثه، والا سنجد انفسنا امام فرصة ضائعة، وكأنه فرع للبشير، مثلما تفتح المؤسسة الاستهلاكية فروعاً لها.

[email protected]