مسجد عمرو بن العاص ..جوهرة تتلألأ بي مساجد @لقاهرة

مسجد عمرو بن العاص ..جوهرة تتلألأ بي  مساجد @لقاهرة
مسجد عمرو بن العاص ..جوهرة تتلألأ بي مساجد @لقاهرة

   القاهرة - جامع عمرو بن العاص هو أحد الشواهد المهمة على عصر الفتوحات فهو اول مسجد بناه المسلمون في افريقيا كلها، ويعد اليوم إحدى التحف المعمارية الفريدة بالقاهرة القديمة التي تنتمي الى تلك الحقبة. قام بتأسيسه عمرو بن العاص حين شرع في بناء الفسطاط فكان اول لبنة وضعت في اساسها والمركز الذي اقيمت حوله هذه المدينة، التي لم يتبق منها اليوم سوى بعض شواهد قليلة من ابرزها ذلك الجامع الكبير الذي نتحدث عنه.

اضافة اعلان

    ولقد عرف هذا المسجد بعدة اسماء كان اشهرها تاج الجوامع، والجامع العتيق، وجامع عمرو، وهي التسمية التي ما زالت ترددها الألسنة حتى اليوم، وقد كان المسجد عند بنائه صغيرا على شكل مستطيل مساحته 25 * 15 مترا يتشابه تخطيطه مع تخطيط مسجد الرسول "صلى الله عليه وسلم" بالمدينة المنورة ثم اتسعت مساحته على مر الايام وزود بأعمدة من الرخام وارتفع سقفه وزادت ابوابه فأصبحت احد عشر بابا حتى صار نموذجا رائعا تتجسد فيه طرز البناء الاسلامية المتعاقبة من أموية وفاطمية وعثمانية، وقبلة لآلاف المصلين يأتون اليه من كل مكان خاصة في شهر رمضان حيث تقام فيه صلاة التراويح التي تشهد اقبالا ربما لا يشهده مسجد آخر في مصر.

    وللمسجد مئذنتان على الطراز العثماني بناهما الامير مراد بك عام 1779م احداهما فوق المدخل الايمن من الواجهة، والثانية عند الطرف الايمن من رواق القبلة وقام الامير مراد بك كذلك بالعديد من الاصلاحات والاضافات التي ربما أتت بنتائج عكسية بعد ذلك ــ كما يقول الدكتور محمد ابوالحسن استاذ العمارة الاسلامية ــ اذ إن تغييره لمسار الأعمدة في ايوان القبلة بجعلها متعامدة على الايوان بعد ان كانت موازية له قد اضر كثيرا بسقف وحوائط القبلة بعد ذلك وتسبب في انهيار وتداعي بعض اجزائها وهو الامر الذي تداركته وزارة الثقافة بصفتها المسؤولة عن المسجد من الناحية الاثرية حيث قامت بإعداد مشروع يقضي بنقل وترميم واعادة تركيب ايوان القبلة بالكامل واعادته الى ما كان عليه الحال قبل عام 1779 ليتحول المسجد بعد الانتهاء من اعمال الترميم به مؤخرا الى تحفة معمارية وجوهرة تتلألأ بين مساجد مصر الاثرية حيث تضاء أنواره في المساء.

    ويتميز المسجد من الداخل بصحنه المكشوف الذي تتوسطه فسقية وتحيط به غابة من الاعمدة الرخامية تحمل فوق تيجانها اربعة ايوانات اشهرها ايوان القبلة الذي تم تغييره او اعادته الى سابق عهده.

ويحتوي ايوان القبلة في جزء منه على ضريح يقال انه ضريح عمرو بن العاص او ابنه عبدالله، غير ان الاستاذ محمد محجوب مدير آثار الفسطاط يستبعد هذا الامر اذ كان من المعروف ان المسلمين في بداية الفتح يدفنون موتاهم في المنطقة التي تقع على اطراف المدينة عند سفح جبل المقطم ومن المرجح ان يكون عمرو وابنه قد دفنا هناك ايضا، خاصة انه ليس هناك في المراجع التاريخية ما يدل على أن عمرو وابنه قد دفنا داخل المسجد او حتى بجواره ومن المرجح ان يكون هذا الضريح قد اضيف الى المسجد في العهد الفاطمى ولهذا المسجد هيبة تستولي على القلوب وروحانية طاغية تدعمها تداعيات الاحداث التاريخية التي مرت عليه.

    ففي احد اركان هذا المسجد العريق وقف القائد عمرو بن العاص إماما بالمسلمين في اول صلاة لهم فوق هذه البقعة من ارض مصر ومن يومها لم ينقطع صوت المؤذن، ولم يتخلف المسلمون وطلاب العلم يوما عن مسجد عمرو الذي كان يقوم بنفس الدور الذي تولاه بعد ذلك الجامع الازهر في نشر وتدريس المذاهب الاسلامية الأربعة، فكان مدرسة وجامعة تخرج فيها الآلاف من طلاب العلم ودارسي المذاهب الاسلامية كان اشهرهم الامام الليث بن سعد، والامير عبدالعزيز بن مروان.