مسلسل الاعتداءات يتواصل.. وخبراء يعتبرونها نتيجة لإحباط طبيب وغضب مريض

محمد الكيالي

عمان - حالة من الاستياء والاحباط تسود أوساط الأطباء، بعد أن شهد مستشفى البشير الحكومي، يوم السبت الماضي، اعتداء هو الثاني خلال الشهر الحالي على طبيب باطني أدى إلى حدوث كسر في يده جراء اعتداء أحد مرافقي مريض عليه في قسم الإسعاف والطوارئ.اضافة اعلان
وفيما أكد أطباء، على مواقع التواصل الاجتماعي تعليقا على الحادثة الأخيرة، أنه "في غياب قوانين رادعة للمعتدين، فإن مسلسل الاعتداء سيستمر"، يرى خبراء ومراقبون "أن مسلسل الاعتداءات هذا هو نتيجة لسببين هما: إحباط أطباء من الظروف المحيطة، وغضب مرضى".
في حين طالب أطباء، الحكومة ممثلة بوزارة الصحة، بـ"التحرك العاجل لوقف المهزلة" بحق زملائهم الذين يقدمون الكثير لصحة المواطنين ورفعة وطنهم في الشأن الطبي.
خبراء وقانونيون، أكدوا في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، أنه "يجب دعم الأطباء في ملاحقة المعتدين، وتغليظ العقوبة على من يتعرض للطبيب بصفته موظفا عاما".
إلى ذلك، قال عضو مجلس نقابة الأطباء السابق، الدكتور مظفر الجلامدة، إن ظاهرة الاعتداء على الأطباء "ما تزال تتكرر لعدم إيجاد الحلول العملية والعلمية المناسبة للأسباب المتعددة والكثيرة لهذه الظاهرة التي باتت تؤرق الأطباء وتعطل عملهم وتعيق تقديم الخدمات الصحية المناسبة في وقت حدوثها".
وأضاف أن "عدد الاعتداءات العام الحالي بلغ نحو 13 اعتداء جسديا، وهناك العديد من الاعتداءات الجسدية ومئات الاعتداءات اللفظية التي يتجاوز عنها الأطباء يحدث أغلبها في طوارئ المستشفيات بسبب الضغط الهائل للمراجعين ونقص الكوادر الصحية ووقف تعيينات الأطباء وعدم فصل المرافقين عن المرضى ما يؤدي إلى إرباك في أقسام الطوارئ".
وشدد الجلامدة على أنه "لا يمكن حل هذه المشكلة بدون تفعيل التشريعات والقوانين وتغليظها لحماية الأطباء والاستفادة من تجربة دول الخليج والسودان والتي اقرت قوانين كان لها دور كبير في الحد من هذه الظاهرة بعد انتشارها".
وأوضح أن القطاع الصحي الأردني سجل تميزا كبيرا في حماية الأمن الصحي للوطن ورفد الخزينة بأرقام كبيرة من السياحة العلاجية، مبينا أنه لا يوجد ما يمنع ان تكتمل الصورة بإقرار تشريعات رادعة وعدت بها الحكومات المتعاقبة مرارا وتكرارا دون أن تقرها حماية للكوادر الطبية ولتساعدهم على الارتقاء والتميز والتطور وإيجاد حلول للمشاكل المتعددة.
بدوره، قال المحامي يزديد الحياصات، المكلف من قبل نقابة الأطباء لمتابعة الإجراءات القانونية، إن "النقابة ليس لها دور قانوني في رفع دعاوى ضد المعتدين على منتسبيها"، موضحا أن الطبيب له شخصيته المستقلة، وهو الوحيد الذي له الحق بمقاضاة المعتدي أمام القضاء بعد تسجيل الدعوى في المركز الأمني.
وأكد أن النقابة تقوم بتوكيل محام وقانوني لمساعدة الأطباء المعتدى عليهم، لأن العديد من الأطباء لا يعلمون ما لهم وما عليهم في قضايا الاعتداء، والبعض يعزف عن الذهاب إلى المحكمة ومتابعة الجلسات، موضحا أن محامي النقابة يتابع قضايا الأطباء المعتدى عليهم، من أجل تحصيل حقوقهم القانونية كاملة.
من جانبه، قال المحامي محمد الضمور، إن المادة 187 من قانون العقوبات، وفي بندها الأول، تشير إلى أنه "من ضرب موظفا أو اعتدى عليه بفعل مؤثر آخر أو أشهر السلاح عليه أثناء ممارسته وظيفته أو من أجراه بحكم الوظيفة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر".
ويشير البند إلى أنه "وفي حال وقع الفعل على معلم أو طبيب أو ممرض أو عضو هيئة تدريسية في أي من مؤسسات التعليم العالي خلال ممارسته لوظيفته يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة".
وبين الضمور أن هذه العقوبة غير كافية، كما أن هناك تقصيرا من قبل الأجهزة الأمنية سابقا للتشريع، مشددا على ضرورة أن يكون الحق العام أشد من إسقاط الحق الشخصي.
وأوضح أن من الضروري معاملة الطبيب أسوة بالقضاة أو الوزراء أو أعضاء مجلس الأمة، داعيا إلى تشديد العقوبة على المعتدين أسوة بالسودان والسعودية، التي أوصلت عقوبة المعتدي على موظف عام إلى 10 سنوات وغرامة تصل إلى مليون ريال.
ونوه الضمور الى أن "من الممكن أن يخطئ الموظف العام في عمله، إلا أن الطبيب لن يتعمد الخطأ لأنه بذلك يمكن أن يقضي على حياة المريض"، داعيا إلى "تعزيز دور رجال الأمن داخل المستشفى وأقسام الطوارئ التي تشهد حالات اعتداء".
من ناحيته، أكد الباحث في شؤون التأمينات الاجتماعية والصحية، الدكتور محمد الزعبي، أن سبب الاعتداءات واستمرارها، "يتلخص بحالة الإحباط التي تحيط بأطباء ومواطنين".
ولفت إلى أن "الأطباء محبطون من الظروف التي يعملون بها ومن بينها قلة الرواتب والضغط الحاصل في أقسام الطوارئ وغياب الشعور بالأمان في تعاملهم مع المرضى، في حين أن الضغوط المعيشية الصعبة التي يعيشها مواطنون تجر البعض منهم لتنفيذ اعتداءات تنفيسا عن حالات الغضب التي يعيشونها".