مسنون يستعيدون شغف تحقيق أحلام مؤجلة

Untitled-1
Untitled-1
مجد جابر عمان- اختار أن يتبع حلمه المؤجل.. يحقق انجاز ما بروح ما تزال متعلقة بالحياة، رافضا السماح لأحد بأن يسرق منه شغفه وإن جاء في محطة متأخرة من هذا العمر القصير. لم يمنعه شعره الأبيض ولا سنوات عمره، ولا حتى ظروفه والمعيقات الكثيرة أن تكون حاجزا من الوصول إلى ما تمناه يوما. ذلك ما حصل مع الحاج كامل عبداللطيف الذي استطاع أخيرا أن يحصل على شهادة تخرجه من الجامعة الأردنية. مؤخرا، انتشرت صورة له على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يرتدي ثوب التخرج ويحمل شهادة درجة البكالوريوس، يقف بين الشباب الخريجين مشاركا في حفل تخرجه وكله فرح واعتزاز وفخر بما استطاع أن يحققه. هذه الصورة لخصت الكثير من المعاني والمفردات التي تؤكد أن هنالك أحلاما وإن كانت مؤجلة فهي بطريقها لأن تتحقق إن آمن بها الشخص وسعى نحوها وسخر كل طاقاته من أجلها، من دون أن يتوقف ذلك عند عمر معين أو ظرف ما. ليس عبداللطيف فقط من استطاع تحقيق حلمه، فالحاجة عائشة (65 عاما) هي الأخرى كانت منذ صغرها تعشق الفن والرسم، إذ كانت تفوز بمسابقات المدرسة دائما، غير أن زواجها بعمر صغير وإنجابها ومسؤوليات الحياة والظروف الصعبة، كانت سببا بأن تنسى ما كانت تتميز به يوما، واكتفت بمحاولة تأمين أولادها ومستقبلهم. اليوم، وبعد أن قدمت عائشة مهامها ومسؤولياتها تجاه جميع ابنائها، وجدت أن من حقها أن تفكر بذاتها قليلا وأن تعود لموهبة أحبتها كثيرا، لذلك استطاعت وبمساعدة إحدى بناتها أن تتبع حلما ربما تأجيل كثيرا، لكنه لم يمت، لذلك قررت العودة لهوايتها من جديد وتشتري كل المستلزمات التي تحتاجها وتجهز غرفة صغيرة لتخط لوحاتها الجديدة. تقول "اليوم أصبحت أشعر بسعادة مختلفة.. فبعد أن شعرت أن أيامي بلا فائدة وأن الوقت يمر سريعا وأن سنوات عمري تضيغ عدت لما حلمت به يوما.. والآن سعادتي كبيرة ولا توصف". وتضيف "أستيقظ يومياً وعندي دافع حقيقي وهو الدخول الى غرفة الرسم وأسمع اغنية لفيروز والبدء بالرسم حتى استطعت أن أنتهي من عدة لوحات أهديتها لأبنائي وسأشارك بأقرب فرصة في معرض لعرض ما تبقى من لوحاتي". واستغرب الشاب علي عبدالله من والده المسن والذي يبلغ من العمر (70 عاما) عندما جاء إليه وطلب منه ان يقوم بتعليمه القيادة والسبب أنه كان يعتمد على أبنائه في قضاء كل مستلزماته، غير أن ظروف الحياة وانشغال ابنائه في العمل بالفترة الصباحية وبعد المسافة، جعله يشعر أنه بحاجة الى أن يتعلم القيادة ويعتمد على نفسه ويخرج في الصباح ويقضي أشياءه بنفسه وبذات الوقت يرفه عن نفسه. بالبداية، تردد علي بالبداية خوفا على والده وحتى لا يشعر أنه قصر بشيء تجاهه، غير أن اصراره جعله يرى الأمر من زاوية ايجابية من ناحية قضاء حاجياته بنفسه وقضاء وقتا ممتعا برفقة اصحابه، والشعور أنه لا يحتاج لأحد لأنه يستطيع فعل ما يريده بمفرده. ومن هنا بدأ علي بإعطاء والده دورة تدريبية واستطاع ان يعلمه القيادة وبقي في الفترة الأولى يخرج معه للأماكن القريبة حتى يتأكد من تمكنه بالقيادة والقدرة على الاعتماد على نفسه، مبيناً أنه فخور لأبعد الحدود بوالده الذي استطاع بهذا العمر ان يقدم على خطوة جريئة مثل هذه دون خوف او عجز. "الحلم لا يعرف عمرا أو وقتا، هو حق لكل شخص باللحاق به".. هكذا بدأ الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة كلامه، مبينا أن الشخص بعمر صغير يقوم بالشيء كأمر واجب ومطلوب منه، دون أن يدرك ربما مدى أهمية. ويلفت إلى أن أحلام الشخص قائمة على أمور معينة، وعندما ينضج تماما تبدأ عنده أحلام المستقبل، أما الشخص الكبير في العمر عندما يحقق حلمه يشعر بفرحة ذلك أضعاف مضاعفة، لأنه جاء بمجهود، وإلى جانب مسؤولياته وأعماله وبقرار منه، لذلك يكون تحقيقه بمثابة شيء خارق. ويشير مطارنة الى أنه بذلك بكون أثبت لنفسه وللآخرين تميزه، ويتذوق طعم النجاح بشكل مختلف تماما، مبينا أن تحقيق الأحلام للانسان لا يقف عند عمر معين. كما أن الوصول لما يبتغيه الشخص ولو بعمر كبير، يعطيه حالة من التجدد وبأن العمر ليس عائقا أمام الإنجاز، إنما مجرد رقم فقط، وكل شخص قادر على ان يصنع السعادة بنفسه ويصبح نموذجا لغيره، ويفتخر بانجازاته. ويتوافق معه الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي الذي يبين أن تحقيق الامنيات أمر حاضر لدى الانسان ما دام يتبع شغفه ولا يجعل شيئا يقف بطريقه أو يهبط من معنوياته، مبينا أن كبار السن عندما يبدؤون بتحقيق ما تمنوه يوما بعد تربية الأبناء والاهتمام بهم، يشعرهم ذلك بقيمة الحياة واهميتها. ويبين أن هذا يدل على ان كبار السن يملكون طاقة كبيرة من العطاء ويرفضون الاستسلام للواقع، ويسعون لإثبات وجودهم امام المجتمع والاهل ولأنفسهم قبل أي شيء ويكونون قدوة للآخرين. ويعتبر الخزاعي ان هذا السلوك ينعكس ايجابيا عليهم، مبيناً أن هناك آباء يدرسون مع الأبناء على مقاعد الدراسة بالجامعة، ويشعرون بالفخر، لذلك فإن تحقيق الأمنيات لا يقتصر على عمر محدد على الإطلاق.اضافة اعلان