مشاركة الملك في "مسيرة باريس" بناء لما هدمه المتطرفون

جلالة الملك وجلالة الملكة يشاركان في مسيرة باريس
جلالة الملك وجلالة الملكة يشاركان في مسيرة باريس

عمان–الغد- أخذ خبر زيارة الملك إلى فرنسا ومشاركته في مسيرة باريس التي أعقبت عملية الاعتداء على صحفيي ورسامي صحيفة "شارل ايبدو" حصة من التعليق، وكانت هي مادة للتحليل السياسي خلال الساعات الأخيرة.اضافة اعلان
وفيما اعتبر مراقبون بأن الزيارة تأتي في سياق "مجاملة سياسية" لحلفاء الحرب على الإرهاب، فقد اعتبرها آخرون بأنها نقطة متقدمة يسجلها الملك في خانة الدفاع عن الدين الإسلامي، وقيم الاعتدال والتسامح في تعاليمه، كما تأتي في سياق محاولاته المتكررة في كبح جماح الهجوم على الإسلام، واعتباره دين تطرف وإرهاب.
الملك عبد الله الثاني سبق وأن حذر المجتمع الدولي بأن مثل هذه الأعمال الإرهابية لا تمت بصلة للدين الاسلامي الحنيف، كما أن المتطرفين هم خارج سياق حسبة الدين، فيما يمارسونه من عمليات قتل وتشريد للأطفال والأسر وسبي للنساء.
الملك خاض معركة الدفاع عن الدين الإسلامي، منذ أن أعلن موقفه المبكر من تفجيرات 11 أيلول (سبتمبر) من العام 2001، وأكد للعالم براءة الدين الإسلامي من أي عمليات إرهابية يرتكبها المتطرفون باسم الإسلام.
وحرب جلالة الملك استمرت على مدى أكثر من 14 عاما، وجاءت ضمن مسارات متلازمة، عمل من خلالها على تطهير سمعة الإسلام من الإرهاب، ثم القيام بدور الملك والمملكة في جهود مكافحة الإرهاب إقليميا ودوليا، وليس أخيرا تحصين حدود الأردن من أي خطر قادم من بؤر وجيوب الإرهابيين في دول الجوار.
وقفة الملك أول من أمس في مسيرة باريس، جاءت في لحظة تاريخية، سياقها يفيد بأنّ من ليس ضد الإرهاب فهو معه، وفي اللحظة التي تعاطف فيها العالم مع الفرنسيين، في أعقاب العملية الإرهابية الأخيرة، كان لا بد من حضور عربي وإسلامي يوازي بل ويتفوق على الحضور الدولي في هذه المسيرة، وهو ما يؤكد سلامة الموقف العربي الإسلامي ضد الإرهاب ومتطرفيه.
ومن وجهة نظر محللين، فإن هناك فرصة سياسية، سمحت بها المشاركة في المسيرة، ففي وقت أخذ فيه حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جانبا من التعليق السياسي، فقد غمز هؤلاء من فكرة أن الأخير وعلى الرغم من عدم ترحيب الحكومة الفرنسية به، إلا أنه أصر على الحضور، ليغتنم الفرصة ويسوق موقف حكومته اليمينية المتطرفة.
ويجد هؤلاء بأن غياب زعماء لدول عربية وإسلامية، كان سيحرج الموقف الرسمي العربي الإسلامي، فتخرج إسرائيل منتصرة بالصورة الانطباعية الإيجابية، التي تخالفها تماما الصورة الواقعية، وتكون الحكومة الإسرائيلية نجحت في إلغاء جانب من بشاعة ممارساتها الإرهابية والمتطرفة، بحق الشعب الفلسطيني.
على الجانب الآخر، ثمة تفاهمات راسخة توحد الجهود الدولية في الحرب على الإرهاب، فمن غير المعقول، عند الدبلوماسية العربية، التي استفادت من الغطاء العسكري في الحرب على الإرهاب، أن تتوارى في لحظة تعاطف دولية، مع ما تعرضت له باريس، من اعتداء قاده متطرفون أشهروا انتماءهم للقاعدة، فكرا وتدريبا وتنفيذا للعملية.
الحضور العربي الإسلامي الرسمي في مسيرة باريس كان تجديدا لإعلان الموقف من الحرب على الإرهاب، وتأكيدا على المضي في خيارات الحرب العسكرية والأمنية والأيديولوجية على التطرف، وفيما انتقد البعض هذا الحضور، فإن آخرين وجدوا فيه بناء لما هدمه التكفيريون في المجتمعات الغربية، التي قد تغير نظرتها للجاليات العربية والإسلامية المقيمة عندها، وتزيد من عدائها لهم.
الحفاظ على صورة الدين الإسلامي من شبهة التطرف والغلو والإرهاب، وإبراز صورته من خلال قيم الاعتدال والتسامح والتعايش، بات هاجسا يلاحق ضمير المسؤول العربي، فالتأخر في إظهار الموقف يعني التباطؤ في اتخاذ الإجراء، وهو ما يهيئ الأرض خصبة لنمو جيوب الإرهاب واتساع نفوذها وتأثيرها.
بالنسبة للمملكة؛ يقول محلل: فإن الأردن الرسمي والشعبي باتا اليوم أقرب إلى مسؤولية الدفاع عن الدين الإسلامي، وهو ما دفع الملك عبد الله الثاني لتنشيط دبلوماسيته العربية والدولية، في سياقين متوازيين، الأول: دعم دول عربية مؤثرة لعقد اجتماع إسلامي عريض، بحضور علماء ومراجع المذاهب الإسلامية والطوائف المسيحية، للتأكيد مجددا على نبذ الإسلام للإرهاب والتطرف، وذلك من خلال مؤسسة الأزهر ومرجعيتها في الإفتاء، والسياق الآخر، تنشيط الدبلوماسية العربية في مراكز صناعة القرار الدولية لتسويق الموقف الحاسم من الإرهاب فكرا وحربا.
في الأثناء تظهر جهود الملك عبد الله الثاني التي حركت معها جهودا عربية رديفة، وكأنها تأتي كمحاولة مستمرة لبناء كل ما يهدمه الإرهابيون، وتبييض صورة الدين الإسلامي، التي ما زال يشوهها هؤلاء.