مشروع دستور سورية: دولة طائفية تحمي الاحتلال الإسرائيلي

فنيو صيانة سوريون يتوجهون الى محطة عين الفيجة لاصلاحها بعدما دخل الجيش أمس إلى المنطقة.(ا ف ب)
فنيو صيانة سوريون يتوجهون الى محطة عين الفيجة لاصلاحها بعدما دخل الجيش أمس إلى المنطقة.(ا ف ب)

عمان-الغد- ينشئ المشروع الروسي لدستور سورية، دولة طائفية تحمي الاحتلال الإسرائيلي، وتنزعها من هويتها العربي، وهو ما جاء في الترجمة الكاملة من اللغة الروسية للمادة 8 من مقترح روسيا للدستور السوري الجديد، ما يلي :"تبني سورية علاقاتها مع دول اخرى على اساس حسن الجوار والأمن المتبادل وغيرها من المبادئ التي تقضي بها احكام القانون الدولي". تنبذ سورية الحر ب كنمط للاخلال باستقلال دول اخرى وكوسيلة لحل نزاعات دولية".اضافة اعلان
اما الدولة الطائفية التي يتعهد الدستور الجديد ببنائها فتاتي على تكريسها المادة 64 من مشروع الدستور، وجاء فيها ": يكون التعيين لمناصب نواب رئيس الوزراء والوزراء تمسكا بالتمثيل النسبي لجميع الاطياف الطائفية والقومية لسكان سورية، وتحجز بعض المناصب للاقليات القومية والطائفية...".
وتضيف المسودة الروسية الكاملة لمشروع الدستور السوري الجديد، لصلاحيات البرلمان إعلان الحرب وتنحية الرئيس وتعيين حاكم المصرف المركزي وأعضاء المحكمة الدستورية.
وكان الوفد الروسي إلى مفاوضات أستانا حول سورية، التي جرت يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، قد وزّع مشروعه المقترح للدستور السوري. وسبق لموسكو أن أعلنت، في أيار (مايو) الماضي، أنها تعد مثل هذا المشروع، انطلاقا من نتائج مشاوراتها مع أطراف النزاع السوري ودول المنطقة.
ويرى المحللون ان الروس يعيدون بطرحهم مسودة دستور جديدة لسورية، تجربة بول بريمر الحاكم العسكري الأميركي للعراق، التي بذرت بذور الطائفية في البلد، وقسمته الى أقاليم، في اطار صيغة الفيدرالية، واسست لحكم ذاتي كردي بصلاحيات رئاسية توفر كل أسس وركائز "الاستقلال" والانفصال لاحقا.
وكانت ماريا زاخاروفا، الناطقة باسم زارة الخارجية الروسية، نفت هذا "الربط" او "المقارنة" في لقائها الصحافي الأسبوعي، وأكدت ان بلادها لا تحاول فرض شروط التسوية، او دستور على السوريين، انما الهدف من هذه الخطوة تحفيز الحوار السياسي في اطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
واضاف المحللون ان اختيار مؤتمر الاستانة لتوزيع مشروع الدستور على الوفود المشاركة وباللغة العربية، يوحي بأن موسكو جادة في طرحه، وسيكون العمود الفقري للتسوية وتحديد ملامح "سورية الجديدة"، ونظامها السياسي، ولا مانع من ادخال بعض تعديلات على بعض المواد، لكنها من المرجح ان تكون تعديلات هامشية.
وقالوا انه كان لافتا ان المعارضة السورية المسلحة، كانت البادئة برفض هذه المسودة الروسية بشراسة، حيث اكد السيد يحيى العريضي المتحدث باسمها "ان تجربة بول بريمر في العراق واضحة"، محذرا الكرملين من تكرار الغلطة نفسها، "فالشعب السوري هو الوحيد الذي يملك حق كتابة الدستور، وأثبتت تجربة العراق بأنه عندما تعد دولة خارجية الدستور فان فرص نجاحه معدومة"، وربما تتجنب الحكومة السورية الصدام مع حليفها الروسي علانية، وفضلت ادخال تعديلات جوهرية على هذه المسودة، جرى تسريبها لبعض الصحف، واكتفت بذلك حتى الآن على الأقل.
واعتبر المحللون اخطر ما في هذه المسودة، التي تعد "بالون اختبار" لقياس ردود الفعل، واغراق طرفي الازمة السورية في جدل وخلافات سياسية، حتى لكأنهم بحاجة الى خلافات جديدة، هو تحويل سورية الى دولة "غير عربية" إرضاء للاقلية الكردية، وإقامة حكم ذاتي للاشقاء الاكراد في شمال البلاد، على غرار نظيره في العراق، واعتماد اللغة الكردية كلغة رسمية الى جانب شقيقتها العربية، وإدخال نظام الأقاليم او اللامركزية، وتكريس المحاصصة الطائفية في المناصب العليا، والنص على ذلك صراحة في الدستور المقترح.
وقال المحللون ان الأقليات الطائفية والعرقية والدينية كانت، وما تزال، تتعرض للظلم والاضطهاد من الأغلبية الحاكمة، في بعض الدول العربية، وهذا طرح ينطوي على الكثير من الصحة، ولكن هذا الاضطهاد يأتي في ظل أنظمة ديكتاتورية، ومن المفترض ان ينتهي عندما تترسخ الديمقراطية. ولفتوا الى ان الدستور الأميركي، ومعظم الدساتير الغربية، ان لم يكن كلها، لا تنص على حقوق حصرية للاقليات، وعلى المحاصصة العرقية والدينية والمذهبية، انما على المساواة في المواطنة والحقوق والواجبات، وتحتكم الى الإعلان العالمي لحقوق الانسان كمرجعية أساسية في هذا الصدد.
وقالوا ان هذه المسودة للدستور تحرم رئيس الجمهورية، أي رئيس جمهورية سوري، من معظم صلاحياته، وتحوله الى "وسيط"، وتمنع أي دور للجيش السوري خارج حدوده، ما يعني شطب حالة العداء مع اسرائيل لا بل وتحويل سورية الى حارس لكيان الاحتلال.
المحللون يرون ان الملامح الأولية لهذا الدستور تؤشر الى محاولة لعزل سورية عن محيطها العربي، ومنع أي دور لها في التصدي للاحتلال الإسرائيلي لاراضيها أولا، وفلسطين التاريخية ثانيا.
وتقترح المسودة الروسية لمشروع الدستور السوري الجديد، إزالة العبارات التى تشير إلى عروبة الجمهورية السورية، واستبدالها بمصطلحات تشدد على ضمان التنوع فى المجتمع السوري، وحظرت تغيير حدود الدولة دون الرجوع إلى الاستفتاء العام، ومنحت البرلمان صلاحيات إضافية من أبرزها تنحية رئيس الجمهورية.
بينما لم تشر المسودة إلى حقّ رئيس الجمهورية بحلّ المجلس النيابي، وتعيين نائب رئيس له، وذلك بخلاف ما هو مستقر فى الدستور الراهن.
وجاء في البند الأول من المادة الأولى لمسودة المشروع الدستور: "تكون الجمهورية السورية دولة مستقلة ذات سيادة وديمقراطية تعتمد على أولوية القانون ومساواة الجميع أمام القانون والتضامن الاجتماعي واحترام الحقوق والحريات ومساواة الحقوق والحريات لكافة المواطنين دون أي فرق وامتياز".
كما اقترحت المسودة الروسية لمشروع الدستور السوري الجديد جعل تغيير حدود الدولة ممكنا عبر الاستفتاء العام، واعتبار اللغتين العربية والكردية متساويتين في أجهزة الحكم الذاتي الثقافي الكردي ومنظماته.
وجاء في البند الثاني من المادة التاسعة لمسودة المشروع ، "أراضي سورية غير قابلة للتفرط، ولا يجوز تغيير حدود الدولة إلا عن طريق الاستفتاء العام الذي يتم تنظيمه بين كآفة مواطني سورية وعلى أساس إرادة الشعب السوري".
وجاء في البند الثاني من المادة الرابعة "تستخدم أجهزة الحكم الذاتي الثقافى الكردي ومنظماته اللغتين العربية والكردية كلغتين متساويتين.
وأضافت المسودة الروسية لمشروع الدستور السوري الجديد بعض الصلاحيات إلى السلطة التشريعية بحيث يتولى البرلمان إعلان الحرب وتعيين أعضاء المحكمة الدستورية وتنحية رئيس الجمهورية وتعيين حاكم المصرف المركزي.
ونصت المادة 44 لمسودة المشروع ، "تتولى جمعية الشعب الاختصاصات الآتية: إقرار مسائل الحرب والسلام، تنحية رئيس الجمهورية من المنصب، تعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا، تعيين رئيس البنك الوطني السوري وإقالته من المنصب".
يذكر أن الدستور الحالي لا يمنح البرلمان هذه الصلاحيات.
وجاء في البند الرابع من المادة العاشرة لمسودة المشروع ، "تكون القوات المسلحة وغيرها من الوحدات المسلحة تحت الرقابة من قبل المجتمع وتحمي سورية ووحدة أراضيها ولا تستخدم كوسيلة اضطهاد السكان السوريين ولا تتدخل فى مجال المصالح لسياسية ولا تلعب دورا في عملية انتقال السلطة".
وأبرزت المسودة الروسية لمشروع الدستور السوري الجديد على سمو القانون الدولي والمعاهدات التي تقرها سورية واعتبارها جزءاً أساسياً من النظام القانوني للدولة.
وجاء في البند الثالث من المادة السابعة لمسودة المشروع ، "تكون مبادئ وأحكام القانون الدولي المعترف بها ومعاهدات سورية الدولية جزءا لا يتجزأ من نظامه القانوني. ان كانت معاهدة دولية لسورية تحدد قواعد أخرى مما يحددها القانون فيتم استخدام قواعد معاهدة دولية".
وأبقت المسودة الروسية لمشروع الدستور السوري على مدة ولاية رئيس الجمهورية والمحددة بسبع سنوات مع إمكانية الانتخاب لولاية تالية.
ولم تشر المسودة الروسية لمشروع الدستور السوري الجديد إلى حقّ رئيس الجمهورية بحلّ المجلس النيابي، كما لم تشر إلى إمكانيته تعيين نائب
رئيس له.-(وكالات)