مشروع "كلمة" يترجم "اختراع الطبيعة" لأندريا وولف

im5gw6e9
im5gw6e9

عمان- الغد- أصدر مشروع "كلمة" للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي كتاباً جديداً بعنوان: "اختراع الطبيعة: مغامرات الكسندر فون هومبولت" تأليف: أندريا وولف، ونقلته إلى العربية عبلة عودة.اضافة اعلان
وكان ألكسندر فون همبولت العالم الأبرز في وقته، وقال الكثير من معاصريه إنه كان الشخص الأشهر في ذلك الوقت بعد نابليون، وما تزال هناك حتى الآن في جميع أنحاء الأميركتين والعالم الناطق بالإنجليزية مدن وأنهار سميت باسمه جنباً إلى جنب مع سلاسل الجبال والخلجان والشلالات، ومئات الأنواع من النباتات والحيوانات، بل وحتى على سطح القمر هناك منطقة تسمى مار همبولتيانوم.
أما اليوم، فيبدو للمتتبع وكأن اسم هومبولت قد طواه النسيان خارج بلاده الأصلية ألمانيا ووطنه الثاني، أميركا الجنوبية، وهذا تحديدا هو السبب الذي دفع المؤلفة أندريا وولف إلى وضع هذا الكتاب الذي أرادت من خلاله إعادة تسليط الضوء على هذا العالم والرحالة الفذ، والتذكير بمنجزاته التي تبدو لنا الآن بديهية ولا تستحق الانتباه، غير أن أعماله ومكتشفاته في مجال الطبيعة والكون، كانت بدون شك حجر الأساس الذي قام عليه علم البيئة الحديث.
ولد هذا العبقري الفذ في العام 1769 في بروسيا لأب مسؤول في المحكمة البروسية وأم قوية الشخصية جعلت من تعليم أبنائها العلوم الحديثة في ذلك الوقت هدفا لا محيد عنه، فجلبت لهما عدداً من أساتذة عصر التنوير المعروفين للإشراف على تعليم ألكسندر وأخيه فيلهلم. كان ألكسندر في شبابه المبكر شديد الطموح، سليط اللسان تحركه رغبة قوية في اكتشاف العالم لم يستطع تحقيقها إلا بعد وفاة والدته.
تأسست حياة ألكسندر العلمية والمهنية على الرحلة الأهم التي قام بها إلى أميركا الجنوبية التي بدأها العام 1799 برفقة صديقه عالم النبات الفرنسي إيمي بونبلان، وهي الرحلة التي تشكل العمود الفقري لكتاب أندريا وولف "اختراع الطبيعة" لا سيما رحلته لتسلق جبل "شيمبورازو" الموجود في الإكوادور.
استلهم هومبولت نظريته في تكامل النظام البيئي العالمي ووحدته من المشاهد التي رآها عند وصوله إلى قمة شيمبورازو، فقد رأى بوضوح تأثير المناخ والارتفاع عن سطح الأرض على توزيع النبات والحيوان في منطقة الإنديز بأكملها.
وصل هومبولت وفريقه في هذه الرحلة إلى مناطق لم تكن معروفة للأوربيين من قبل، فجاب مناطق شاسعة في فنزويلا والإكوادور وكوبا وغيرها. تتبع هومبولت أيضا مسار نهر أورينوكو العظيم، وكان أول من سجل التقاءه بنهر الأمازون عبر أحد روافده. كما عبر الغابات الاستوائية بمعدات بدائية وأجهزة بسيطة كانت تُعدّ الأحدث حينها، وواجه أخطارا حقيقية بسبب الطقس والحشرات والحيوانات المفترسة طوال فترة الأعوام الخمسة التي قضاها في أميركا الجنوبية قبل أن يعود إلى أوروبا محملا بآلاف الملاحظات والجداول والعينات التي جمعها، فكانت جميعها نواة لعدة كتب وضعها فيما بعد.
تأثر بهومبولت عشرات الكتاب والفنانين والعلماء الذين عاصروه وخلفوه كذلك، فساروا على خطاه ليكملوا ما بدأه في مختلف العلوم. كان من هؤلاء تشارلز داروين الذي اعتمد على كتاب "السرد الذاتي" وكتب أخرى لهومبولت في رحلته الأولى على ظهر السفينة "بيغل". وقد جمع داروين في هذه الرحلة من الملاحظات التي كانت نواة لكتابه الثوري " أصل الأنواع". تأثر بكتابات هومبولت كذلك عدد من الناشطين الأوائل في مجال حماية البيئة والمحافظة عليها مثل جورج بيركنز مارش وجون موير الذي نادى بإقامة المحميات في أميركا الشمالية للمحافظة على الطبيعة البكر بعيدا عن عبث البشر.
ألّف ألكسندر هومبولت عشرات الكتب، وكتب عددا كبيرا من المقالات التي ألهمت الكثيرين فيما بعد مثل كتاب "السرد الذاتي" وكتاب "آراء في الطبيعة" و"مقالات سياسية حول مملكة إسبانيا الجديدة". غير أن كتابه الموسوعي "كوزموس" يبقى بدون شك علامة فارقة في مسيرته بسبب تنوع المواضيع التي تناولها في خمسة مجلدات أنهى آخرها قبل أيام من وفاته وهو في التسعين من عمره العام 1859.
أندريا وولف، مؤرخة وكاتبة تعيش في بريطانيا. ولدت وولف العام 1972 في مدينة نيودلهي في الهند، ودرست تاريخ التصميم في كلية الفنون الملكية في لندن. لها كتب عدة مثل "عدن الأخرى: سبع حدائق رائعة وثلاثمائة سنة من التاريخ الإنجليزي" و"الإخوة البستانيون: النبات، والإمبراطورية، وبداية الاستحواذ". فاز كتابها "اختراع الطبيعة" بجائزة الجمعية الملكية الجغرافية العام 2016.
المترجمة عبلة عودة، أكاديمية ومترجمة تعمل في التدريس في قسم الدراسات العربية والإسلامية في جامعة إكستر، المملكة المتحدة. حاصلة على شهادة الماجستير في اللغويات والترجمة من جامعة باث- إنجلترا، وهي عضو مؤسس في الجمعية الأردنية للمترجمين واللغويين التطبيقيين في عمان. لها كتب مترجمة ومنشورة عدة من خلال مشروع "كلمة" منها: مذاق الزعتر، ثقافات الطهي في الشرق الأوسط، الحائز جائزة أحسن كتاب مترجم للعام 2010 من جامعة فيلادلفيا في عمان- الأردن، وكتاب "تكايا الدراويش"، وكتاب "الاستشراق والقرون الوسطى"، وكتاب "السحر الأغرب"، وكتاب "الحزن الخبيث".