مشروع لإنشاء صندوق استثماري سيادي الحلقة المفقودة

غسان الطالب*

البيان الوزاري الذي ألقته الحكومة أمام مجلس النواب الحالي، قال رئيس الوزراء: "إن الحكومة تدرس بجدية إنشاء صندوق سيادي استثماري، تساهم فيه الحكومة والصناديق الاستثمارية الخارجية، ويكون مفتوحاً للمغتربين الأردنيين"، وأضاف "سيخضع هذا الصندوق لجميع معايير الحاكمية الرشيدة والرقابة والشفافية، وجميع الإجراءات اللازمة لتحقيق الأهداف المرجوة والمتوخاة منه في تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي بأفضل وجه".
إلى هنا نحن متفقون مع الحكومة بأن فكرة إنشاء صندوق استثماري سيادي من شأنه أن يكون رافدا مهما لاقتصادنا الوطني وسيعمل على توظيف جزء من ثرواتنا الوطنية المشتتة خاصة اذا دخل في شراكة مع القطاع الخاص، ثم تحفيز الاستثمار المحلي وجاذب كذلك للاستثمار الخارجي، هنا لا نشكك في نوايا الحكومة وجدية هذا المشروع، لكن من حقنا أن نتساءل أين أصبح مشروع الصندوق السيادي الأردني الذي وجه جلالة الملك الحكومة في خطابه لمجلس الأمة في الدورة العادية الثالثة في 15 تشرين الثاني 2015، للمباشرة بتقديمه؛ حيث قال: "ونؤكد هنا أن الوقت قد حان للحكومة لتقديم مشروع قانون لمجلسكم الكريم، لإنشاء صندوق استثماري أردني، يستقطب استثمارات البنوك والصناديق السيادية العربية ومؤسسات القطاع الخاص والأفراد، في مشاريع وطنية تنموية وريادية، تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني وعلى المساهمين في هذا الصندوق"، إذا الهدف من إنشاء الصندوق واضح، وهو المساهمة في تقديم تمويل لمشاريع وطنية وريادية وتعمل على جذب المدخرات وتوظيف فائض السيولة لدى الجهاز المصرفي والمؤسسات المالية، إضافة الى التطلع لاستقطاب استثمارات الصناديق السيادية العربية التي تتوفر لديها الرغبة في الاستفادة من فرص الاستثمار في الأردن، ولاحقا لهذا التوجيه الملكي، فقد صدر قانون رقم (16) لسنة 2016 بمقتضى المادة (31) من الدستور الأردني سمي قانون صندوق الاستثمار الأردني ثم وشح بتوقيع جلالة الملك عبدالله الثاني ونشر في الجريدة الرسمية.
إذا ما الجديد في مشروع الحكومة هذا، اذا كان المشروع نفسه قد أقر قبل خمسة أعوام وصدر له قانون ولا نعلم ما مصيره، هل ما يزال في أدراج الحكومة متسع لمشاريع برسم التنفيذ، نتفق مع الحكومة بأننا بحاجة إلى استثمار الإمكانات المتاحة كافة والثروات المتوفرة لدينا وتطوير القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، وهذا لن يتم إلا اذا توفرت لدينا الأدوات الاستثمارية التي توظف الطاقة الادخارية للمجتمع؛ حيث تأتي أهمية قيام مثل هذا الصندوق في استقطاب صغار المستثمرين وتوجيه مدخراتهم الى الاستثمار الحقيقي الذي يوفر لنا فرص عمل جديدة ويخفف من وطأة الفقر، نعم نحن بحاجة لصندوق استثماري يساعد اقتصادنا على التعافي من آثار جائحة كورونا التي اجتاحت الاقتصاد العالمي، نعم نحن بحاجة موارد مالية لتمويل المشاريع الإنتاجة سواء المتعثرة أو التي ما تزال فاعلة، نعم نحن بحاجة إلى استثمار الإمكانات المتاحة كافة والثروات المتوفرة لدينا وتطوير القاعدة الإنتاجية للاقتصاد، القانون موجود والتشريعات النظمة له متوفرة، فماذا أنتم فاعلون؟.
ومن هذا المنطلق، فإننا نتطلع لدور المصارف الإسلامية العاملة في الجهاز المصرفي الأردني لما يتوفر لديها من الإمكانات الكافية للمبادرة في تشكيل النواة لهذا المشروع الوطني، وهي كذلك فرصة مناسبة لتوظيف فائض السيولة لديها، فهو واجب ديني وأخلاقي واجتماعي تمليه عليها المبادئ التي على أساسها قامت فكرة هذه المصارف الإسلامية، ومن المنطقي أنها تبحث عن تحقيق الربح كونها مؤسسات استثمارية ربحية، تعمل على توظيف مدخرات المجتمع ورؤوس الأموال التي تبحث عن الاستثمار وفق أسس وضوابط الشريعة الإسلامية.

اضافة اعلان

*باحث ومتخصص في التميل الإسلامي