مشكلات القطاع الطبي.. المسؤولية مشتركة

عندما تقوم وسائل الإعلام المختلفة، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي، بتسليط الضوء على قضية طبية معينة، كحدوث حالة وفاة، سببها قد يكون خطأ طبيا، فإن ذلك حتمًا لا يعني الإساءة للسمعة الطبية الأردنية، ولا يُقصد منها الهجوم على الأطباء دون وجه حق. فعند حدوث خطأ طبي، يذهب ضحيته إنسان، تلقائيًا يبدأ الرأي العام بالتأكيد على وجود خلل واضح في المنظومة الطبية، والتي تشمل الطبيب وإدارة المستشفى من ناحية، والحكومة، ممثلة بوزارة الصحة، من ناحية ثانية. فالفئة الأولى (الطبيب وإدارة المستشفى)، يتم كيل الاتهامات لها من قبل المواطنين بأنها غير كفؤة، ولا تقوم بواجبها على أكمل وجه، الأمر الذي قد يتسبب في إزهاق أرواح أبرياء، أو التسبب بعاهات مستديمة. بينما تقوم هذه الفئة، بالرد على تلك الاتهامات، بتصريحات وكلام «مستهلك»، اعتاد عليه المواطن الأردني، نستطيع أن نُطلق عليه «اسطوانة مشروخة»، يتمثل بأن الطبيب يتعرض لضغوطات جراء اكتظاظ المرضى، بشكل يفوق طاقته، فضلًا عن قلة عدد الاختصاصيين في المستشفيات الحكومية. أما الفئة الثانية (وزارة الصحة)، فتصريحاتها عند حدوث مثل تلك المشكلات، بات يعرفها الصغير قبل الكبير، والتي تتمثل بعدم القدرة على تعيين أطباء جُدد، بحجة عدم وجود ميزانية كافية. وفي هذه الكلمات، نُسلط الضوء على أسباب المشكلات التي يُعاني منها القطاع الطبي العام، إن جاز التعبير.. فلا أحد يشك للحظة واحدة، بأن المسؤولية مشتركة، تبدأ من المواطن نفسه، مرورًا بالطبيب وإدارة المستشفى، وانتهاء بالحكومة، ممثلة بوزارة الصحة. المواطن نفسه، مُطالب بأن يكون لديه حس عال بالمسؤولية، فهناك نسبة ليست بقليلة من المواطنين يراجعون المستشفيات الحكومية والمراكز الصحية، لأسباب بسيطة جدًا.. فعلى سبيل المثال لماذا كل من يشعر بوعكة صحية «عادية»، كارتفاع درجات حرارته أو إصابته بـ»انفلونزا» موسمية، يذهب للطبيب، ويقف في طابور مرضى، قد يكونون بحاجة للعلاج والدواء أكثر منه. من خلال زرع ثقافة الوعي وتحمل المسؤولية في أنفس المواطنين، وأن هناك أناسا مُحتاجون للعلاجات الطبية ومراجعة المستشفيات، كونهم يُعانون من أمراض تتوجب مثل ذلك، نستطيع بعد ذلك الحد من اكتظاظ المرضى، وتخفيف الثقل عن كاهل الطبيب، كي يقوم بواجبه، على أكمل وجه، ضمن طاقته وقدرته. النقطة الثانية، تتمحور حول إدارة المستشفى، والتي من الصواب أن يكون لديها استراتيجية أو خطة، تُوزع من خلالها جهد الأطباء على أقسام المستشفى، خصوصًا أقسام الطوارئ.. فما يُضير أن يكون هناك «مناوبة» لأكثر من طبيب اختصاص في أقسام الإسعاف والطوارئ؟ على سبيل المثال يوم واحد في الأسبوع، بالإضافة إلى دوامه المُعتاد في عيادته داخل المستشفى. النقطة الثالثة، تُركز على وزارة الصحة، والتي يتوجب عليها تأمين الميزانية المالية المناسبة، من أجل توفير علاج ودواء، للمريض الذي يُعاني، فضلًا عن ضرورة توفير الاختصاصيين، وذلك أمر سهل، فما هو المانع من إلزام الاختصاصيين على الخدمة لعدة أعوام، جراء ما تُقدمه لهم من تسهيلات للحصول على الاختصاص؟ فهذا معمول به في كثير من المؤسسات، وعلى رأسها الجامعات، التي تبتعث طلبة للحصول على درجة الدكتوراه مقابل إلزامهم بخدمة في الجامعة لعدة أعوام. من خلال اقتناع الجميع بأن المسؤولية مشتركة، يكون قد تم القضاء، على الأقل، على 85 بالمائة من مشكلات القطاع الطبي، والتي باتت تؤرق الأردنيين، مواطنين ومسؤولين، فضلًا عن المحافظة على السمعة الطبية الأردنية، التي تحققت على مدار الأعوام الماضية، ولم تذهب هباء منثورًا.اضافة اعلان