مصادر: رفع أسعار المياه بداية العام المقبل

عداد مياه تابع لأحد المنازل - (أرشيفية)
عداد مياه تابع لأحد المنازل - (أرشيفية)

إيمان الفارس

عمان- تعتزم الحكومة رفع أسعار المياه بشكل "تدريجي" على مختلف شرائح الاستهلاك، اعتبارا من الأول من كانون الثاني (يناير) المقبل، وفق مصادر حكومية مطلعة.اضافة اعلان
وكشفت المصادر، التي طلبت عدم نشر اسمها لـ"الغد" أمس، عن أن مجلس الوزراء أقر رفع أسعار المياه بما قيمته 65 قرشا شهريا على شرائح الاستهلاك الدنيا، وذلك بما يعادل دينارين في الدورة الواحدة (كل ثلاثة أشهر)".
وأوضحت "أنه سيتم رفع أسعار المياه على شرائح الاستهلاك العليا بما تتراوح قيمته بين 3 إلى 4 دنانير في الدورة الواحدة.  
وقالت إن "الاضطرار لاتخاذ هذه الخطوة واللجوء لخيار رفع أسعار المياه، جاء نتيجة الحاجة لتحسين تحصيلات المياه، وعكس ذلك على جودة الخدمة المقدمة للمواطن، وإمكانية تغطية جزء من نفقات التشغيل والصيانة المتعلقة بالمياه التي تعاني عجزا ماليا متزايدا". 
وأعادت تقديرات الأرقام الرسمية لوزارة المياه والري بشأن ارتفاع قيمة استهلاك الطاقة الكهربائية المصروفة على المياه المتوقعة اعتبارا من العام الحالي حتى العام 2017، والبالغة نحو 54 مليون دينار، طرح سيناريوهات آنية تتعلق بإعادة النظر في تعرفة المياه بشكل تدريجي.
وجددت تلك التقديرات، والتي اطلعت عليها "الغد"، احتمال لجوء الحكومة لخيارها المبني على رفع أسعار المياه، فما أكدت المصادر الحكومية نفسها قرب اتخاذ قرار تعديل أسعار المياه وفق ترتيب الشرائح كلها وليس على أساس التعرفة بعينها.
وفيما لا يزال ارتفاع أسعار الطاقة مستمرا، لم يعد قطاع المياه قادرا على تغطية نفقات التشغيل والصيانة المتعلقة بخدمة المياه المقدمة للمواطنين، سيما وأن الحكومة، ممثلة بالوزارة لم تعمل على المساس بتعرفة المياه واستمرت بدعم سعرها رغم ارتفاع التعرفة الكهربائية على فترتين منفصلتين خلال الأعوام الماضية، إلا أن ذلك لا يلغي طبيعة ارتباط رفع أسعار المياه بشكل أو بآخر بارتفاع أسعار الطاقة الكهربائية، وفق المصادر.
وبالعودة إلى قرارات الحكومة برفع تعرفة الطاقة الكهربائية، وانعكاسها بشكل مباشر على زيادة تكلفة إنتاج المياه بنحو 34 مليون دينار، استمرت الحكومة بدعم سعر المياه، غير أن ذلك لم ينعكس ذلك على المواطنين.
وتشمل أي دراسة لإعادة هيكلة أسعار المياه، توصيات من شأنها تقييم الوضع الراهن وإمكانية التعديل مع مراعاة شرائح الاستهلاك الصغرى، ليتم رفعها لمجلس الوزراء للنظر فيها وتقييم إمكانية تطبيق توصياتها من عدمه.
وبحسب المصادر، فإن تقدير القيم المترتبة على استهلاك المياه للطاقة، تتم بناء على زيادة عدد محطات المياه المتوقعة بمرور الأعوام المقبلة، ونسبة النمو السكاني، علاوة على كلف المياه المتزايدة والناجمة عن ارتفاع أسعار الطاقة الكهربائية.
وفيما قدرت تلك التقارير أن يبلغ مجموع قيمة الاستهلاك، إثر زيادة أسعار الطاقة الكهربائية المترتبة على سلطة المياه والشركات التابعة لها ("مياهنا"، و"اليرموك"، و"العقبة"، و"الديسي")، خلال العام نحو 161.2 مليون دينار، توقعت أن تصل نظيرتها المترتبة عن ذلك خلال العام 2017، إلى حوالي 214.4 مليونا.
وكشفت دراسات الوزارة عن ارتفاع قيمة الاستهلاك الناجم عن زيادة أسعار الطاقة الكهربائية منذ العام 2013 حتى العام 2015، بما قيمته حوالي 57.2 مليون، مبينة أنها بلغت نحو 104 ملايين دينار العام 2013، ثم وصلت إلى حوالي 161.2 مليون خلال العام الحالي.
وبينت أن قيمة استهلاك سلطة المياه والشركات التابعة العام 2010، بلغ 53 مليونا، منوهة إلى أن نسبة استهلاك قطاع المياه من الكهرباء لمجموع الاستهلاك الكلي في المملكة، يبلغ 12.4 %، حيث يستهلك قطاع المياه 1612 جيجا من أصل 13 ألفا.
وقالت إن الحكومة تتكبد حاليا ما قيمته 135 قرشا للمتر المكعب الواحد واصلا المواطن، بما فيها القيمة التي تدفعها للشركة التركية المنفذة لمشروع الديسي البالغة حوالي 90 قرشا عن المتر المكعب الواحد واصلا خزان مياه دابوق، في وقت لا يتجاوز فيه ما تجبيه الوزارة من المواطن بين 45 و50 قرشا، ما يعتبر تكلفة عالية لإنتاج المياه.
في المقابل يرى مراقبون أن قرار إجراء صياغة جديدة لمعادلة تعرفة المياه يبقى مرتبطا بنواح علمية وحسابية واقتصادية صعبة، وعليه فإن المطلوب من الحكومة، ممثلة بالوزارة أن تطرح موازنة تحقق العدالة لاستحقاق جزء من تكاليف تشغيل وصيانة وضخ المياه المترتبة عليها من جهة، وتقيّم في الوقت نفسه قدرة المواطن على الدفع من جهة أخرى، وفق المصادر ذاتها.
واعتبروا أن "من الواضح أن عزوف الممولين الدوليين عن تقديم مساعداتهم للمساهمة في تنفيذ مشاريع تحسين التزويد المائي في المملكة ورفع كفاءة المياه، بدا جليا مؤخرا، وذلك لأسباب تعود إلى عدم قدرة الحكومة على تغطية تكاليف التشغيل والصيانة للمياه".
كما اعتبروا أن قرار رفع تعرفة المياه هو قرار "سياسي بالدرجة الأولى وليس اقتصاديا"، فيما تبقى سيناريوهات تعديل الأسعار قائمة خلال الأعوام المقبلة، نتيجة الكلف المالية العالية الناجمة عن جلب مصادر مياه جديدة لمختلف المناطق، وبالتالي فإن الحكومة قد تلجأ لخيار تعديل تعرفة المياه وفق برنامج وبشكل تدريجي، بسبب تزايد فجوة الاحتياجات المائية بالمملكة والحاجة للبحث عن مصادر مياه جديدة وإيصالها لكافة المواطنين.
وتعاني المملكة، التي تصنف ثالث أفقر دولة على مستوى العالم بالمياه، وضعا مائيا حرجا وسط تزايد تدفق اللاجئين السوريين ومواجهتها لبعض القضايا الإقليمية.
وكشف وزير المياه والري د. حازم الناصر، في تصريحات سابقة، عن عجز المصادر المائية المتاحة بالمملكة لتغطية المستفيدين منها بشكل كامل، مشيرا إلى أنها لا تكفي لما يتجاوز 3 ملايين فيما يرتفع عددهم حاليا عن 10 ملايين.
ويأتي إقرار مجلس الوزراء مؤخرا، اعتماد وثيقة سياسة كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في قطاع المياه التي أعدتها الوزارة، في وقت تركز فيه استراتيجية قطاع المياه، على تقليل حجم الإنفاق والاستهلاك للطاقة، حيث تشكل الطاقة الكهربائية المستهلكة في قطاع المياه حوالي 14 % من حجم الاستهلاك الكلي للطاقة بالمملكة.
وينطوي برنامج عمل سياسة كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في قطاع المياه عمل على جزأين، أحدهما يتعلق برفع كفاءة الطاقة في محطات المياه القائمة والعاملة، والأمور المتعلقة بالطاقة المتجددة، والآخر يتعلق بإنشاء محطة طاقة مركزية خلال الأعوام المقبلة (محطة الطاقة الشمسية).
واشتملت الخطة على بند تطوير محطات ضخ المياه اللامركزية، وهي التي تستهلك طاقة كبرى كمحطة ضخ الأزرق، والزارة- ماعين.
وتعد الوثيقة أحد أهم أجزاء الخطة العشرية المتعلقة بقطاع المياه التي تم تقديمها لرئاسة الوزراء اعتبارا من العام 2015 حتى 2025.
وتعمل السياسة الجديدة لقطاع المياه على خفض استهلاك الطاقة بنسبة 15 % والمقابلة لـ0.46 كغم من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لإنتاج كل متر مكعب من المياه وزيادة حصة موارد الطاقة المتجددة في استهلاك الطاقة 10 % والمقابلة لتوفير كلي يقابل 0.26 كغم من ثاني أكسيد الكربون.